رئيس التحرير
عصام كامل

حكم الشرع فى صيام الحامل والمرضع

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قرأنا فى بعض الكتب أن الحامل والمرضع يجوز لهما الإفطار فى رمضان مع دفع الفدية ولا يجب عليهما القضاء فهل هذا صحيح؟

أجاب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الإفتاء بالأزهر الشريف فى الجزء الرابع من كتاب: "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام" فقال:

يقول الله تعالى عن الصيام{ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ } البقرة : 184 ، للعلماء فى تفسير هذه الآية رأيان، رأى يقول بأن الصيام كان فى أول أمره على التخيير، من شاء ممن يطيقونه ويقدرون عليه أن يصوموا أو يفطروا ، وعليهم بدل الإفطار أن يخرجوا فدية هى طعام مسكين ومع التخيير فالصوم أفضل..

 

اقرأ ايضا: حكم الشرع فى أخذ الزوجة من مال زوجها

 

 ثم نسخ هذا الحكم وفرض على من يطيقون الصيام أن يصوموا ولا يجوز لهم الفطر والإطعام وذلك لقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} البقرة : 185 ، فالناسخ هو هذه الآية كما رواه الجماعة إلا أحمد عن سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } كان من أراد أن يفطر ويفتدى حتى أنزلت الآية التى بعدها فنسختها.

 

ورأى يقول بأن الصيام فرض على كل القادرين عليه فقط ، وأبيح الفطر للمريض والمسافر ومن يطيقونه أى يتحملونه بمشقة شديدة حيث فسروا الإطاقة بذلك، وهم كبار السن، وفرض على المريض والمسافر القضاء، وعلى كبار السن الفدية فقط دون قضاء، لأنه شاق عليهم كلما تقدمت بهم السن، ومثلهم المريض الذى لا يرجى بروه ولا يرجى أن يقدر على القضاء فهؤلاء يفطرون ويخرجون الفدية .

 

روى البخارى عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضى الله عنهما يقرأ {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هى للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا.

 

اقرأ ايضا: الفرق بين الخمار والحجاب والنقاب

 

وبعض العلماء المعاصرين -كالشيخ محمد عبده - يقيس على الشيوخ الضعفاء والمرضى بمرض مزمن : العمال الذين جعل الله معاشهم الدائم بالأشغال الشاقة كاستخراج الفحم الحجرى من مناجمه، وكذلك يلحق بهم المجرمون المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا قدر عليهم الصيام بالفعل ، فليس عليهم صيام ولا فدية حتى لو ملكوها.

 

أما الحبلى والمرضع إذا خافتا من الصيام على أنفسهما أو على أولادهما فيرى ابن عمر وابن عباس انهما يفطران ويخرجان الفدية ولا قضاء عليهما إلحاقا لهما بكبار السن.

 

روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس قال فى قوله تعالى: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما لا يطيقان الصيام -يعنى يتحملانه بمشقة شديدة - أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا- يعنى على أولادهما- أفطرتا وأطعمتا، ورواه البزار وزاد فى آخره..

 

اقرأ ايضا: حكم الشرع فى لبس دبلة الخطوبة

وكان ابن عباس يقول لأم ولد له حبلى: أنت بمنزلة الذى لا يطيقه فعليك الفداء ولا قضاء عليك وصحح الدارقطنى إسناده . وروى مالك والبيهقى عن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا. وفى الحديث: "إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة -أى قصر الصلاة- وعن الحُبلى والمرضع الصوم" رواه الخمسة أحمد وأصحاب السنن .

وعليه فإن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على أولادهما لهما أن يفطرا، أما القضاء والفدية فإن ابن حزم لا يوجب شيئا منهما، وابن عباس وابن عمر يوجبان الفدية فقط دون قضاء، والأحناف يوجبون القضاء فقط دون فدية، والشافعية والحنابلة يوجبان القضاء والفدية معا إن خافتا على الولد فقط، أما إذا خافتا على أنفسهما فقط أو على أنفسهما وعلى ولديهما فعليهما القضاء فقط دون فدية "نيل الأوطار ج 4 ص 243- 245".

الجريدة الرسمية