رئيس التحرير
عصام كامل

اليوان قادم فهل نحن مستعدون؟

 أتمنى أن يقرأ المسئولون الاقتصاديون في مصر هذه الكلمات بعناية؛ لأن ما فيها سيترتب عليه حقائق مذهلة في وضع الاقتصاد المصري والعالمي بشأن اليوان الصيني ومنافسته القوية للدولار..

 

ففي يوم 1 من أكتوبر عام 2016 أعلن صندوق النقد الدولي دخول اليوان الصينى ضمن سلة عملات حقوق السحب الخاصة للصندوق، بجانب الدولار والجنيه الإسترلينى واليورو والين اليابانى، ووقتها وقع البنك المركزي اتفاقية ثنائية لمبادلة العملات مع البنك المركزي الصيني، بمبلغ إجمالي 18 مليار يوان صيني مقابل ما يعادله بالجنيه المصري.

 

كما قامت هيئة قناة السويس وقتها بضم عملة الصين "اليوان" إلى سلة عملات "قناة السويس"، بعد قرار صندوق النقد الدولي، حيث أصبحت قناة السويس تضم 5 عملات بدلًا من 4، وظل نصيب الدولار كما هو، بحيث يقتطع اليوان الصيني نصيبه من الين الياباني والجنيه الاسترليني واليورو.

 

وقد وقعت الصين هذه الاتفاقية لأنها ستستفيد برجوع هذه الأموال إليها مرة أخرى من خلال شراء منتجات وخدمات من الصين بقيمة الـ18 مليار يوان. أما الاستفادة التي تم توقيع الاتفاقية من أجلها فهو أن مصر يصبح لديها احتياطي من اليوان والتى تعد عملة عالمية بعد دخولها إلى سلة العملات في صندوق النقد، وتستطيع مصر من خلال ذلك رفع احتياطي النقدي لها، وتخفف الضغط على العملات الأخرى.

 

اقرأ أيضا: خطورة أجهزة المحمول الرديئة

 

ورغم ذلك لم يدخل اليوان فعليا من وقتها مرحلة العملة العالمية التي من الممكن العمل بها دون الدولار، وظل الدولار هو المهيمن على سوق العملات، لكن مع السنوات السابقة من عام 2016 وحتى شهر إبريل 2020 ووضع اليوان تحت الاختبار، نجح بالفعل اليوان في اكتساب سمعة طيبة خاصة مع الكثير من العمليات الدولية التي جرت عليه من خلال الاستيراد او التصدير به -قبل أزمة كورونا–.

 

وكان اليوان من أكثر العملات استقرارا في سعر السوق؛ مما جعل الصين تطمح بشدة في جعله "عملة عالمية"، ما سيمنحها مزيداً من السيطرة على اقتصادها، مع تنامي قوتها الاقتصادية، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

 

وأخيراً، ومنذ أيام قليلة – في شهر إبريل 2020 - أعطى صندوق النقد الدولي الضوء الأخضر رسمياً لقبول العملة الصينية، اليوان، في سلة النقد الأجنبي للصندوق، أي اتخذ الصندوق القرار التنفيذي للعمل باليوان بعد القرار النظري الذي كان في 2016..

 

اقرأ أيضا: كورونا والاقتصاد العالمي وصناعة الدواء في مصر

 

ووفقاً لـ"رويترز"، فإنّ هذه الخطوة تمهّد الطريق أمام الصندوق لوضع اليوان ربما على قدم المساواة مع الدولار الأمريكي، في خطوة تهدد الدولار الأميركي كعملة احتياطية للعالم. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يوسع فيها صندوق النقد الدولي عدد العملات في سلة العملات الأجنبية. 

 

وهذا يعني أن العملة الصينية ستصبح الآن بديلا عالميًا قابلًا للحياة للدولار الأمريكي، وبمجرد أن يصبح اليوان بديلاً للدولار، تبدأ قواعد اللعبة في التغيير.

 

وهذه الخطوة الخطيرة لها مزاياها وعيوبها على الاقتصاد المصري الفردي والحكومي، فمن ناحية فالدولة تمتلك سندات دولارية وأوراق مالية وأسهم ضخمة، كما أن الأفراد لديهم مدخرات دولارية كبيرة وأسهم وغير ذلك بالدولار، ومع استقرار الدولار تكون فائدة هذه السندات والمدخرات مستقرة، لكن مع منافسة قوية لليوان ستبدأ الموجة في التحول نحو تلك العملة القوية الجديدة..

 

اقرأ أيضا: التأثير السلبي والإيجابي لارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار

 

مما ينذر بزلزال في الدولار قد ينجم عنه انهيارا كبيرا يأخذ قيمة السندات والمدخرات إلى الحضيض فينتج عن ذلك خسائر فادحة كارثية ليس في مصر وحدها بل في الكثير من الدول التي تعتمد على الدولار، وهي معظم دول العالم تقريبا، فهل أخذت الدولة في حسابها ذلك التحول الدراماتيكي المثير في سوق العملات والسندات والاقتصاد العالمي؟

 

ورغم أن أزمة كورونا بدأت في الصين، وكانت تنذر بالدمار الاقتصادي الصيني إلا أن الصندوق وفي ظل هذه الازمة اتخذ قراره بجعل اليوان عملة عالمية، وذلك بسبب أن الصين اجتازت الأزمة الصحية والاقتصادية بقوة كبيرة جدا مذهلة للعالم كله، جعلت امريكا تتهمها بأنها وراء فيروس كورونا بدليل تعافيها منه في وقت قصير..

 

لكن ذلك التعافي الصحي والاقتصادي شجع الصندوق على قراره باعتبار اليوان عملة عالمية؛ لأن الاقتصاد الصيني أثبت قوته وجدارته ومتانته في العالم، والعملة الصينية تستطيع أن تنقذ العالم من المخاطر التي تحيق بالدولار.

 

اقرأ أيضا: الجشعون يمتنعون

 

وقد لاحظ كبار رجال الأعمال في العالم تلك التغيرات في الدولار وعدم ثباته، وأن أيام الدولار الأمريكي –كما أكد بعض خبراء الاقتصاد في العالم- كعملة احتياط عالمية تقترب من نهايتها؛ مما ينذر بكارثة، فاتجه الكثير منهم إلى الطريقة التقليدية في حفظ الأموال وهي المعادن (الذهب والفضة) مما كان السبب في ارتفاع أسعار هذه المعادن في الفترة الأخيرة.

 

ورغم سلبيات التحول لليوان إلا أن إيجابيات ذلك أكثر على مصر – شريطة أن نعمل بقوة من أجل تعزيز اليوان في مصر- فأولا تعد مصر من أوائل الدول التي عقدت اتفاقيات بتبادل اليوان مع الجنيه وتكوين احتياطي باليوان، كما أن مصر تعتمد على الدولار اعتمادا كبيرا في الاستيراد والتحول لليوان سيخفف العبء الذي تتحمله الموازنة العامة من الاعتماد وتدبير الدولار..

 

كذلك نجد أن مصر لن تحتاج الدولار في الاستيراد من الصين التي تعد الشريك الأول في التجارة لمصر والمصدر الأساسي لها، وإذا علمنا أن حجم التبادل التجارى بين مصر والصين بلغت في آخر إحصاء له نحو 12 مليار دولار منها 700 مليون دولار فقط بشكل رسمى والباقى بشكل غير رسمى، فسوف نعرف حجم الضغط الذى يمارسه المستوردون على الدولار عند القيام بعملياتهم لتوفير الدولار من السوق السوداء.

 

الجريدة الرسمية