رئيس التحرير
عصام كامل

محافظات مصر تحت رحمة "الدولة العميقة".. تعطيل التصالح في الأبنية المخالفة وتعدٍّ على الأملاك العامة أهم الملامح

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تتجسد ملامح الدولة العميقة بشكل أكثر حضورًا وقسوة في المحافظات أكثر من القاهرة، فكلما ابتعدت عن العاصمة، تضاعفت المخالفات والأزمات لأغراض ومغانم شخصية بحتة.

 

الإسكندرية

البداية من الإسكندرية.. حيث لا يزال عدد من تقدموا للمصالحة للعقارات المخالفة طبقا لقانون المصالحات في البناء المخالف، محدود للغاية بالمقارنة مع حجم المباني المخالفة في الإسكندرية، والتي تقدر بأكثر من 6 آلاف عقار مخالف و60 ألف وحدة سكنية، بحسب آخر تقديرات محافظة الإسكندرية.

ويرجع الأحجام عن التصالح في البناء المخالف لعدة أسباب منها الأوراق المطلوبة وتقدير الرسوم للمتر بالنسبة للوحدة السكنية الواحدة، وعدم فهم القانون جيدا بالأحياء والوحدات المحلية والروتين خاصة في المباني المرخصة وبها مخالفات مثل الرسومات الهندسية أو مخالفات طفيفة.

وقال الدكتور هشام سعودي، نقيب المهندسين بالإسكندرية، وعضو اللجنة العليا للمصالحة في البناء المخالف المشكلة بالنقابة العامة للمهندسين أن من تقدموا للنقابة بطلب شهادة إنشائية مؤمنة وهي الخطوة الأخيرة للتقدم للجنة البت في المحافظة بلغ 237 طلبا فقط استخرجوا بالفعل تلك الشهادة، والتي يكون معها كافة المستندات اللازمة لعملية التصالح طبقا للقانون الصادر من مجلس النواب والذي يتم تعديله حاليا.

المنيا

ومن الإسكندرية إلى المنيا.. حيث لا أحد يستطيع أن يتناسى مدى التسهيلات التي تقدمها محافظة المنيا لراغبي التصالح في مخالفات البناء، ولكن كما يقول المثل الشعبي " الحلو ما بيكملش"، فقد يقع راغبو التصالح فريسة لـ المكاتب الاستشارية التي تستخرج من قِبلها "تقارير السلامة الإنشائية والرسومات المعمارية والهندسية" مقابل مبالغ باهظة تجبر راغبي التصالح على دفعها، تلك التقارير التي يجب تواجدها لاستكمال إجراءات التصالح مع الدولة،وهذا ما أكده أحمد جمال حليم، أحد مالكي العقارات السكنية.

وأضاف " حليم" أن الرسم يكلف مالك العقار آلاف الجنيهات دون وجود أي رقابة تحدد قيمة مالية للمكاتب الاستشارية تحدد فيها قيمة رسم البرج السكنى والبرج الإداري والمنزل والمحال الخاصة، وأنها تعد ضمن المستندات المطلوبة، وتعد سببًا أساسيًا لعزوف بعض مالكي العقارات المخالفة لقانون 119 لسنة 2008.

القليوبية

ومن المنيا إلى القليوبية.. حيث يتسبب تضارب الصلاحيات وتداخلها بين الجهات الحكومية المختلفة في تعطيل المشروعات الحيوية والقومية بالمحافظة، ومن أهم تلك المشروعات مشروع تطوير مدينة القناطر الخيرية وإنشاء مستشفى بنها التخصصي الجديد وتطوير المساجد الأثرية وجميعها متوقفة بسبب تضارب جهات الولاية بين أكثر من جهة ومؤسسة ووزارة كل منها تعمل بقوانيين مختلفة عن الأخري في شكل آخر من أشكال الدولة العميقة.

القناطر الخيرية التي تمثل شعار محافظة القليوبية وأنشأها محمد على وبها مقومات أثرية وجمالية قد لا تتوافر في أي مكان آخر وبالرغم من تعاقب 10 محافظين جميعهم تحدثوا عن مشروع تطويرها وتحويلها إلى مدينة سياحية تتوقف كل المشروعات بسبب تضارب جهات الاختصاص في كل مكان بداخلها من المحلج الأثري والحدائق وكوبري محمد على وغيرها بين أكثر من جهة وكل منها لديها الإجراءات والقوانين التي تحكمها وتتعارض مع الجهات الأخري فتتوقف المشروعات.

