رئيس التحرير
عصام كامل

مفتي الجمهورية: إلغاء صلاة العيد «جائز شرعا» وقرار إقامتها بيد السلطات.. ولا يجوز تعريض حياة الناس للموت بحجة إقامة سنة (حوار)

الدكتور شوقي علام
الدكتور شوقي علام ..مفتي الجمهورية

البعض يلعب على استغلال العاطفة الدينية لدى عامة الناس وتعريض حياتهم للخطر بحجة إقامة السنة

 الالتزام بالقرارات الاحترازية عبادة شرعية يثاب الإنسان عليها

ننصح في ظل ما نمر به بأن يتم تأجيل العزومات العائلية خلال شهر رمضان حتى يزيل الله الغمة

نسعى لمواجهة الأفكار التكفيرية لجماعات الإرهاب من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للدار

نجاح مصر في مواجهة أزمة فيروس «كورونا» دفع التنظيمات الإرهابية لمحاولة ضرب الوحدة الوطنية عبر استهداف الكنائس المصرية

أي اجتهادات أو اختيارات فقهية لا يجب أن تمس المعلوم من الدين بالنصوص

 حسمنا الرأي الشرعي في «مناعة الصوم» من خلال لجنة علمية » الحديث عن أن «كورونا» عقاب من الله لا يصح لأنه أمر غيبي.. ونحن أمام نازلة تحتاج إلى فقه آخر يتوافق مع الواقع والحاجة 

 

في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها مصر والعالم أجمع في الفترة الحالية، بعد تفشى وانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) وما تبعه من إجراءات احترازية فرضتها الدولة لمواجهة الجائحة، يعيش المسلمون عامة والمصريون على وجه التحديد أجواء رمضانية مخالفة لما نعهده كل عام.

ولهذا كان لزاما على المؤسسات الدينية أن تتفاعل مع المتغيرات الجديدة التي تطرأ على روحانيات هذا العام، وهو ما استطاعت دار الإفتاء المصرية تحقيق السبق فيه من خلال تفاعلها السريع منذ بداية ظهور الوباء من خلال كافة وسائل اتصالها مع الجمهور. 

«فيتو» في إطار بحثها عن إجابات للعديد من الأسئلة التي فرضت نفسها بقوة خلال الأيام الماضية حول الصوم والصلاة أثناء الشهر الكريم، والرأي الشرعى لدار الإفتاء، التقت الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، للحديث عن أجواء رمضان هذا العام وما يتعلق به من أحكام شرعية جديدة فرضتها تلك الظروف.

والذي أكد بدوره أننا نعيش أمام نازلة تحتاج إلى فقه آخر يتوافق مع الواقع والحاجة، وأن دار الإفتاء واكبت الحدث بفتاواها لحظة بلحظة، وسخرت طاقتها لتقف مع الوطن وأبنائه في هذه المحنة.

وعن إستراتيجية الدار للتعامل مع أزمة «كورونا»، والموقف الشرعى من الحديث عن إقامة صلاة التراويح في الساحات أو فوق أسطح المنازل، بعد قرار إغلاق المساجد والموقف المنتظر لصلاة العيد وأمور أخرى كان الحوار التالى: 

*بداية.. إلى أي مدى تأثر برنامج دار الإفتاء المخصص لشهر لرمضان بتفشى وانتشار فيروس كورونا المستجد؟

كعادتنا كل عام تحرص دار الإفتاء على وضع إستراتيجية متكاملة تلبي احتياجات طالبي الفتوى، وهذا العام ونظرًا لما نمر به من ظروف استثنائية وضعنا خطتنا لتلائم الظرف الحالي، حيث سنقوم خلال شهر رمضان بالاستفادة من كافة الوسائل التكنولوجية الحديثة، من أجل التواصل مع أكبر عدد ممكن من الناس، ولإيصال صحيح الدين والإجابة على كل ما يدور في أذهانهم فيما يتعلق بأحكام شهر رمضان المبارك.

