رئيس التحرير
عصام كامل

مبارك والأزهر.. "بيصار" تجنب الصدام.. فوائد البنوك تؤجج العلاقات مع "جاد الحق".. الهدوء سمة "طنطاوي".. و"الطيب" طريق الرئيس الراحل لعالمية الإسلام

الرئيس مبارك مع شيخ
الرئيس مبارك مع شيخ الأزهر

مع حلول صباح أمس الثلاثاء الموافق الخامس والعشرين من شهر فبراير لعام 2020 الأول من رجب لعام 1441 هجريًا، رحل عن عالمنا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ليطوي معه صفحة هامة من تاريخ مصر الحديث، لرجل تولى مقاليد حكم البلاد لمدة ثلاثة عقود متواصلة شهدت خلالها العديد من الإنجازات والعثرات في آن واحد.

وشرعت كافة مؤسسات الدولة الرسمية تنعى الرئيس الراحل ومؤكدة على دور البطولة الذي لعبه في تاريخ الوطن، وكان على رأس تلك المؤسسات الأزهر الشريف وشيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الذي أكد دور الرجل الوطني داعيا الله أن يتغمده برحمته.

ومع ذكر "مبارك" والأزهر نجد أن هناك علاقة مليئة بالتفاصيل وتتسم بالاحترام والتقدير جمعت الرئيس الراحل بشيوخ الأزهر الذين عاصرهم على مدار حكمه الممتد لثلاثين عامًا.

 

 

تجنب الصدام

عندما تولى الرئيس محمد حسني مبارك مقاليد الحكم في البلاد عام 1981 كان يتولى الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار منصب شيخ الأزهر الشريف خلفا للدكتور عبد الحليم محمود.

ونادى "بيصار" بعدم معارضة الحاكم إلا في الأمور الجوهرية، وسعى إلى تجنيب الأزهريين أي صدام مع السلطة، بعد قرارات سبتمبر 1981 للرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

 

 

 

بداية الصدام 

وبعد الشيخ بيصار تولى الشيخ جاد الحق علي جاد الحق المشيخة فى الفترة من 1982 إلى 1996 وكان شديدًا في قول الحق، وعرف بصدامه مع الرئيس مبارك خاصة فيما يتعلق بفتوى إباحة البنوك، حيث تروي المصادر المقربة أن "مبارك" جمعته جلسة مع الشيخ جاد الحق وطلب منه إصدار فتوى بتحليل فوائد البنوك بعد شكوى أصحابها من قلة العرض عليها نتيجة فتوى الشيخ جاد الحق والذي أفتى بتحريم فتوى البنوك آن ذاك، لكن الشيخ رفض رفضًا قاطعا وقال لمبارك حينها "أنا لا أحلل أو أحرم.. وإنما الدين هو الذي يحلل ويحرم"

كما ورفض “جاد الحق” وثيقة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد بالقاهرة عام 1994 نظرًا لتبنيها قرارات رآها تخالف الإسلام؛ منها إباحة الشذوذ الجنسي، وأكد أن الإسلام لا يقر أي علاقة جنسية بغير طريق الزواج الشرعي الذي يقوم بين الرجل والمرأة، كما يحرم الإسلام الزنا واللواط والشذوذ، ويحرم إجهاض الجنين، ولو عن طريق الزنا، وتبنت الحكومة المصرية موقف الشيخ جاد الحق في بيان رسمي مخافة الرأي العام الشعبي الذي انحاز لموقف جاد الحق.

 

 

 

طنطاوي والرئيس

وبعد رحيل الشيخ جاد الحق تولى الشيخ محمد سيد طنطاوي منصب شيخ الأزهر، بعد أن كان مفتيا للديار المصرية، وتميزت فترة الشيخ طنطاوي بعدم صدامه مع السلطة أو الرئيس بل صب تركيزه على تجديد المناهج الخاصة بالأزهر الشريف.

وعن العلاقة بين طنطاوي ومبارك، يروي الدكتور مصطفى الفقي، في كتابه "سنوات الفرص الضائعة" عن أحد المواقف الذي كان شاهدًا عليها فيقول "الفقي": الدكتور طنطاوي جمعته صلة طيبة بالرئيس، وكان يحب أن يرضي السلطة وكان رجلًا طيّعًا”.

وتابع: ”أتذكر أننا كنا في عيد تحرير طابا وجاءت جلستي في ذلك اليوم في الطائرة بجوار طنطاوى – كان وقتها مفتيًا للبلاد – قلت له: يا فضيلة المفتي إحنا رايحين أمريكا الزيارة السنوية للرئيس وسوف نقيم هناك أسبوعًا، أنا أقترح أن رمضان أوله الجمعة طب ما تخليه الخميس.. قال: "هذه رغبتك أم أنها إرادة الرئيس"، فقلت: "دي رغبتي أنا"، فقال لي مازحًا: "لو أراد الرئيس لأجلناه أسبوعًا".

 

 

 

الطيب ومبارك

وفي 19 مارس2010 أصدر "مبارك" قرارا بتعيين الدكتور أحمد الطيب شيخا للأزهر خلفا للراحل محمد سيد طنطاوي، وحسبما أشارت تقارير صحفية آنذاك فإن "مبارك اختار الطيب من بين خمسة أسماء عرضت عليه لخلافة طنطاوي، ليس بسبب الكفاءة فقط، وإنما لإجادته اللغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة".

وكان مبارك وقتها يعالج في ألمانيا، وتقدم له رئيس ديوان رئاسة الجمهورية زكريا عزمي بقائمة من خمسة أسماء لاختيار شيخ للأزهر، فاختار الطيب وقال إنه يجيد الفرنسية والإنجليزية، وهذا ما نريده في شيخ الأزهر حتى يقدم صورة الأزهر والإسلام للعالم بلغاته المختلفة ويكون منفتحا على الآخر".

ولم يمض على قرار تعيين الطيب في منصبه الجديد أكثر من تسعة أشهر حتى اندلعت ثورة يناير، لتطيح بمبارك بعد 18 يوما، وأصدر الأزهر حينها عدة بيانات يدعو فيها إلى ضبط النفس وعدم إراقة الدماء، وبالتزامن مع ما عرفت بموقعة الجمل في 2 فبراير 2011، أعرب الطيب عن أسفه الشديد للصدامات، مشددا على ضرورة التوقف فورا عن العصبية الغاشمة، وكرر دعوته الشباب المتظاهرين إلى التحاور.

ومن بعد رحيل مبارك بدأ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في رحلة ترتيب المشيخة وقيادة ثورة التجديد في كافة أرجاء الأزهر والتي تستمر حتى الآن.

 

الجريدة الرسمية