رئيس التحرير
عصام كامل

خريطة تحركات العرب للرد على  خطة دونالد ترامب.. مصر تتبنى الواقعية السياسية.. والسعودية والإمارات يسيران على نفس النهج

فيتو

مسارات عديدة انطلقت بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنود خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط والمعروفة إعلاميًا بـ«صفقة القرن»، من أجل بحث وضع خريطة للتحرك الفلسطيني والعربي دوليًا في التعامل مع الصفقة، واتخاذ خطوات قوية يمكن من خلالها الحفاظ على الحقوق المشروعة والتاريخية للفلسطينيين في أراضيهم، في ظل محاولات دولة الاحتلال المتواصلة؛ لتحقيق العديد من التطلعات غير المشروعة.

 

الواقعية السياسية

الموقف المصري من الصفقة جاء قويا ومباشرا من خلال إعلان وزارة الخارجية أن مصر تقدر الجهود المتواصِلة التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يسهم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

موضحة أن مصر تري أهمية النظر لمبادرة الإدارة الأمريكية من منطلق أهمية التوصل لتسوية القضية الفلسطينية، بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة، من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقًا للشرعية الدولية ومقرراتها.

ودعت مصر أيضا في بيانها الطرفين المعنيين بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام، والوقوف على جميع أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية، لطرح رؤية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إزاءها، للتوصل إلى اتفاق يلبي تطلعات وآمال الشعبين في تحقيق السلام الشامل والعادل فيما بينهما، ويؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

جامعة الدول العربية

وعقدت جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين بحضور الرئيس الفلسطيني، بحضور الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، بحثت خلاله سبل مواجهة "صفقة القرن"، وأكد الاجتماع أن الصفقة تتطلب موقفًا عربيًا موحدًا لمواجهة مخططات تغييب القضية الوطنية الفلسطينية، والقضاء على مبدأ حل الدولتين وفرص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على أرض دولة فلسطين التي احتلت عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، التي أقرتها الاتفاقيات والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية.

وبحسب آراء العديد من المحللين فإن أبناء فلسطين وموقفهم من صفقة القرن يعد العامل والمحرك الرئيسي للرد على النتائج السلبية التي تطال الشعب الفلسطيني، باستخدام ما تبقى من طموحاتهم وأحلامهم المشروعة في وطن ذي سيادة، والتحرك عبر المسارات السياسية ومخاطبة الرأي العام العالمي وتذكيره بقضيتهم العادلة وقرارات الأمم المتحدة حول الحدود الفلسطينية وحقوهم المشروعة، ولابد من وجود آذان تصغى وتؤمن بمنح الحقوق لأصحابها، والدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي.

وطرح صفقة فلسطينية مقابلة والتفاوض بشأنها مع الجانب الأمريكي، في الوقت الذي يتم فيه العمل على وحدة وتماسك القيادات والصفوف.

 

موقف عربي موحد

من جانبه، قال المحلل السياسي الأردني جهاد الرنتيسي: إنه يصعب الحديث عن موقف عربي موحد تجاه صفقة القرن خاصة في الوقت الذي تشهد فيه الساحة العديد من التجاذبات، وكذلك وجود عدد من المحاور العربية، علاوة على تباينات المواقف العربية من الصفقة، موضحًا أنه تم رصد خروج مواقف عربية، وحاول كل طرف الخروج بموقف توفيقي يراعي الشارع الفلسطيني.

وأوضح المحلل السياسي أن اجتماع الجامعة العربية لم يخرج عن هذا السياق وقراراته باهتة، وتعكس الواقع العربي ولا ترقى لمستوى الحدث، لافتًا إلى أن الحالة العربية عاجزة عن الرد على بنود صفقة القرن في ظل الانقسامات الراهنة، مما يجعلنا لا نعول كثيرًا على نتائج ذلك الاجتماع.

وأشار إلى أن الأردن وفلسطين يحاولان تطوير الموقف العربي باتجاه وجهة نظرهم، وذلك في سياق التحرك الدولي من جانب فلسطين وتحرك محمود عباس إلى نيويورك حتى يجري عملية الحشد الدولي، مؤكدًا أن الموقف الأردني والفلسطيني والعربي لن يكون قادرًا على وقف الخطوات التنفيذية للصفقة.

موقف مصري

وفي نفس السياق، أجمع مراقبون سياسيون على أن هناك مواقف عربية، وموقفا عربيا تقوده مصر والإمارات والسعودية ورحبت به الخطة الأمريكية، وقالت إن هناك فرصا لإمكانية بحثها أو مناقشتها، لافتًا إلى أن الرفض الفلسطيني للنقاش لن يؤدي لنتيجة.