كما خصصنا عددا أكبر من فريق العمل في الفتوى الهاتفية، لتلقي أكبر عدد ممكن من تساؤلات الناس، حيث يتلقون اتصالات طالبي الفتوى عن طريق الخط الساخن للدار (107) ثم يتم الإجابة عليها مباشرة، أو يمكن تسجيل السؤال ثم العودة للاستماع إلى الإجابة، وعملنا على زيادة فريق الفتوى الإلكترونية كذلك.

وتستقبل الدار الفتوى عبر التطبيق الإلكتروني على الهواتف الذكية، والذي يهدف إلى تسهيل التواصل بين السائلين ودار الإفتاء المصرية، وهو استكمال لمسيرة دار الإفتاء نحو تذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفيدين على إجابات لفتاويهم من ذوي الخبرة والتخصص.

كما نعمل خلال شهر رمضان المبارك على تكثيف ساعات البث المباشر على صفحة دار الإفتاء الرسمية، والتي يقوم علماء الدار باستقبال أسئلة المتابعين أثناء البث والرد عليها مباشرة، بالإضافة إلى ظهور عدد من علماء دار الإفتاء المصرية في بعض البرامج التليفزيونية المباشرة، للرد على استفسارات المشاهدين وأسئلتهم حول رمضان وأحكام الصيام، بالإضافة إلى الرسائل والبيانات الصحفية اليومية التي تصدر عن المركز الإعلامي لدار الإفتاء حول أحكام وفتاوى الصيام التي يكثر السؤال عنها.

*هناك قطاع عريض من الشعب يشعر بالحزن على غياب أجواء رمضان لهذا العام.. كيف نهون على أنفسنا في هذا الشأن؟

خصَّ الله تعالى شهر رمضان من بين سائر أشهر العام بالتكريم والبركة، وجعله موسمًا عظيمًا تنهل منه الأمة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، حتى بات هذا الشهر الكريم يمثل غاية كبرى وأمنية منشودة للصالحين، يتمنون على ربهم بلوغها وإدراك هذا الزمان المبارك، والاستعداد والتهيؤ ظاهرًا وباطنًا لإحيائه، بإخلاص النية لله تعالى والعزم على اغتنام أوقاته والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحات وهم في صحَّة وعافية ونشاط.

وعلى الإنسان أن يبادر في هذا الشهر بالتوبة من الأفعال التي لا يرضاها الله ، وأن يغير سلوكياته وأفعاله السيئة إلى الأعمال الحسنة والإيجابية، ورمضان هو شهر الطاعة، ومن أوله إلى آخره نفحات ربانية ومنح إلهية تتنزل على بني آدم ويعم السلام والوئام وتعم السكينة والهدوء، في هذا الشهر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعجل قدوم رمضان ويدعو الله بقوله: "اللهم بلِّغنا رمضان" لأجل استعجال الطاعة.

ولم يحرص على استعجال الزمن حرصه على رمضان؛ لما للشهر الكريم من فضائل وخصوصية. أما فيما يتعلق بالشعور بالحزن فنحاول جاهدين أن نعوض هذه الأجواء، وأن نستغل هذه الفرصة في تعزيز الأواصر بين الأسرة الواحدة والتقارب والتشارك وهو أمر كنا نفتقد إليه بسبب مشاغل الحياة التي تعيق مثل هذا التجمع لفترة طويلة.

*كثير من المواطنين يتساءلون عن أحكام صلاة «التراويح» في المنزل بعد قرار غلق المساجد في الشهر المبارك.. فكيف يؤديها المصلون في المنازل وهل يكون لها نفس ثواب الجماعة؟

في مثل هذه الأجواء تؤدى صلاة التراويح في المنزل فرادى أو مع الأسرة، لأن الالتزام بالقرارات الاحترازية عبادة شرعية يثاب الإنسان عليها، والمعذور له أجر صلاة التراويح في المسجد تمامًا، ويمكننا صلاة التراويح والتهجد والاعتكاف والاجتماع على ذكر الله تعالى، ويمكن أن يقيم رب الأسرة أو أحد أفرادها الدروس الدينية في البيت بين أفراد أسرته، والمسلم الحق يجب عليه أن يعلم أن لله تعالى عبادة وحقا في كل وقت وحال.

