رئيس التحرير
عصام كامل

كـــلام فـــى الغـــلاء

تأملت تفاصيل فاتورة موبايلى "ستار كونترول" والمدونة فى رسالة نصية تلقيتها من إحدى شركات المحمول الأربعة، وصُعِقْتْ عندما اكتشفت أننى أسدد ضعف قيمة اشتراكها الشهرى، لأنها محملة بأربعة أعباء كالتالى :

 

>>  الاختام ورسوم تطوير الدولة - 10 جنيهات

>> ضريبة الجدول 8% - 4 جنيهات و24 قرشا

>> ضريبة سعر عام 14% - 8 جنيهات و3 قروش

>> الـ"كول تون"-  8 جنيهات ، وهى شكل من أشكال الابتزاز للمستهلكين

 

الإشتراك الشهرى للفاتورة يبلغ 35 جنيها، بينما إجمالي ما سددته 66 جنيها، أى أن كل مواطن لديه خط موبايل يدفع أعباء إضافية هو ليس مسئولا عنها أو معنى بها قدرها 31 جنيها، وهو مبلغ يلامس ضعف الفاتورة الأصلية تقريبا.

 

اقرأ ايضا : وزير التموين.. من الإحسان إلى "الأنعرة"

 

أولا: وعلى ضوء هذه الأرقام التفصيلية، أريد مسئولا فى جهاز تنظيم الاتصالات أو فى الحكومة يخرج علينا ليوضح ماهية الـ 10 جنيهات المفروضة فى فاتورة موبايلاتنا تحت بند "الأختام ورسوم تطوير الدولة"، ويكشف لنا من الذى فرضها وبأى وجه حق؟!

 

ثانيا : مامعنى أن يدفع المواطن ضريبة تحت بند "الأختام"، وهل مجهود الأختام مرهق الى حد أن تفرض له الدولة 10 جنيهات على كل خط موبايل؟!

 

ثالثا : إذا كان هناك تطوير يحدث، فما هو، وفى أى مجال، ولماذا يدفع المواطن فاتورته؟

 

رابعا: ما أعرفه أن البرلمان أقر منذ عامين ضريبة القيمة المضافة، والتى كانت فى السابق تسمى ضريبة المبيعات ورفع نسبتها الى 14%، وهى موجودة فى الفاتورة التى أتحدث عنها تحت مسمى "ضريبة سعر عام"، فلماذا يتم إذن فرض ضريبة أخرى اسمها الجدول بنسبة 8%؟

 

واقرأ أيضا : "زملكاويتي" التي أقلعت عنها

 

خامسا: كتبت فى مقال سابق عن ابتزاز شركات المحمول في مصر لعملائها تحت مسمى خدمة الــ "كول تون" أو النغمة التي يسمعها المتصلون على موبايلك، حيث تفرضها عليهم دون علمهم وتجبرهم على دفع اشتراك شهرى لامفر ولا مخرج منه، وطالبت بإلغائها وإيقاف هذه المهزلة، ولم يستجب أحد وكأننا نكتب فى "مالطة".

 

سادسا: عندما شكوت فى مقال سابق من نفس الضريبة على وجبات المطاعم، قالوا "اللى معترض ماياكلش بره البيت"، فهل نلقى موبايلاتنا فى أقرب بحر، ونعيش بدونها وبدون نت؟، و"هل الإنترنت في البيت هو سلعة ترفيهية لكى تفرض عليه الدولة أيضا 14% ضريبة "قيمة مضافة"، وهل المواطن الغلبان –كما قلت- أكثر ثراء من شركات الاتصالات لكى يسدد 8 أعباء ضريبية على فاتورة موبايله وفاتورة الإنترنت المنزلى؟.

 

لقد أصبح عبء الفواتير ثقيلا على كاهل المصريين "الغلابة" الذين تأثروا من تداعيات تعويم الجنيه قبل 3 سنوات، فاتورة مياه العمارة التى أقيم فيها -على سبيل المثال- جاءت لـ 10 شقق بمبلغ 3700 جنيه عن شهرى نوفمبر وديسمبر 2019 بعد أن كانت منذ سنوات مضت بمائة جنيه للعمارة بأكملها، وكذلك فاتورة الكهرباء 2200 جنيه عن شهر واحد، وصرنا نرى سكانا يتبرمون ويمتعضون ونشأت مشاكل كثيرة مع اتحاد الملاك فى معظم العمارات بسبب فواتير المياه والكهرباء والغاز التى تتضخم قيمتها شهرا وراء شهر..

 

وأصبحت أرقامها فلكية بالآلاف بحيث يجد المواطن نفسه يسدد 500 جنيه استحقاقات شهرية للعمارة التى يسكن فيها فقط ، بخلاف فواتير شقته، شهرية العمارة مثلا تضاعفت منذ التعويم من 150 الى 400 جنيه ولم تعد تكفى لتغطية الفواتير الفلكية للعمارة فقط وليس للشقة محل السكن.

 

الذهاب للطبيب أصبح يكلف ألف جنيه بحد أدنى لزوم الكشف والأشعة والتحاليل وفاتورة الأدوية، لو افترضنا أن الأسرة المكونة من خمسة أفراد ستزور الطبيب فى الشهر مرة واحدة ستحتاج الى خمسة آلاف جنيه فى دولة يبلغ الحد الأدنى لرواتبها ألفين جنيه؟.

 

واقرأ أيضا: نحن صحفيون.. ولسنا بوسطجية

 

فلماذا لايكون الحد الأدنى لرواتب المصريين 10 آلاف جنيه وليس ألفين بعد أن فرض التعويم واقعا صعبا ومؤلما على الأحوال المعيشية لهم، حان وقت الاعتراف به والتعامل معه بواقعية، فقد تضاعفت أسعار كل شيىء ثلاث مرات وصار "أبو جنيه" بثلاثة، صحيح أن الرواتب تزيد، لكن بنسبة هزيلة لا تواكب الزيادة الرهيبة فى الأسعار والخدمات، علينا أن نعترف باقتراب أسعار فواتير المصريين من سلع وخدمات من أسعار دول الخليج، وقد عشت 8 سنوات فى إحداها وأتابع الأسعار هناك عبر أصدقائى، لكننا للأسف لا نحصل على نفس رواتب مواطنيها أو حتى ربعها.

 

ياسادة .. الحكومات تأتى وتضع السياسات الاقتصادية لتحقيق الرفاهية للمواطنين ، لالتتعامل معهم باعتبارهم كنزا تغترف من أمواله أو دجاجة تبيض لهم ذهبا، ولاتفرض عليهم أعباء مالية تنوء قدرتهم على احتمالها ، وتضغط عليهم حتى يصلوا الى مرحلة الصراخ.

 

الجريدة الرسمية