رئيس التحرير
عصام كامل

سمير غطاس : لا أراهن على موقف الجامعة العربية "آخرهم آخرهم بيان إدانة وشجب" .. والفلسطينون الآن أصبحوا"عرايا" ( حوار )

سمير غطاس
سمير غطاس

التوافق الداخلي بين فتح وحماس "وهم"

واتجاه لتهميش الدور المصرى لصالح العلاقات (العربية – الإسرائيلية)

«قواعد جديدة للعبة».. حقيقة أكدها  بالأدلة الدكتور سمير غطاس، عضو مجلس النواب، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، طوال الحوار معه حول رؤيته لبنود «صفقة القرن» التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا.

«غطاس» حذر من تداعيات صفقة القرن على مصر خصوصا بعد تأكد بقاء ترامب فى السلطة وانتهاء مخاوف إقالته، موضحا أنه بناء على تلك الصفقة، ستنشأ علاقات على جميع المستويات بين الدول العربية - الخليج تحديدا- على حساب مصر، وبذلك يتم تهميش دورها الإقليمي إزاء القضية الفلسطينية.

كما انتقد النائب البرلمانى الموقف العربي من «الصفقة المشبوهة» ووصفه بالـ«مخزي»، مشيرا إلى أن العرب تركوا الفلسطينيين عرايا، بسبب اتفاقية هي الأسوأ بين الاتفاقيات التي تم مناقشتها في أوقات سابقة، ومن بينها اتفاقية كامب ديفيد، والتي كانت تحقق مكاسب أكثر للقضية الفلسطينية عن الوضع الحالي، وأكد «غطاس» أن الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لصفقة القرن لن يدوم طويلا، لاسيما وأن حركة حماس تحركاتها ليست نابعة من مواقف وطنية، وإنما تنفيذا لتوجيهات جماعة الإخوان المنبثقة منها.. وإلى نص الحوار:

*بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفى حضور رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو ما عرف بـ«صفقة القرن».. كيف تقيم الموقف العربي؟

للأسف الشديد الموقف العربي «مخزي».. 3 دول حضروا الاجتماع وأيدوا الصفقة، والباقون لم يعلنوا موقفا واضحا في الرفض، بينما رحبوا بكل بنودها على استحياء.

*لماذا وصفت الترحيب بأنه تم على استحياء؟

 أغلب البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية العربية أشادت بالدور الأمريكي في حل الأزمة، بل ووجهوا الشكر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على جهوده في إنهاء الصراع، فضلًا عن الدعوة لدراسة البنود التي وردت في الصفقة، وهذا يعتبر موافقة ضمنية وتأييد لكل ما فيها.

*بعيدا عن المواقف الرسمية العربية.. ماذا عن الموقف الشعبي والسياسي؟

لم يكن على المستوى المطلوب، فلم نجد على سبيل المثال حزبا سياسيا خرج حتى ولو ببيان يوضح موقفه من الصفقة، ويفند ما جاء فيها من انتهاك كامل وصارخ لحقوق الفلسطينيين.

*هل تتوقع أن يتغير الموقف ويكون هناك اتجاه معارض لهذه الصفقة؟

لن يتحرك أي طرف.. وللأسف تُرك الفلسطينيون عرايا دون غطاء عربي.

*معنى ذلك أن المدة التي منحتها أمريكا والمقدرة بـ4 سنوات لدراسة الصفقة ما هي إلا تحصيل حاصل؟

بالفعل «تحصيل حاصل»، ولن يتم تغيير أي بنود جوهرية، وإن تمت الاستجابة لبعض المطالب التي لن تؤثر إيجابيا في صالح الفلسطينيين، وستنجح الولايات المتحدة الأمريكية في تمرير الصفقة التي تجور على الحق الفلسطيني لصالح الكيان الصهيوني بالمخالفة لكافة الاتفاقيات الدولية والشرعية.

*وسط هذا كل هل تراهن على جامعة الدول العربية في اتخاذ أي موقف؟

لا أراهن على الجامعة العربية إطلاقا، ولا حتى على وزراء الخارجية العرب، لأن المواقف السابقة خير دليل، لأن آخرهم بيان إدانة وشجب، ووعد بالدراسة ومطالبة لجهات لن تسمع إليهم إطلاقا.

