رئيس التحرير
عصام كامل

توبة الحويني

تولّى الدكتور صلاح قبضايا رئاسة تحرير الأحرار ولأسباب عديدة ليس وقتها قررنا أن نترك الجريدة.. رفض الرجل.. ورفض مدير التحرير وقتها ورئيس تحرير فيتو الآن العزيز جدا عصام كامل ـ مع حفظ الألقاب ـ وإمعانا في الرفض قررا أن نتولى بخلاف صفحة الناس اليومية الإشراف على صفحة الدين كل جمعة.

 

ثم الإشراف على الملحق التعليمي الأسبوعي.. ثم الإشراف على صفحة الرأي وكانت تصدر ثلاث مرات أسبوعيا ارتفعت إلى أربع ثم إلى خمس!!

 

وقبل الدهشة من ربط القصة السابقة بالعنوان أعلاه نقول -والبعض يظن إن علاقتنا بتجديد الخطاب الديني وليدة هذه الأيام- إننا وجدناها فرصة لتنطلق صفحة الدين في اتجاه آخر بعيدا عن صفحات الدين التقليدية التي هي أقرب إلى مجلات الحائط من آية قرآنية وحديث شريف وحكمة ثم حوار مع أحد الشيوخ.

 

اقرأ أيضا: في قلب الوطن ولو في الصين !

 

إنما آثرنا قضايا تحتاج إلى اجتهادات جديدة وفق تفكير مختلف، ثم أعدنا نشر كتاب مهم للغاية لم يأخذ ولا صاحبه نصيبهما من الشهرة كان الكتاب بعنوان "لا نسخ في القرآن" للعالم الجليل أحمد حجازي السقا، وقد حدث ما توقعناه وأثار الكتاب جدلا واسعا بعد أن قلب الدنيا على ما اعتمد عليه الكثيرون في التفسير طوال مئات السنين!

 

أما في صفحات الرأي فكما كانت أسماء وطنية مهمة تكتب منها الراحل اللواء صلاح سليم والدكتور سعيد صادق والكاتب الراحل عادل الجوجري وغيرهم، كان أيضا الشيخ عبد الرحمن ابن محمد لطفي والكاتب محمد شعبان الموجي المعروفان بأفكارهما الأصولية المتشددة.. ورغم العلاقة المتميزة معهما إلا أننا دعونا للكتابة الطرف النقيض تماما لهما.

 

فكتب الكاتب الإسلامي عبد الفتاح عساكر والدكتور عثمان علي قبل هجرته إلى كندا ثم الدكتور أحمد صبحي منصور نفسه قبل هجرته إلى أمريكا وغيرهم!

 

اقرأ أيضا: ذبح "صفقة ترامب" علي نيل القاهرة !

 

أيام وتشتعل المعارك على صفحات الجريدة بين المدارس المختلفة في فهم الإسلام، ويأتي من يقول إن عددا من خطباء الجمعة يهاجمونكم وإن الشيخ أبو إسحق الحويني، وكان وقتها في عز مجده.. شهرة كبيرة جدا ونفوذا روحانيا طاغيا يهاجم موضوعات ومقالات منشورة عندكم!!

 

قال من أبلغنا إن ذلك في أحد مساجد كفر الشيخ! وأبلغنا آخر أن مسجدا قريبا من الجريدة في كوبري القبة يفعل الشيء نفسه، بينما أبلغنا ثالث أن أحد ركاب المترو كان يلعنكم وهو يتصفح الجريدة بجواره في المترو!

 

الشيخ أبو إسحق وأنصاره وتلاميذ مدرسته اتهموا الآخرين بأنهم قرآنيون ينكرون السنة النبوية وهؤلاء تكاد السنة في فهمهم تتحول إلى كل ما يقوله الشيخ أبو إسحق ويكاد الشيخ أبو إسحق لديهم أن يكون هو شخصيا السنة النبوية!!

 

وراحوا يطلقون الألقاب على الرجل ومنها أنه "أعلم أهل الأرض بالحديث الشريف"!

 

كنا سعداء بالمكافآت التي يصرفها لنا الراحل الكريم الدكتور قبضايا حتى أنه كان يمنحها لنا في الحال من جيبه على أن نوقع بالاستلام فيما بعد ولهذا حديث آخر.. لكن كانت للصورة جانب آخر.. فالمعاناة الحقيقة في المناقشات والجدل في كل مكان نذهب إليه بعد أن كادت خطة أسلفة المجتمع وأخونته أن تتم.. حتى من كنا نعتبرهم خصوما لهؤلاء بدت عقولهم متأخونة متسلفنة.. وكانت المرجعية الأساسية أو على الأقل إحدى المراجع المهمة لهم هو ما يقوله الشيخ أبو إسحق الحويني!

 

اقرأ أيضا: الهدف الحقيقي لصفقة ترامب!

 

الآن.. خبر الموسم.. بعد سنوات من كل هذه المعارك يعلن الحويني نفسه توبته أو تراجعه مما قال وفسر وخطب! الآن.. هو شخصيا يعلن أنه تسرع من أجل الشهرة وغيرها في تفسير وفهم الكثير من الأحاديث! بالطبع هناك جانب جيد في الاعتذار والتوبة.. وهو العودة للحق والاعتراف بالخطأ وعدم المكابرة والتكبر فكان من الأوابين الذين مدحهم القرآن ممن يعودون إلى الحق متى عرفوه وهو ما نحسبه له لا عليه.

 

وهناك كثيرون يستكبرون عن فعل مثل ذلك.. لكن يبقي السؤال: من يعوض مصر عن الخسائر التي حدثت؟ ومن يعيد إصلاح العقول التي صدقت الحويني في وقت السعي للشهرة؟ وأين هؤلاء أصلا وقد اختفوا الآن بعد أن اعتذر كبيرهم الذي علمهم… التسلف؟!

الجريدة الرسمية