رئيس التحرير
عصام كامل

العناية بالأطفال أثناء جائحة كورونا

يعتبر الأطفال هم الحلقة الأضعف في المجتمع أثناء الجائحات أو الكوارث، لذلك تتخذ إجراءات احترازية لحمايتهم وقت الكوارث خاصة وأنهم لا يملكون القدرة لحماية أنفسهم، ولا يقدرون أصلا وجود المخاطر.

 

وإجراءات الرعاية تتدرج حسب الظروف التي يعيشها الطفل ولذلك سوف نأخذها بالتدريج تصاعديا :

توعية الطفل حسب سنه بوجود مرض معد، مع مراعاة أن الطفل إدراكه حسي، بمعنى أنه لا يستوعب أن هناك خطرا من كائن صغير جدا لا يراه، ولهذا يجب تقريب الفكرة إلى عقله كأن نمثل الفيروس بأي حشرة صغيرة يستطيع رؤيتها أو يعرفها كالنملة مثلا، ونقول له إن هذا الكائن إذا دخل الجسم عن طريق الأنف أو الفم يسبب لنا ألما في الحلق وعطسا وكحة وسخونة، وأننا لا نستطيع التنفس..

 

اقرأ أيضاً: هل يصاب المؤمن بالاكتئاب؟

 

ونعلمه كيف يتفادى القرب منا ومن الأشخاص الغرباء، ويتفادى اللمس ونمتنع عن احتضانهم أو تقبيلهم، ونجعل لهم أدوات منفصلة كالملاعق، والأطباق، والأكواب، والفوط، وغيرها، ونمنعهم من الخروج أو التعرض لأي مصادر محتملة للعدوى.

 

العناية بالطفل في وقت العزل الإجتماعي، حيث أصبح لا يذهب للمدرسة أو النادي أو أماكن الترفيه التي اعتاد عليها ويشعر بالملل أو الضيق أو الوحشة، وربما تكثر مشاكله مع إخوته ووالديه في صورة عنف أو مكايدة أو تنمر أو عناد، وهذا يستدعي أن يكون للطفل برنامج يومي يقترب كثيرا من برنامجه قبل توقف الدراسة..

 

بمعنى أن ينام في نفس المواعيد ويستيقظ أيضا في مواعيده المعتادة أيام الدراسة، وأن يكون له نشاط دراسي منزلي يتناوب مع أوقات للعب والترفيه، وأن تتفنن كل أسرة في ملء فراغات اليوم بأنشطة مشتركة يشعر معها الطفل أنه مشغول في أنشطة محببة إليه كالرسم والتلوين والموسيقى والرياضة والصلاة في جماعة مع بقية أفراد الأسرة..

 

اقرأ أيضاً: كورونا فرصة ذهبية للتغيير من أنفسنا

 

وإذا كان في البيت حديقة يخرج إليها ويتنزه فيها، وإن لم يكن يصعد مع الأسرة إلى سطح المنزل، وإن لم يكن السطح مناسبا أو متاحا، يجلس الطفل مع بعض أفراد الأسرة في البلكونة، وربما يتبادل الحديث مع أطفال الجيران، المهم أن نعرض الطفل كلما أمكن لمكان مفتوح ويا حبذا لو كان يستطيع اللعب فيه .

 

نحرص على أن يعيش الأطفال في كنف أسري يتواجد فيه الأب والأم والأخوات، وأن يشعروا بالأمان في وجودهم معهم، وإن غاب أحدهم أو فقد فيمكن تعويض ذلك بالجد أو الجدة أو أحد الأقارب المقربين الذين يألفهم الطفل من قبل.

 

وإذا كانت هناك مشكلات أو صراعات بين الوالدين فعليهما التعامل بحكمة في هذه الظروف، وإن لم يتمكنا من حل خلافاتهم فعلى الأقل يؤجلونها إلى ما بعد مرور الأزمة، ولا يتصارعون أمام أعين أطفالهم فيشعرونه بالخوف أو القلق أو الغضب .

 

يحتفظ الوالدان بالهدوء، ولا تبدو عليهم علامات الهلع، ويشرحون للأطفال أن هذا المرض نحاول تفاديه كما ذكرنا، لكن لو حدث أن أصيب أحدنا بها، فإننا يمكن أن نشفى منه مع اتخاذ بعض الإجراءات كالعزل وتقوية جهاز المناعة، والبعد عن الأصحاء من الأسرة حتى لا نعديهم، وفي أحيان قليلة جدا نحتاج للذهاب للمستشفى لبعض الوقت .

 

اقرأ أيضاً: الرجال السبب الرئيسي في إصابة زوجاتهم بالاكتئاب

 

نحافظ على روتين يومي ثابت مع بعض المرونة في تطبيقه، وندعو الأطفال فى عمر 10 سنوات أو أكثر للمشاركة في وضع البرنامج اليومي للأسرة بحيث تتنوع النشاطات (دراسية، ترفيهية، رياضية، دينية، ثقافية، فنية، اجتماعية ,.... الخ)، فالطفل في هذه الظروف يشعر بأن الحياة مازالت شبه عادية.

