رئيس التحرير
عصام كامل

أبو الغيط موجها رسالة للعالم: الفلسطينيون ليسوا وحدهم

احمد ابو الغيط الامين
احمد ابو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية

قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية إن الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية اليوم باعثه الحاجة إلى بلورة موقف عربيّ جماعي من الطرح الأمريكي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحضور ومشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي، في 28 يناير الماضي.

 
 
 

 

وأضاف خلال كلمته اليوم فى اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن صفقة القرن اليوم بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس “إن قضية على هذه الدرجة من الخطورة والأهمية للعالم العربي تقتضي أن يكون موقفنا الجماعي على ذات المستوى من الجدية والشعور بالمسئولية.. ففلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، ولم تكن كذلك في أي وقت.. ولن تكون... هي قضية عربية تهم العرب جميعاً وتجمع شملهم من المحيط إلى الخليج.. واجتماعنا اليوم هو، في معناه ورسالته، وقفة تضامن مع الفلسطينيين .. شعباً وقيادة”.

 

وركز على أن اليوم “نبعث برسالةٍ للعالم أجمع بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم .. وأن القرار الفلسطيني الحُر، له ظهير عربي .. مساندٌ في كل حال، وداعم في كل حين”.

وسجل ابو الغيط أربع ملاحظات مختصرة على الخطة الأمريكية: ذكرها كالتالي: 

 

الملاحظة الأولى

أن العرب يأخذون كل مقترح للسلام، من أي طرفٍ كان .. بالجدية الكاملة وبروح المسئولية.. لأن إنهاء الصراع مع إسرائيل هو مصلحة فلسطينية وعربية مؤكدة .. ولكم طالبنا الإدارة الأمريكية وغيرها من الأطراف بانخراطٍ أكبر لدفع الطرفين للتفاوض .. وبعمل أكثر من أجل توضيح نهاية الطريق ومحددات التفاوض حتى لا تدور المحادثات في دائرة عبثية من تفاوض لا ينتهي.. ولكننا -وبكل صراحة- لم نكن نتوقع أن تكون "النهاية المُقترحة للطريق" مخيبة للآمال ومجافية للإنصاف على النحو الذي صدر.

 

كانت الإشارات واضحة منذ الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ نحو عامين.. إلى غير ذلك من الإجراءات والسياسات والمواقف الأمريكية التي شكّلت –في مجموعها- ضغطاً غير مسبوق على الفلسطينيين...وسبق لهذا المجلس أن رفض هذه المواقف في حينه.

 

أقول إن الإشارات كانت واضحة، ولكن الحقيقة أن الطرح الأمريكي الأخير، والمدعوم إسرائيلياً، قد كشف عن تحولٍ حاد في السياسة الأمريكية المستقرة تجاه الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي وكيفية تسويته .. وهو أمرٌ يُشكل مصدر انزعاج وقلق شديد بالنسبة لنا.. ونرى أن هذا التحول في محددات الموقف الأمريكي-التي تشكلت منذ بدء مسيرة التسوية السلمية في مؤتمر مدريد (1991)- لا يصب في صالح السلام أو الحل الدائم والعادل.

 

الملاحظة الثانية

 أن السياق الذي طُرحت فيه الخطة الأمريكية، وتوقيت طرحها يُثير علامات استفهام في أقل تقدير، لكي لا نقول الريبة والتشكك.. وكنا نتوقع ونتمنى ألا تخرج تسوية تاريخية على هذا القدر من الخطورة والأهمية، على حد قول الرئيس الأمريكي، بالصورة التي خرجت بها.. وكأنها محصلة تفاوض بين الوسيط وأحد طرفي النزاع .. بل وكأنها منحة من الوسيط إلى هذا الطرف بالتحديد.. لقد كان في طرح الخطة على هذا النحو رسالة سلبية للرأي العام أثرت على استقباله للخطة ومضمونها.

 

الملاحظة الثالثة

إنني وإن كنتُ لا أرغب في أن أناقش تفاصيل الخطة الأمريكية .. إلا أنني أكتفي فقط بالقول إننا كعرب لسنا متشنجين أو من أنصار المواقف العنترية.. نحن لا نزايد أو نتاجر بقضايانا مثل آخرين .. بل ندرس بعمقٍ وتأنٍ كامل ما يُطرح علينا، واضعين نصب أعيننا مستقبل أبنائنا وحكم التاريخ علينا .. ومن حقنا أيضاً أن نقبل أو نرفض .

 

من حقنا يقيناً أن نُقدم طرحنا ورؤيتنا (كما فعلنا منذ 18 عاماً في مبادرة السلام العربية) .. وإلا كان المقترح الأمريكي – في حقيقته وجوهره- يمثل إملاءاتٍ أو عرضاً لا يُمكن رفضه أو حتى مناقشته .. وسيكون الأمر في هذه الحالة منافياً لأبسط مبادئ العدالة والإنصاف، بل ومجافياً للمنطق وطبيعة الأشياء.

 

الملاحظة الرابعة

هناك ما يُشير للأسف إلى أن الطرف الإسرائيلي يفهم الخطة الأمريكية بمعنى الهبة أو العطية التي يتعين اغتنامها والاستحواذ عليها .. وهناك ما يؤكد أن اليمين الإسرائيلي يعتبر الطرح الأمريكي ضوءً أخضر للمُضي في خطة طالما تبناها وحلم بتنفيذها.. وهي ضم المستوطنات كلها وغور الأردن بأكمله.. والانفصال أحادياً عن بقية الأراضي المحتلة في الضفة .. ومعنى ذلك أن تكون نتيجة هذا الطرح الأمريكي هي استدامة الاحتلال مع إضفاء الشرعية عليه .. وهي نتيجة لا أظن أبداً أن هذه الإدارة الأمريكية تسعى إليها، أو أن المجتمع الدولي يُقر بها.

الجريدة الرسمية