وأن الله تعالى مطلع عليه يعلم سره وجهره، وأنه دائما بقلبه وروحه مع الله تعالى مستسلم لما حكم وقدر، وعليه أن يفكر في حلول وأفكار استثنائية لظروف وأحوال استثنائية، وعلينا أن ندرك ونعي كمسلمين أن عدم إقامة الشعائر الجماعية في ظل هذه الظروف من الناحية الشرعية واجب شرعا، وهو أمر الله تعالى الذي لا تصح مخالفته أو التحايل عليه لأي سبب ولو كان لإقامة الجماعة أو التراويح.

*ما موقف الشرع من الدعوات التي أطلقها البعض لعودة صلاة الجماعة في رمضان سواء باستغلال أسطح المنازل أو في الساحات؟

البعض يلعب على استغلال العاطفة الدينية لدى عامة الناس وتعريض حياتهم للخطر وربما للموت، بحجة إقامة سنة التروايح أو غيرها، فكما سبق وأشرنا أنه لا بأس أن يقيم الإنسان صلاة التراويح في بيته مع زوجته وأبنائه الذين يختلط بهم ويعايشهم دون ضرر، مع الأخذ بالتدابير الصحية البسيطة التي تلتزم بها عامة الأسر في البيوت.

ومن الممكن أيضًا أن تجتمع الأسرة المسلمة على قراءة بعض الأحاديث النبوية من كتاب رياض الصالحين للإمام النووي، بحيث يقرأ من يجيد القراءة حديثا أو حديثين من كل باب، وأحاديث رياض الصالحين سهلة واضحة المعنى أغلبها في الرقائق والآداب وأعمال اليوم والليلة التي يحتاج لمعرفتها كل مسلم، وما شُرعت العبادات الجماعية في أصلها إلا لتقوية علاقة الإنسان الفردية بربها، وإعانته على إصلاح نفسه وتحصيل التقوى وتهذيب الباطن وتطهير السر، وكلها أحوال خفية بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى.

وهذا المعنى واضح جلي في الصيام نفسه فهو عبادة فردية سرية بين العبد وبين ربه لا يطلع عليها إلا هو، فقد روى البخاري عن هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ الله: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ».

*هناك من اعتاد على إحياء سنة إفطار الصائم من خلال موائد الرحمن كيف يعوض هذا الثواب الخاص بذلك؟

لا شك أن إطعام الطعام من أفضل القربات إلى الله عز وجل، يقول المولي عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، وقد جعله الله سبحانه سببًا من أسباب دخول الجنة، وفي رمضان هو أرجى للثواب لأنه تجمع بين إطعام الطعام وفضل إفطار الصائم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل في الحديث الصحيح: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، فتلك العبادات والشرائع في الإسلام من أهدافها أن تزرع الخير والمحبة في قلب المسلم.

ونظرًا لما نمر به من ظروف والقرارات التي اتخذتها السلطات المختصة بمنع موائد الإفطار هذا العام، يجب علينا أن نلتزم بهذه القرارات، ومع خطر التجمع عبر موائد الرحمن فيفضل المبادرة بإخراج قيمة الموائد نقدا أو سلعا غذائية على هيئة شنط رمضان للفقراء والمحتاجين قبل دخول الشهر المبارك، مع التأكيد على أن النقد أنفع للفقير لسعة التصرف فيه.

