رئيس التحرير
عصام كامل

تحية للجيش الأبيض

أتي الصليبيون إلى الشرق ليسلبوه بخيراته ويستعمروه؛ فصد الجيش المصري بقيادة صلاح الدين الجيوش الصليبية وهزمهم أشد هزيمة في معركة حطين، التي وقعت في يوم السبت 25 ربيع الثاني 583 هـ الموافق 4 يوليو 1187 م بالقرب من قرية المجاودة، بين الناصرة وطبرية، مما أسفر عن تحرير مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون.

 

ثم كانت معركة بعد ذلك كبرى دارت رحاها في 25 من رمضان 658 هـ / 3 سبتمبر 1260م. وهي معركة عين جالوت، وهي إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ العالمي إذ استطاع جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا. وكان مستقبل مصر و مستقبل الشرق الأوسط مُتوقف على نتائج هذه المعركة..

 

وكانت هزيمة الجيش المصرى فى هذه المعركة معناه تحويل منطقة الشرق الأوسط لولاية مغولية كبرى، وهنا بعد أن سحق هولاكو إيلخان العراق وسوريا أرسل للمصريين خطاباً من ضمنه: ( ألا قل لمصر ها هلاون - هولاكو - قد أتى.. بحد سيوف تنتضى و بواتر.. يصير أعز القوم منا أذلة.. ويلحق أطفالاً لهم بالأكابر)، فخرج له الجيش المصرى بقيادة الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى، وانضم له بقية الجيش بقيادة سلطان مصر قطز ومعه فرسان من أحسن فرسان العالم حتى حوصر جيش المغول وقُتل قائده كيتو بوقا، وانهزم جيش المغول هزيمة منكره .

 

 اقرأ ايضا: كورونا والاقتصاد العالمي وصناعة الدواء في مصر  

 

وفي عام 1973 اقتحمت القوات المصرية خط برليف في سابقة لم تحدث في التاريخ كله، وفي ظروف غاية في السوء، فما زال الجيش المصري يعاني هزيمة 1948 ونكسة 1967 إلا أنه خرج بجراحة التي لم تلتئم ودخل فى حرب استنزاف شرسة على خط قناة السويس ضد الجيش الإسرائيلي، وفى 6 أكتوبر 1973 استطاع الجيش المصرى فى أصعب وأحلك الظروف أن يعبر قناة السويس، و يخترق خط بارليف، ويتشبث بأرضه ويخوض معارك ضخمة انتهت باستعادة سيناء الحبيبة.

 

  وفي 14 من فبراير 2020 أتى فيروس كورونا إلى مصر، وأعلن عن نفسه في رسالة أرسلها للشعب المصري قال فيها :( أيها المصريون لقد جئت إليكم بعد أن سحقت أماما كبيرة مثل الصين وإيطاليا وإنجلترا وأمريكا، وجعلت كل العالم يرتجف، وألزمتهم منازلهم، وأنا انوي أن أسحقكم وأفرق شملكم وأعيث في الأرض فسادا، ثم أنتقل إلى باقي دول الشرق، فلا قبل لكم بي، فقد جعلت أعظم دول العالم في التقدم والتكنولوجيا والطب تقف عاجزة وتطلب المعاونة، وقد أصبت الرؤساء والوزراء كما أصبت الضعفاء والبسطاء، فأوسعوا لي الطريق فليس لي في الحياة صديق)..

 

اقرأ ايضا: الدعم النقدى المشروط

 

وبعد هذه الرسالة المروعة، استعد جيش مصر الابيض بكل ما أوتي من قوة، وتجهز بكامل أفراده ومعداته في كل ربوع مصر، وبدأ يقاتل ذلك الفيروس اللعين في أكثر من موقعة إنتصر في معظمها وحجم ذلك الفيروس وحاصره في أماكن قليلة، وجعله يتعجب من قوة هذا الجيش الأبيض الذي ظن به الضعف والتفكك، فإذا به يظهر معدنه الحقيقي ويهزم أقوى فيروس ظهر على وجه الأرض هزائم شديدة، جعلت الفيروس ينكمش على نفسه، ويبدأ في الانسحاب من أكثر من مكان، ويفكر في كيفية الهرب من مصر .

 

فكان لزاما على كل مصري أن يحيي جيشه الأبيض الذي يحميه ويدافع عنه ضد ذلك العدو اللعين، حيث سطر أطباء مصر وأطقم التمريض ملحمة وطنية سيتغنى بها على مدار الأزمنة والعصور، وكانوا بمثابة خط الدفاع الأول في تحمل المسؤولية في وقت صعب، أثبتوا فيه حبهم لوطنهم وكفاءتهم في التصدي المخاطر والشدائد بدور رائع ضربوا به أعظم النماذج في حب الوطن.

 

   اقرأ ايضا: أزمة البطانية المصرية وصحة الفقراء

 

وقد قدرت الرئيس ذلك الدور كما قدره الشعب، فشرع الرئيس عبد الفتاح السيسي في توفير كافة المساعدات اللازمة للعاملين بالمنظومة الصحية، وتوفير لهم بيئة العمل المناسبة فضلًا عن المساهمة في تحسين أوضاعهم وذلك من خلال زيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% عن القيمة الحالية، بما يشمل الأطباء العاملين بالمستشفيات الجامعية، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها حوالي 2.25 مليار جنيه، فضلاً عن إنشاء صندوق مخاطر لأعضاء المهن الطبية.

 

 وقد أشادت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير عن مصر الذى صدر بعد زيارات مكثفة داخل القاهرة وخارجها بجهود وزارة الصحة المصرية في مواجهة وباء كوفيد 19، وفي الحد من انتشاره أيضًا. وأكد التقرير أن مصر لديها فرصا بارزة للسيطرة على المرض ومنعه من مرحلة التفشي المجتمعي التي ضربت دولًا كبرى أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وأسبانيا، بينما ما زال عداد الإصابات في مصر تحت السيطرة إذ بلغ في نهاية مارس 710 حالة، مع أعداد كبيرة منهم تم شفاؤهم، وأشاد التقرير بجهود الطاقم الطبي من أطباء وتمريض مؤكدا إنهم يعملون بتفاني شديد لإنقاذ الأرواح وهم يواجهون عدو مجهول.

 

الجريدة الرسمية