رئيس التحرير
عصام كامل

مافيا "المحليات".. تمثل 70% من فساد "الدولة العميقة".. والتنمية المحلية تضع استراتيجية "المحاور الثلاثة" للمواجهة

اللواء محمود شعراوي..وزير
اللواء محمود شعراوي..وزير التنمية المحلية

رغم أن السنوات الماضية، شهدت محاولات من جانب عدد من الوزراء الذين تولوا حقيبة «التنمية المحلية» للتخلص من «وصمة عار فساد المحليات» باعتبارها رأس حرب الدولة العميقة، لكن متابعة ما يحدث على أرض الواقع يؤكد – بما لا يدع مجالًا للشك- أن جهودا أكثر يجب أن تُبذل في سبيل التخلص من«غول فساد المحليات»، كما نوَّه رئيس مجلس النواب الأسبوع الماضى بشأن قانون التصالح على مخالفات البناء,

طفرة في الإصلاح

تعقيبًا على تصريحات، رئيس البرلمان، قال الدكتور خالد قاسم، مستشار وزير التنمية المحلية، المتحدث الرسمى باسم الوزارة: يتم إحداث طفرة لإصلاح المحليات، وفقا لخطة إستراتيجية ترتكز على ثلاثة محاور وهى (التنمية المحلية الاقتصادية، التنمية المحلية الاجتماعية، والتنمية المحلية البشرية).

مع الأخذ في الاعتبار أن التحسين المستمر يضمن التطوير المستمر، والوزارة تجمع الآن بين اللامركزية والمركزية لإصلاح المحليات، والتنمية المحلية الاجتماعية هي خطة الوزارة لإشراك المواطن في إصلاح المحليات وذلك يتم من خلال الاستماع إلى شكاواهم واستفساراتهم ومقترحاتهم في التطوير.

مبادرة صوتك مسموع

ولعل مبادرة «صوتك مسموع» خير دليل على ذلك، حيث إن اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، يتابع ما يرد إلى المبادرة من شكاوى واستفسارات للمواطنين ومدى التفاعل معها أسبوعيا، وهناك بعض المحافظين يسألون دوما عن ترتيبهم في المحافظات الأكثر تفاعلا مع المبادرة حيث تتنافس المحافظات في حل مشكلات المواطنين، وحل أي قصور في آلية التعامل مع المواطن.

وأضاف مستشار وزير التنمية المحلية: محاربة الفساد على رأس أولويات الوزارة، وهناك جهات رقابية من شأنها اكتشاف هذه العناصر والتخلص منها وتقوم الوزارة بالتنسيق مع بشكل مستمر، وهناك جهات رقابية داخل الوزارة كجهاز الرقابة والتفتيش، واللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية يرفع شعار «بتر أي عضو فاسد أو أي عضو يعرقل مصلحة المواطن».

وعلى سبيل المثال تم إحالة أكثر من 380 موظفا خلال عام 2019 إلى النيابة الإدارية للتحقيق معهم في بعض المخالفات اكتشفتها جولات لجان جهاز التفتيش والرقابة بالمحافظات، وأكمل: الوزير لا يهتم فقط بالتحقيق مع العناصر الفاسدة والتخلص منها، بل يتم إعادة هيكلة للقيادات التنفيذية، وفقا لتقارير تقييمهم، حيث تم نقل البعض من الوظائف القيادية إلى وظائف غير قيادية، بعد التأكد من فشلهم في الإدارة والتعامل مع المواطنين، وهو ما حدث مع بعض سكرتيرى العموم ورؤساء أحياء ووحدات محلية، والوزارة تسعى لوضع كل شخص في المكان المناسب وفقا لمهاراته وقدراته حتى يتم الاستفادة به في خطة الإصلاح.

كما أوضح مستشار وزير التنمية المحلية، أن «قانون الإدارة المحلية سيساعد على إصلاح آلية المحليات من ناحية الشق التشريعى»، لافتا إلى أن الوزارة لا بد أن تعمل بجانب القانون على عدة محاور للوصول إلى المحليات لبر الأمان، ومؤكدا أنه يتم تدريب العاملين بالمحليات وصقل مهاراتهم في مركز سقارة للتدريب التابع للوزارة، وذلك في كافة المجالات، بهدف رفع قدراتهم بالعمل.

المراكز التكنولجية

وأشار «قاسم» إلى أن «المراكز التكنولوجية» تعد طفرة في آلية العمل داخل المحليات، حيث إنها ستقضى على الفساد، نظرا لأنها تفصل طالب الخدمة عن مقدمها، موضحا أنه لا يوجد أي مجال للتعامل بين المواطن والموظف، وبالتالى تم غلق كافة الأبواب أما الرشاوى، فضلا عن أن تقديم الطلب يتم بشكل إلكترونى بعيدا عن أي تعقيدات أو إجراءات روتينية، ضاربا المثل بالتجربة الرائدة التي طبقتها الوزارة في محافظتى قنا وسوهاج، ضمن مشروع تنمية الصعيد، حيث تم تقليص إجراءات بعض استخراج التراخيص للتيسير على المواطن، كما تم إطلاق دليل إلكتروني للمواطن به كل الخدمات التي يحتاجها المواطن والأوراق المطلوبة لإجرائها، بالإضافة إلى دليل إلكتروني للموظف نفسه يوضح له كيفية التعامل مع المواطن وتيسير الإجراءات عليه.