*في ظل التحذيرات من التجمعات لمنع تفشي الفيروس.. هل أصبحت «العزومات العائلية» غير مستحبة في رمضان هذا العام؟

العزومات في رمضان عادة حسنة اعتدناها وفيها من الخير والثواب الكثير، لكننا ننصح في ظل ما نمر به بأن يتم تأجيل هذه العزومات حتى يزيل الله الغمة، والشريعة الإسلامية تحض على حفظ النفس، ومع تلك الأجواء الوبائية الصعبة التي نعانى منها من الواجب علينا اتباع تعليمات وزارة الصحة والجهات المسئولة فيما يخص إجراءات الوقاية من وباء كورونا وعدم التواجد في تجمعات أيا كان الغرض منها فدرء المفاسد مقدم على جلب المنافع وتلك قاعدة فقهيه معروفة.

*نجاح كبير حققته دار الإفتاء على السوشيال ميديا من خلال تخطي صفحتها حاجز الـ9 ملايين متابع.. فما الإستراتيجية التي تنهجها الدار من وراء ذلك؟

دار الإفتاء كانت سباقة في اختراق منصات التواصل الاجتماعى، وتعد صفحة دار الإفتاء المصرية «العربية» على «فيس بوك»، هي النافذة الأكبر والأهم لدار الإفتاء المصرية، والتي أطلقت في عام 2010 حيث تحظى بمتابعة أكثر من 9 ملايين متابع وحاصلة على علامة التوثيق الزرقاء من «فيس بوك».

هذا إلى جانب إطلاق الدار لحسابين آخرين بالإنجليزية والفرنسية، والحسابان معنيان بنشر محتويات الدار باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وذلك بهدف الوصول لكافة المسلمين النطاقين باللغات الأجنبية، ودار الإفتاء كانت في مقدمة المؤسسات التي فطنت لأهمية التواصل مع عموم الناس عبر منصات التواصل الاجتماعى تحت إشراف المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية، وذلك لمواجهة الأفكار التكفيرية لجماعات الإرهاب ونشر كافة مخرجات الدار تيسيرا لاطلاع العامه عليها وازاحة اللغط عن كافة ما يثار من شائعات وأفكار شاذة.

*بالحديث عن العمليات الإرهابية.. هل يمكن اعتبار العملية التي شهدتها منطقة الأميرية مؤخرا رد فعل لنجاح الدولة في التعامل مع أزمة «كورونا»؟

نجاح الدولة المصرية في التصدي لوباء «كورونا» وتمكنها من تقليص انتشاره، واتباع سياسات وإجراءات حازت إشادة المجتمع الدولي، كلها أدت في الأخير إلى تأكد التنظيمات الإرهابية من فشل رهانها بسقوط مصر في هذا الاختبار الصعب، الأمر الذي دفع تلك التنظيمات إلى الاستعداد لاختبار آخر وهو محاولة ضرب الوحدة الوطنية عبر استهداف الكنائس المصرية، وهو الأمر الذي فشل أيضًا بفعل اليقظة والفاعلية الأمنية لجهاز الشرطة المصرية.

*تعرضت دار الإفتاء للنقد مؤخرًا على خلفية حديثها عن حكم الصيام في رمضان في زمن الكورونا خاصة فيما يتعلق بجزئية أن الصيام يقوى من مناعة الإنسان.. حيث رأي البعض أن هذه جزئية طبية بحتة؟.. فكيف ترد على ذلك؟

أي اجتهادات أو اختيارات فقهية لا يجب أن تمس المعلوم من الدين بالنصوص، والخوف من الوباء ليس مسوغًا لعدم الصوم خاصة وأن الرأي الطبي في هذه المسألة واضح وصريح، وهو أن الصيام لا يكون سببًا في التقاط العدوى أو التأثير على صحة الإنسان، وبالتالي لا يمكن أن يكون الخوف من المرض مسوغًا للإفطار في رمضان دون عذر شرعي، وقد حسمنا في دار الإفتاء المصرية مسألة صيام رمضان في زمن الكورونا.