ورفض النقاش أضاع فرصا كثيرة على طريق التوصل إلى خطوط تلاقي بين الطرفين، مشددين على أن أغلب الآراء التي خرجت لرفض خطة السلام الأمريكية لم تقرأها بالأساس، وعند الإطلاع على الوثيقة نجد أنها 180 صفحة مكتوبة بحرفية شديدة يجب قراءتها وترجمتها وتحليلها.

واعتبر المراقبون أن الرفض المباشر غير مقبول للمسألة، والموقف المصري عقلاني ويتبنى الواقعية السياسية دون تخلي عن القضية الفلسطينية، فموقف مصر قوي وواضح وبيان وزارة الخارجية المصرية صدر بعد إعلان الخطة مباشرة والموقف الإماراتي والسعودي يميل إلى هذا الاتجاه.

ونوه المراقبون إلى أن الموقف المقابل يندد بأن القضية الفلسطينية تصفى وأن هناك تنازلات، والمسألة تحتاج إلى هدوء حتي تتبين الحقائق، فكما أن هناك إدارات سابقة قدمت مشروعات حول السلام بين فلسطين وإسرائيل لم يكتب لها النجاح، قدم بوش رؤية وكلينتون كذلك ولكن الرؤيتين لم يكتب لهما النجاح، وهذا الأمر يشير إلى أن خطة ترامب قد لا تنجح أيضا.

لأن ترامب ونتنياهو يواجهان مأزقا كبيرا، الأول مواجهته لمحاكمة العزل وتأثيرها على الجمهوريين في الانتخابات المقبلة، وكذلك الأخير الذي يواجه قضايا فساد، وأشاروا إلى أن 4 سنوات كفيلة بتغيير الكثير من السياسات سواء الفلسطينية أو الأمريكية أو الإسرائيلية، وبالتالي نحن نتحدث حول تدخل العديد من المتغيرات، لا يمكن أن تفرض تسوية بدون موافقة وتأييد الفلسطينيين، وعلينا أن نهدأ ولا ننتقد المواقف، والخرائط النهائية للخطة لم تقدم بعد.

وترامب نشر خريطة واحدة ثم سحبها وقال إنها خريطة أولية، ولكن الخرائط ستتم على مستوى الفلسطينيين والأمريكيين والإسرائيليين بعد التوافق ويرسمون الحدود. وأكدوا أن القضية فيما وراء الخطة ومحاولة إسرائيل الاستثمار في هذه الخطة، ومحاولة فرض إجراءات من جانب واحد، والدليل أن نتنياهو الذي توجه لروسيا لعرض الخطة على الرئيس الروسي، سيعود لإسرائيل ويقول إن الطرفين الكبار أمريكا التي أعلنت الخطة وروسيا القطب الكبير الآخر وافقت عليه، وسيقوم بعمل اجتماع مصغر للحكومة يناقش فيه ضم أغوار الأردن وشرعنة المستوطنات.

واستطردوا أن اجتماع الجامعة العربية لم يخرج عن إدانة المشهد وتشكيل لجان لتقصي الحقائق، لأن الاجتماع على مستوى المندوبين وليس رؤساء الدول، ومستبعد أن تعقد قمة عربية مصغرة، ولكن أبومازن خلال عشرة أيام سيتوجه إلى مجلس الأمن وسيعرض وجهة نظره في الخطة نفسها، ويطالب بإدانة الخطة وتقديم مشروع قرار للرفض، واتباع مسلك الائتمان الدولي، وربما يتحرك أبومازن أيضًا على الجانب الآخر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولابد من عدم التعامل مع الخطة على أنها نهاية العالم.

وأوضحوا :"الفلسطينيون أمامهم فرص جيدة ونتمنى أن تتم المصالحة الفلسطينية على وجه السرعة، وهناك حاليا مفاوضات ذهابا وإيابا تجري في رام الله ونتمنى أن تتوصل لنتائج إيجابية في ذات الشأن"، مؤكدين أن طلب فلسطين من طرف عربي التفاوض باسمها غير وارد، ولكن الفلسطينيين لم يعلنوا حتى الآن وقف التنسيق الأمني، ولم يتم تجميد اتفاقيات أوسلو أو باريس الحاكمة للعلاقة بين إسرائيل وفلسطين، وذلك يعني أن الجانب الفلسطيني لايزال يدرس المشهد رغم الاعتراضات المتوالية، والمسارات الفلسطينية ستنطلق بعد الجامعة العربية ويمكن بعدها تقييم تلك التحركات.

نقلًا عن العدد الورقي..

الجريدة الرسمية