رئيس التحرير
عصام كامل

"الرزق يحب الخفيّة".. مقهى يبيع مشروبات رمضان بسبب كورونا في حلوان | فيديو وصور

علاء الصعيدي
علاء الصعيدي

لم يكن يتوقع وهو يشاهد في تليفزيون مقهاه ما يذاع من أخبار تخص فيروس كورونا والدول التي تضررت منه أن مصر يمكن أن يصيبها هذا الوباء.. بل لم يكن يتخيل أبدا أن يكون هو ومن يعمل معه في هذا المجال من أشد المتضررين من جراء هذا الفيروس، فأحداث ثورة يناير وما تلاها من أحداث عظام أثرت على معظم القطاعات في مصر لكنها لم تؤثر على عمله، بل كان يبيت في عمله حتى الصباح مثل سائر أيامه العادية. 

 

علاء الصعيدي صاحب مقهى روتانا لأكثر من عشر سنوات متتالية فى منطقة حلوان.. مقهاه عبارة عن محل إيجار لها شهادة مزاولة نشاط وبطاقة ضريبية ومسجلة منذ 2010 فى مصلحة الغرف التجارية.. رزقه منها مقسم بينه وبين صاحب العقار المؤجِر له والعاملين بقهوته والذين يمدونها بالمؤن علاوة على ما يدفعه للكهرباء والمياه وبعض الخدمات الأخرى، لذلك هو لم يستطع أن يدخر من مقهاه الكثير الذي ينفعه فى هذه الأزمة الحالية لأنه كان يعيش منها على "رزق اليوم بيوم" .

 

علاء ملزم بدفع المصاريف الدراسة لأولاده بالمدراس وأن يعالج عماله إذا استدعى الأمر ذلك وملزم بمساعدة أهله وأخوته الذين يحتاجون الى المساعدة فى تجهيزهم للزواج، ولهذا فعلاء لم يكن يحب الأجازات الرسمية كثيرا مثل الأعياد وشم النسيم وغيرها لأنها تؤثر عليه فغلق قهوته حتى ولو ليوم واحد يمكن أن يهبط بدخله بنسبة كبيرة بالرغم من أن لديه مصاريف وعمالة ثابتة غير متأثرة بالإجازات. 

 

قبل شهر رمضان كان علاء ملتزما بالحظر، وأغلق قهوته وبحث عن عمل أخر ولو باليومية في أحد المحلات وبالفعل وجد عملا في سوبرماركت مقابل خمسمائة جنيها أسبوعيا ومكث فيه ثلاثة اسابيع ولكن مع بداية شهر رمضان بدأ علاء يحن إلى مكانه الذي وجد فيه نفسه "قهوته" فهو خارج هذا المكان يجد نفسه وحيدا لا يعرفه أحد على عكس ما كان معتادا في محل عمله سابقا، فقد كان معتادا على تبادل التحية مع الناس منذ باب منزله حتى وصوله إلى قهوته.

كانت هذه حياة علاء التي يحبها وقد أحس بقيمة هذه الأشياء البسيطة فقط عندما افتقدها خلال عمله بالسوبر ماركت ففقد معها إحساسه بحب الناس الذي كان لا يقدر بثمن.

من هنا بدأ علاء يتساءل ماهو الشئ الأقل تكلفة ويصلح لشهر رمضان وفى نفس الوقت يمكنه أن يأكل منه هو وأطفاله ومساعدوه في المقهى، ولم يجد شيئا آخر أفضل من السوبيا والتمر هندى والعرقسوس كمشروبات رمضانية فاستعان بأحد معارفه الذي ساعده على جلب الخامات التى يحتاجها بالإضافة إلى أنه كان لديه خامات أخرى من قبل مثل السكر والعدة التى تساعده بالاضافة الى المكان الذي يعرض فيه المشروبات للبيع ـ المقهى سابقا ـ

هو ليس متاكدا من تكاليف زجاجة العصير الواحدة عليه وما تدره عليه من ربح ولكنه راض بما توفره له من نفقاته هو والذين يعملون معه .

 

وقال علاء انه يتمنى أن يمر رمضان عليه بدون مشاكل ويكفي فقدان الشعور بالأجواء الرمضانية كما افتقد مع الناس الإحساس الخاص بيوم الجمعة ايضا.