واجتمعنا مع لجنة طبية عالية المستوى في كافة التخصصات التي تتعلق بفيروس كورونا، وأجمعت هذه اللجنة على أن هذا الفيروس يحتاج إلى مناعة، والصوم يؤدي إلى تقوية المناعة، كما أن الصوم في حد ذاته مطلوب شرعًا، وهو ركن من أركان الإسلام لا يسقط بحال من الأحوال إلا بعذر شرعي من مرض أو سفر أو حيض، وغيره من الأعذار الشرعية المعروفة.

*ما الغاية التي تكمن وراء تأييد الرأي الشرعي لقرارات مثل إلغاء فريضة الحج أو منع صلاة الجماعة في المساجد؟

الشريعة الإسلامية وكافة الشرائع السماوية تدعو إلى حفظ النفس وحمايتها، وحرَّم الله تعالى كل ما من شأنه أن يهلك الإنسان أو يلحق به ضررًا، والمحافظة على النفس مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، فقال المولى عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، والشريعة الإسلامية الغراء تدعو إلى حفظ الكليات الخمس وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسب، والمال.

وهذه الكليات هي التي اتفقت جميع الأديان السماوية وأصحاب العقول السليمة على احترامها، وقد أجمع أنبياء الله تعالى ورسله من عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم على وجوب حفظ كافة الانفس، ومن ثم فتلك الغاية تنسحب على تأجيل الحج هذا العام وكافة الشعائر الدينية.

*حال استمرار أزمة «كورونا» والإجراءات الاحترازية المصاحبة لها حتى نهاية الشهر المبارك، هل تكون صلاة العيد في هذه الحالة ممنوعة وذلك في إطار قرار منع التجمعات؟

هذا القرار يرجع إلى السلطات المختصة، لكن إن حدث وتم إلغاء صلاة العيد كإجراء احترازي يجب الالتزام به، فصلاة العيد سنة مؤكدة وليست فرضًا، ولا يجوز تعريض حياة الناس للخطر وربما للموت، بحجة إقامة سنة، كما أن الفقهاء أجازوا لمن لم يدركوا صلاة العيد أن يصلوها فرادى أو جماعة في بيوته بنفس هيئة صلاة العيد دون خطبة.

وبالتالي لا بأس أن يقيم الإنسان صلاة العيد في بيته مع زوجته وأبنائه الذين يختلط بهم ويعايشهم دون ضرر مع الأخذ بالتدابير الصحية البسيطة التي تلتزم بها عامة الأسر في البيوت.

*كيف ترى الأصوات التي تقول أن «كورونا» غضب من الله ولذلك منعنا من الصلاة في المساجد خاصة في رمضان؟

ورد في السنة النبوية الشريفة ما يشير إلى البلاء العام وأسباب حصوله؛ ومن ذلك ما رواه ابن ماجه في «سننه» عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَنْزَلَ اللهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ»،كما أخرج البيهقي في «الآداب» عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ الله إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»، وعنه رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ خَيْرًا ابْتَلَاهُمْ»، ومن ثم فالجزم بأن الوباء عقاب من الله لا يصح لأن هذا أمر غيبي، والذي على الإنسان أن يفعله في مثل هذه الأزمات أن يرجع إلى الله تعالى بالتوبة الصادقة، وأن يدوام الاستغفار، ويكثر من الأعمال الصالحة فهذا من أسباب رفع البلاء.

ويقول المولى عز وجل:«وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

*أخيرًا.. ما الرسالة التي يحملها مفتي الجمهورية للشعب المصري في ظل الظروف الراهنة التي نعيشها؟

نحن أمام نازلة تحتاج إلى فقه آخر يتوافق مع الواقع والحاجة، ودار الإفتاء واكبت الحدث بفتاواها لحظة بلحظة وسخرت طاقتها لتقف مع الوطن وأبنائه في هذه المحنة، ومن ثم علينا اتباع الأساليب الحكيمة في الإنفاق وأن نستعين بالمؤسسات القوية، والالتزام بصلاة التراويح في بيوتكم فرادى أو مع أسركم.. والالتزام بالقرارات الاحترازية عبادة شرعية يثاب الإنسان عليها.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"  

الجريدة الرسمية