*منذ 1948 وهناك العديد من المبادرات لحل الصراع العربي الإسرائيلي ولكن دون جدوى.. أيهما أفضل المبادرات السابقة أم الصفقة التي نحن بصددها؟

ما يحدث حصاد مر لكل المبادرات السابقة التي لم يكن للعرب فيها موقف قوي في مواجهة الكيان الصهيوني، بل يمكن القول إن هذه الصفقة هي أسوأ ما وصلنا إليه، لأن المبادرات السابقة كانت أفضل بكثير من صفقة القرن، فعلى سبيل المثال أثناء مفاوضات اتفاقية كامب ديفيد، طرح كلينتون أن تكون القدس الشرقية مع الفلسطنيين، وكان الخلاف وقتها على المسجد الأقصى، وكان الحل المقترح أن يكون المسجد «فوق الأرض» للفلسطينيين، وما تحت الأرض للإسرائيليين حسب اعتقادهم في شأن «هيكل سليمان»، كما أن المفاوضات مع إيهود أولمرت في 2008 كانت قد وصلت لنتائج أفضل في شأن تبادل محدود للغاية في الأراضي، كما أن القدس وفقا لهذه الاتفاقية كانت ستبقى تابعة للفلسطينيين.

*بعد هذه الصفقة.. كيف ترى مستقبل القدس؟

مستقبل القدس تم تحديده قبل صفقة القرن حينما نقلت الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

*وماذا عن مستقبل الشرق الأوسط أمام هذه الصفقة؟

هناك سؤال كبير ومهم قبل الحديث عن مستقبل الشرق الأوسط، وهو هل أفضل لمصر رفض هذه الصفقة أم الموافقة عليها وتوسيع المصالحة مع الشرق الأوسط؟ومن وجهة نظرك.. أيهما أفضل؟

أولًا يجب الإشارة إلى أن إسرائيل بصدد توقيع العديد من الاتفاقيات مع عدد من دول الخليج مثل البحرين والإمارات والسعودية، هذه الاتفاقيات في جميع المجالات، تبادل تجاري وتعاون أمني وكذلك اتفاقيات دفاع مشترك، كل ذلك سيكون له تأثير قوي على مصر.

*كيف ستتأثر مصر من هذا التعاون؟

في الأوقات السابقة كانت مصر تتمتع بدور إقليمي هام في المنطقة العربية والشرق الأوسط، كانت تتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية، أما بإقامة علاقات بين هذه الدول وإسرائيل ففي ذلك تهميش لمصر، وبذلك تفقد دورها الإقليمي تجاه القضية الفلسطينية، لذلك فإنه من الناحية المعنوية فإن هذه الصفقة أسوأ ما وصل إليه العرب.

*معنى ذلك أن مستقبل الشرق الأوسط وفقًا لهذه الصفقة سيكون بدون مصر؟

للأسف صفقة القرن تضع مصر أمام خيارات صعبة جدا، بسبب ما ستنتج عنه من علاقات عربية إسرائيلية على حساب العلاقات المصرية العربية، وبذلك يضيع دور مصر ويتم تهميش دورها نهائيا، بما يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط، لأن إسرائيل بهذه الصفقة أصبحت جزء أصيل من الشرق الأوسط، وباعتراف أغلب ولن أبالغ لو قلت جميع الدول العربية.

*وما مستقبل الشأن الداخلي وتحديدا في ظل الخلاف القائم بين حركتي فتح وحماس؟

الشأن الداخلي الفلسطيني موحد حاليا ضد الصفقة، إلا أنه لن يدوم طويلا، لأن هناك خلافات واسعة بين حركتي فتح وحماس، لا سيما وأن الأخيرة المنتمية لجماعة الإخوان، ليست صاحبة قرار وطني، وإنما تعمل وفقا لرؤية جماعة الإخوان، وهو الأمر الذي يضر بالوضع تماما وقد يؤدي للخراب.

لكن مصر لعبت دورا كبيرا في عملية المصالحة؟

للأسف توقف دورها منذ فترة، وفى الوقت الحالى مصر تكتفي بالتهدئة فقط.

*هل يمكن الربط بين الموقف المصري وأزمة سد النهضة الإثيوبي.. بمعنى أن مصر تنظر لمستقبلها المائي الذي ترعاه أمريكا ولم تبين موقفا واضحا في رفض الصفقة لهذا السبب؟

«هي الحداية بتحدف كتاكيت».. نحن العرب أصبحنا لعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذا الشأن الاتفاقية بين مصر والسودان وإثيوبيا هي من أسوأ الاتفاقيات في شأن مياه النيل، ولا يوجد نص أو بند واحد في الاتفاقية أو المباحثات التي ترعاها أمريكا يقر بأحقية مصر في حصتها من مياه النيل والمقدرة بـ55 مليار متر مكعب من مياه النيل، وكل ما جاء في الاتفاقية ليس أكثر من مراعاة عدم ملء السد في سنوات الجفاف، وهذا النص لا يمكن التعويل عليه كثيرا في الحفاظ على حصة مصر، وإثيوبيا ماضية في خطتها، وأمريكا لن تنتصر لمصر في هذه المفاوضات.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"  

الجريدة الرسمية