الدولة العميقة

بدوره.. قال الدكتور مرزوق العادلي، الخبير في إدارة الأزمات: مصطلح الدولة العميقة دخل القاموس السياسي المصري بعد ثورة 25 يناير، والتصق كثير من استخداماته بآخر جديد مثله، وهو فلول نظام حسني مبارك في بيروقراطية الدولة، وكذلك والمستفيدون منه لإعادة النظام مرة أخرى، مشيراً إلى أن «الدولة العميقة لا يجب أن تتحكم في القانون بل يجب حدوث العكس، كما أن الدولة قادرة في القضاء عليها، وكذلك القضاء على أصحاب المصالح الذين تربطهم علاقات واسعة مع متخذي القرار».

وأوضح، أنه «خلال الفترة الحالية الدولة تمتلك أدوات التغيير والتي من أهمها القانون وتطبيقه على أي جماعات تقف حائلا أمام عمليات التنمية والإصلاح وذلك من خلال النظام الحالي وقوانينه وقدرته على تطبيق القانون، وهي تعتبر كلمة السر في القضاء على مصطلح الدولة العميقة الذي أصبح متفشيا في المجتمع المصري خلال السنوات الماضية، لذلك يجب تطبيق القانون بالعدالة على الجميع، وإذا كانت هناك رغبة حقيقية في القضاء على الدولة العميقة يجب القضاء أيضًا على بعض رموز الدولة السطحية التي قد تعرقل التطور والتنمية».

وتابع: الدولة العميقة هي البيروقراطية وأصحاب المصالح الذين يقيمون بالالتفاف حول المسئول في الدولة العميقة والدولة الحديثة وأنهم هم من أهم المعوقات الحقيقية لقاطرة التنمية في المجتمع، فهم من يقيمون بعدم السماح للإبداع والابتكار لدى الكفاءات الجيدة بالدولة بل يقيمون بتدميرها، ويسمحون فقط بالشللية وتحقيق المكاسب الشخصية، مع الأخذ في الاعتبار أن البيروقراطية هي أقوى تأثيرا في عمليات الإصلاح والتنمية في المجتمع من الدولة العميقة على الرغم من ارتباطها الشديد بها».

وأضاف أن «تصريحات الدكتور على عبد العال حول وجود الدولة العميقة تؤكد أنه هناك بعض الشخصيات بالمجتمع لها حسابات أخرى تقف ضد نهوض الدولة الحديثة، لكن يجب على الأخيرة بقوة القانون أن تقضي عليها بقوة القانون لصالح المجتمع والأفراد به، ولكي يتم القضاء على فساد المحليات يجب تشريع قانون انتخابات المحليات من قبل البرلمان لكي تتم عملية انتخابات المحليات خلال 2020، والتي يمكن من خلالها القضاء على ذلك الفساد المتغلغل بالإدارات المحلية، فالدكتور على عبد العال يستطيع أن يحدث تعديلات خطيرة جدا في معظم القوانين للقضاء على الدولة العميقة والتي منها قانون المحليات».

القانون

كما شدد خبير إدارة الأزمات، على أنه «يمكن القضاء على الفساد والإهمال المتواجد بالمجتمع من خلال تطبيق القانون على الجميع، بحيث تكون صياغة القانون نفسها تستهدف الرؤية العصرية الوطنية التي تعمل على تحقيق التنمية للوطن، ولا يتم صياغته بطريقة تخدم على أشخاص بعينهم، ويجب الأخذ في الحسبان أيضًا أنه عند صياغة القانون التوجه المستقبلي بحيث تكون هناك خطط مستقبلية ونظرة ثاقبة، ولا بد من وجود تكاتف جميع أجهزة الدولة للقضاء على ذلك، وضرورة وجود المشاركة المجتمعية، مؤكدا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي دائما ما يسلط الضوء على ذلك في حديثه على أهمية المشاركة للنهوض بالمجتمع وعدم إلقاء العبء فقط رئاسة الجمهورية».

وأوضح أن «الميكنة ليست الحل في مواجهة ذلك في الفترة الحالية؛ لأنه يجب قبل تطبيقها تأهيل المجتمع لذلك في طرق التعامل حتى لا تفشل، ولكنه يعتبر حلا من ضمن الحلول العصرية والمهمة، لذلك يجب تأهيل المجتمع لتقبلها»، مشيرا إلى أنه «لا بد من وجود الثقة بين الحاكم والمحكوم، لكي تحدث تنمية حقيقية داخل المجتمع بجميع الأصعدة لذلك يجب القضاء على أزمة الثقة بين المواطن والمسئول».

خبير إدارة الأزمات الدكتور مرزوق العادلى، أنهى حديثه قائلًا: تفشي الدولة العميقة بالمجتمع المصري وصل إلى 70%، وتأصيلها بجميع مؤسسات الدولة وكذلك تغلغل البيروقراطية.

نقلًا عن العدد الورقي..،

الجريدة الرسمية