رئيس التحرير
عصام كامل

"حكاية العمر كله".. قصة حب سيد وماجدة "ولا في الأفلام" | فيديو وصور

فيتو

 "لا الزمان ولا المكان، قدروا يخلوا حبنا ده يبقى كان”..  يمكنك أن تقف لثوانٍ قليلة أمام هذه الجملة التي أتت ضمن أغنية قدم لحنها الراحل بليغ حمدي لتشدو بها وردة الجزائرية، تحت عنوان "العيون السود"، لتجد المعنى الذي يكمن خلفها والذي يدل على حتمية بقاء الحب وخلوده مهما تعاقبت السنوات أو تبدلت الأمكنة، في حكاية حب "السيد فرغلي والسيدة ماجدة"،  حكاية حب بنكهة مصرية، بطلاها لم يقفاها يوما خلف شاشة السينما، ولم نسمع عنهما في ملحمة أو أسطورة لعاشقين تولّد حبهما في رواية هذا الكاتب أو ذاك.

البداية كانت في نهاية سبعينيات القرن الماضي، حينما كانت ماجدة في عامها السابع عشر والسيد لم يكمل العشرين بعد، كان ابن العمة الأكبر، زيارات عائلية مرة في العام من الإسكندرية إلى محافظة بور سعيد حيث تقطن ماجدة رفقة عائلتها، لقاء فنظرة ثم سلام باليد، ولدت قصة حبهما كما تصف ماجدة، والتي استمرت أربع سنوات حتى تزوجا، دون أن يتحادثا، "القلوب كلمت بعضها ونظراتنا لحد ما اعترفنا صراحة، كنا ماشيين في شارع كسرى في بور سعيد، عرفني إنه بيحبني وأنا بحبه، وقلت له هستناك لحد ما تخلص جيش".

 

 

زمن الجوابات الجميل “مرحلة ما قبل الاعتراف”

ثمة فصل مهم في حكاية السيد وماجدة قبل أن يتزوجا ويرزقان بخمسة أبناء، ربما لا تخلو أية قصة حب من هذا الفصل الذي يوثق "كتابةً" كيف تأججت مشاعر الحب بين الطرفين، ما قبل الفيس بوك والرسائل المكتوبة والمسموعة، كانت الخطابات، يسكب العاشقان مشاعرهما فوق سطور الخطاب المتداخلة، وهكذا فعل السيد وماجدة، "بنبعت لبعض جوابات من ورا أهلنا ما كانش فيه أي تواصل بينا غير الجوابات، كان كلها كلام حب. كمان كنا بنتواصل مع بعض بالتليفون والجواب لأنه كان بييجي كل سنة مرة بور سعيد، وكنت بتحجج بتصليح ساعة بابا علشان أخرج معاه وأشوفه".

 

 

حكاوي أيام الفراق

استمر هذا الأمر مدة عام ونصف العام، وشاءت الأقدار بعد ذلك أن تفرقهما فترة من الزمن، ذهب حينها السيد إلى الجيش وبعد ذلك عمل في محافظة مرسى مطروح، وتمت خطبة ماجدة على شخص آخر، لكنها لم تفقد الأمل في عودته مرة أخرى، "كنت حاسة إنه هيرجع وهيكون من نصيبي، لحد ما والدته ووالده جم ولبسوني الشبكة، وهو رجع واتخطبنا، وسافر العراق أربع شهور كون نفسه، وبعدين رجع تزوجنا في عام 1983، وعشنا في الإسكندرية أكثر من 37 سنة دلوقتي، خلفنا أربع بنات وولد".

هدايا عيد الحب | 2 مليار دولار ينفقها العشاق حول العالم على تطبيقات المواعدة

 

 

بالحب كل حاجة بتعدي

يقول شكسبير في مسرحيته الشهيرة هاملت: "الحب وحده بقوته الجبارة، يمكنه مجابهة الزمن"، ويمكننا أن نقول أيضا إن الحب القوي وحده، يمكنه أن يصنع من حياة زوجية مصرية طبيعية، قصة حب مثالية للغاية، فبقوة الحب تمكن السيد وماجدة من مجابهة الظروف المعيشية أيضا، "بالحب قدرنا وعرفنا نتأقلم من أول جوازنا، عيشنا عيشة حلوة لما كانت الفلوس قليلة كنا بنعرف نعدي الوقت بالحب وبنمشي على قدنا لحد ما ربنا وسعها علينا، كان شغال لما اتجوزنا كان شغال نجار مسلح كانت بتبقى ماشية شوية وتقف شوية، لكن كنت عارفة إنه كله هيعدي طالما بنحب بعض، ومن ساعة جوازنا ما حصلتش بينا حاجة وحشة، عمري ما رحت لأهلي إلا زائرة لكن أغضب لأ، لكن لما بنزعل من بعض كله في البيت". 