 

علاء ـ رغم وضعه الراهن وما يسببه له من خسائر ـ ملتزم بإجراءات الوقاية وما يستتبعها من حظر حتى يحافظ على نفسه وأطفاله وهو يرى أن غياب الحظر لن يكون آمنا على الناس نظرا لحالة الإهمال والتسيب التي تبدو في ممارسات بعض الناس مع بعضهم البعض، وهو لا يشكك بدور الحكومة فى احتوائها للأزمة حتى لا ينتشر المرض فى مصر وتتزايد أعداد المصابين كما حدث في بعض الدول الأخرى.

يرى علاء أن الحكومة كان لابد لها ان تتخذ هذه الإجراءات الاحترازية حرصا منها على سلامة المواطن وحتى يلتزم إجباريا من هم غير ملتزمين بإجراءات الوقاية لكنه في ذات الوقت يتمنى أن تقوم الحكومة بفك الحظر بشكل تدريجي لتيسير سبل عيش المواطنين حتى يستطيعوا كسب رزقهم.

كما يرى علاء أن أصحاب المقاهي هم أكثر القطاعات تضررا بالحظر فبعضهم استدان من البنوك حتى يفتتح قهوته ولكن سرعان ما أغلقوا بسبب الحظر ووقعوا فى أزمة دفع أقساطهم وسداد قروضهم المستحقة عليهم أما بالنسبة له فهو غير مدين لأحد، ولكنه مر بأزمة مالية لأن رزقه كان يمشى يوما بيوم مما اضطره لبيع خاتم زوجته الذى أحضره لها عند زواجهما ولكن رغم ذلك هو يشعر بالرضا لأنه ليس مدينا لأحد.

مر صاحب العمارة عليه ليسأله عن إيجار المقهى، لكن لم يستطع علاء إجابته إلا بهذه الجملة ( والله ماعارف انا وانت بناكل من طبق واحد لو ربنا أراد وعرفنا ناكل تانى كان بها.. ولو ماعرفناش اللى انت شايفه.. انت صاحب الملك واللى انت عايزه اعمله ) صاحب العقار لم يمر عليه فى شهر أبريل بأكمله نظرا للظروف التى يمر بها علاء، كما أنه كان معتادا على دفع إيجاره بانتظام طوال العشر سنوات السابقة التى عمل بها حتى مر عليه مؤخرا وسأله على إيجار الشهرين المتأخرين ولكن علاء وجد صعوبة فى ذلك .

وقال علاء: اتمنى أن اتعامل معاملة المحلات التجارية التى تكسب رزقها رغم الحظر وأن اشارك فى حركة الإنتاج فى البلد ولكن بسبب هذا الوضعانا مضطر الى الاستدانة “هو انا اللى مسبب الكورونا فى البلد؟”.

 

واضاف علاء: الحكومة لم تراع عند غلقها المقاهي عدد العاملين بها أو أن تعوضهم عن خسائرهم خاصة كما انتي لم احصل على منحة العمالة غير المنتظمة ولا اعرف كيف سأدبر رزقي ورزق عمالي بعد رمضان .

 

وتابع علاء: “المقاهى بريئة من نقل المرض لأنه بالرغم من غلقها تزداد الحالات المصابة بفيروس كورونا كل يوم”.. على حد قوله.

 

وقال: الحكومة لن تخاف على المواطن أكثر من نفسه فمن يخشى على نفسه لن يذهب إلى المقهى ليشرب شيشة مكان أحد او يشرب من كوب شرب منه آخر.. المواطن سيقرر الجلوس من تلقاء نفسه فى المنزل حتى يحافظ على نفسه وصحته.

كما يرى علاء أن التجمعات تحدث بشكل أكبر في أماكن غير المقاهي، وقال: هناك بعض المصالح الحكومية والخاصة قد تتعدى فى ازدحامها مائة او مائة وخمسين فردا ولكن المقهى تحتوى على خمسين فردا كحد اقصى .

وقال علاء: استبعد انتقال العدوى عن طريق المقاهي والحكومة يمكنها أن تلزمهم حينها بعدد معين من الأفراد داخل المقهى الواحد كما أنني مستعد أن اقدم المشروبات فى أكواب كرتون كحل من الحلول لتيسير الأمر، فالوقاية تاتى من داخل الشخص وليس فرضا عليه من أحد فحتى الآن الناس تستقبل بعضها البعض حاليا بالقبلات والأحضان  .

واضاف: الأرزاق بيد الله وحده ويكفى بالنسبة لي أني بصحة جيدة مع وأسرتي ولدي القدرة على العمل فى أى مجال وهذه الأشياء افضل عندي من الأموال لانها لا تقدر بثمن واتمنى ان تنتهى هذه المحنة في القريب العاجل . 

الجريدة الرسمية