 

نسمح للأطفال والمراهقين للتعبير عن مشاعرهم تجاه الظروف الحالية، ونطمئنهم بأن مشاعرهم مقبولة ومنطقية، ثم نساعدهم على تحمل هذه المشاعر واحتوائها، ونقدم لهم بعض المساعدات التي تمكنهم من ذلك.

 

ناقش مع أطفالك بعض المعلومات المغلوطة أو المشوهة حول وباء ومرض كورونا، حيث توجد شائعات كثيرة على وسائل التواصل الإجتماعي وقد تثير الرعب في نفوسهم .

 

إذا وجدت طفلك غارقا في المخاوف ومشغولا بأخبار الجائحة، فيمكنك تشتيت انتباهه بعيدا عن هذا الموضوع بإجتذابه لنشاطات أسرية جماعية، كممارسة لعبة معينة، أو الإشتراك في إعداد وجبة إفطار أو عشاء، أو التكليف بعمل ما يشغل جزء من وقته .

 

اقرأ ايضا: الألعاب الإلكترونية تفقد الشباب قدرتهم على التواصل الاجتماعي

 

نلاحظ سلوكنا كأبوين أمام أطفالنا فنحن نشكل مفاتيح لأفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم، فإذا احتفظنا بهدوئنا وتوازننا أمامهم فإن هذا يساعدهم على الاحتفاظ بتوازنهم

 

  في حالة إصابة الطفل بالمرض فيستحسن أن لا يعزل وحده خاصة إذا كان صغير السن ولا يستطيع أن يعتني بنفسه، وهذا يستدعي وجود الأم أو من ينوب عنها معه على أن تؤخذ كل الإجراءات الوقائية لحمايتها من نقل العدوى.

 

وفي حالة مرض الأم أو الأب أو كليهما، فيجب توفير رعاة للطفل ويستحب أن يكونوا من نفس العائلة، وأن يكونوا مألوفين للطفل لإشعاره بالأمان، وأن يتمكن الطفل من التواصل مع والدته أو والده في فترة الحجر الصحي عن طريق التليفون المحمول أو أي وسيلة إلكترونية أخرى متاحة. وإن لم يكن هناك في العائلة أو الجيران المألوفين من يرعى الأطفال في حالة غياب الأبوين، فيجب أن تنشط مؤسسات الرعاية الإجتماعية لاحتواء هؤلاء الأطفال إلى أن تتوافر لهم رعاية أسرية .

 

هناك أعداد من أطفال الشوارع لا يتلقون أي رعاية، وهم قد يمثلون خطرا على أنفسهم وعلى غيرهم، حيث لا يعرفون أي إجراءات احترازية تحميهم من التعرض للإصابة، لهذا يجب إيجاد مأوى آمن لهؤلاء الأطفال.

 

الأطفال الذين يعيشون في أسر فقيرة، خاصة بعد توقف الأعمال للكثيرين من الآباء والأمهات، هؤلاء يجب حصرهم بالمؤسسات الاجتماعية الرسمية وبالجمعيات الأهلية لتوفير احتياجاتهم من الطعام والشراب والرعاية الصحية. ويساعد في ذلك كل من لديه قدرة من الأقارب أو الجيران. وقد تساعد وسائل التواصل الإجتماعي على توفير الرعاية للأسر الفقيرة من خلال شبكة دعم شعبية.

 

وإذا حدث وتوفي أحد أقارب الطفل بالكورونا أو غيرها، هنا قد يعيش الطفل ظروفا صعبة من نقص العناية مع الحزن على الفقد والخوف من فقد بقية أفراد الأسرة فيعاني من قلق الإنفصال أو الاكتئاب، وهنا يجب أن تنشط وسائل الدعم الأسرية والاجتماعية، وقد يحتاج لدعم نفسي من أخصائيين نفسيين أو أطباء نفسيين .

 

اقرأ أيضاً: أصحاب الصور العارية على السوشيال ميديا مرضى

 

من المفيد أن تنشأ مجموعات عائلية على وسائل التواصل الإجتماعي، أو مجموعات مساعدة ذاتية، أو مجموعات للمساندة النفسية بحيث تقوي الأسر بعضها في مواجهة الأزمة، أو تستعين بآراء وتوجيهات متخصصين في الدعم النفسي خاصة فيما يتعلق بالأطفال وسلامتهم وصحتهم النفسية .

 

أن تنشأ برامج تليفزيونية يستجيب فيها متخصصون في الطب النفسي وعلم نفس الأطفال، وعلماء تربية واجتماع وعلماء دين لتساؤلات الآباء والأمهات على الهواء مباشرة حول المشاكل التي تواجههم في التعامل مع أبنائهم ولتقديم الدعم والمشورة للناس لتسهيل إدارة حياتهم في هذه الظروف.

 

• وأخيرا إنشاء صفحات ومواقع على الإنترنت للتفاعل مع الأسرة وتقديم المشورة التربوية والنفسية للمشكلات السلوكية التي تظهر على الأطفال في فترات العزل الاجتماعي أو الحظر .

 

الجريدة الرسمية