 

 

الاحتفال بعيد الحب

ربما لم تعرف ماجدة أن الرابع عشر من فبراير يحتفي العالم كله، بقصص الحب التي أثبتت بقاءها ونجاحها، مهما كان عمر هذه القصة أو تلك، لا تعلم أيضا أن العالم خصص لها وللسيد يوما يجددان فيه قصة حبهما، لكنها ومن خلالنا أرادت أن تبعث إليه برسالة بمناسبة عيد الحب قائلة: "عايزة أقول له إني لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي طيبة قلبه وحنيته، وبتمنى من ربنا يكون زوجات بناتنا زيه".

 

 

الزوج يمسك بطرف الخيط الآخر “هدية عيد الحب”

تتحرك السيارة الميكروباص التي يمتلكها الحاج سيد من المنطقة المجاورة لمحطة القطار في منطقة سيدي بشر، صوب الكورنيش، في الخلفية يشدو المطرب الشعبي الراحل محمد رشدي كلمات أغنيته الشهيرة "طاير يا هوا"، تحمل ماجدة باقة ورد صغيرة اشتراها لها قبل الذهاب إلى الشاطئ، وعلى شاطئ كورنيش سيدي بشر يتمشيان على مهل وبخطوات هادئة، احتفال رمزي بسيط بحبهما، ببقائه بل وقوته التي تدعمها العشرة يوما بعد الآخر، "كان ممكن أموت نفسي علشان أروح لها، أموت نفسي علشان اتجوزها وتكون معايا"، بهذه العبارة يفتتح السيد فرغلي حديثه عن قصة حبه التي جمعته بالزوجة ماجدة فرغلي، عبارة تبدو في ظاهرها بسيطة وخالية من أية تعقيدات بلاغية أو أدبية، لكنها كانت فلسفة السيد للفوز بقلب ماجدة وبتكوين بيتهما الصغير معا.

 

 

جواب وقت السفر

"كنت بسافر بور سعيد مخصوص علشان أشوفها، لكن كان صعب أنفرد بيها وأتكلم معاها، كنت بروح أحوم حوالين البلكونة لحد ما تظهر، اتكلم معاها عشر دقائق كدة وأمشي، وبعدين عرفنا طريق الجوابات، فترة قليلة جدا وكنت على وشك دخول الجيش وكان صعب أشوفها فكان الحل في الخطابات، وكانت على قدي وعلى قد أفكاري وكانت بترد على جواباتي، واستمرت الحياة على كدة حوالي 3 أربع سنوات، لحد ما قررت إني لازم اتجوزها، لكن الظروف المادية وقفت عائق وما كانش فيه فلوس أفتح بيت، فقررت أسافر أكون نفسي".

 

 

عشرة 37 سنة

سنة وأربعة أشهر كانت فترة الاستعدادات لإتمام الزواج، فقد سافر السيد ونجح في جمع مبلغ من المال، جهز به شقة متواضعة في أحد أحياء الإسكندرية، وانتقل الزوجان للعيش بها، وسنة تلو الأخرى، وما زال الحب بينهما تنمو أفرعه وتمتد جذوره نحو الأعمق، "كان فيه أزمات كتير بتقابلنا، لكنها صبورة وصبرت معايا كتير وتحملتني كتير، لا بتطلب لبس ولا خروج ولا أي شيء، مش مسرفة الموجود بتصرفه". 

 

 

مع بعض لآخر العمر

"ماجدة هي كل حاجة في حياتي، وكلمة أخيرة أحب أوجهها لها: أنا بحبك وهفضل أحبك وهحبك على طول" رسالة أخيرة بعث بها السيد لماجدة، ليحمر وجه الثانية خجلا، تعود للوراء عشرات السنوات، يتجدد شباب حبهما كلما ألقى الزوج عليها كلمة "بحبك".

الجريدة الرسمية