من جانبه أوضح مختار شداد نائب رئيس مجلس مدينة القناطر الخيرية أن المدينة تخضع لـ 4 جهات اختصاص هي "الرى والزراعة والاثار والمحليات المتمثلة في مجلس المدينة" والرى تختص بالإشراف الكامل على الحدائق العامة مثل حديقة عفلة والمتنزهات والكبارى التي تقع على النيل من حيث التطوير والتجميل وتأجير بعض المناطق الخاصة بها أما الزراعة فتختص بالأراضي الزراعية و" الآثار" مختصة بكوبرى محمد على القديم ومنطقة المحلج الأثرية أما مجلس المدينة فالإشراف على جميع جهات الولاية.

وأضاف أن قرية مرجانة السياحية تحتاج إلى التطوير لتوجيه أنظار المستثمرين إليها ولكنها تتبع مجلس المدينة فيلزم العرض على وزير الاستثمار وموافقة رئيس مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن مشروع تطوير المدينة موجود الملف الخاص به داخل محافظة القليوبية والمدينة في انتظار اتخاذ قرار بشان تطويرها.

 وأوضح النائب حاتم عبدالحميد أنه تقدم بطلب لمجلس النواب لتطوير مدينة القناطر والاستفادة من قرية مرجانة سياحيا لتوفير عمالة وعائد للدولة ولتشابك الاختصاصات ومعارضة هيئة الآثار لإقامة العديد من المشروعات والمنشآت بالمدينة ليتم تطويرها حتى الآن.

وأكمل عبد الحميد أن حدائق المدينة تقع على مساحة 500 فدان جميعها على نهر النيل بمنطقة اللسان بنهر النيل التي يتفرع عندها فرعا دمياط ورشيد والشيء الوحيد الذي تعود ملكيته للمحافظة هو قرية مرجانة و8 حدائق تعود ملكيتها واداراتها للري وتتبع وزير الري مباشرة، بالإضافة مجموعه أراض بجزيرة الشعير تعود للأوقاف والزراعة.

وأكمل عبد الحميد أن عمليات التطوير بالمدينة تحتاج إلى قرار سيادى بان يصبح لها مجلس أعلي مختص مثل مدينتى "الأقصر وأسوان "للاستفادة من القناطر الخيرية سياحيا وإنهاء تشابك الاختصاصات بها، مضيفاً: أن تضارب جهات الولاية لم يؤثر فقط على مشروعات التطوير وإنما على المشروعات الخدمية العادية منها تخصيص قطعة أرض لبناء سجل مدنى وجوازات منذ عام إلا أن هيئة الآثار اعترضت على البناء بحجة أن الأرض تقع بحرم محلج القناطر القديم.

بالإضافة إلى  تضارب جهات الولاية على الأرض المخصصة بمدينة بنها لبناء مستشفى بنها التخصصي بشارع كلية الطب بمدينة بنها بين ملكية المحافظة للأرض والجامعة وكل من الجهتين لديه الدفوع الخاص به مما عطل البدء في المشروع بالرغم من مرور أكثر من عامين على وضع وزير التعليم العالي حجر الأساس لبناء المستشفي.

الوادي الجديد

ومن القليوبية إلى الوادى الجديد.. حيث يعيش أكثر من 1000 شاب من شباب الخريجين بالوادي الجديد من الذين منحتهم المحافظة أراضى صحراوية لزراعتها ضمن مشروعات الظهير الزراعي والذي ينفذ على مستوى القرى والمدن، أزمة كبيرة بسبب عدم قدرتهم على استكمال هذه المشروعات نظرا لارتفاع تكلفتها بالإضافة إلى تهديد المحافظة بسحب هذه المشروعات منهم قبل تنفيذها لعدم إثباتهم للجدية حتى الآن، الأمر الذي وضعهم في مأزق كبير وأدى إلى توقف الكثير من هذه المشروعات بعد إن تكلفت الملايين دون الاستفادة منها.

محمد منصور رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات التنموية التي منحها محافظ الوادي الجديد 200 فدان لتوزيعها على الشباب أكد إن الجمعية أخذت على عاتقها تجميع شباب قرى مركز بلاط بواقع 40 شابا ليحصل كل شاب على 5 أفدنة مقابل أن يتم تمويل المشروع من قبل أحد البنوك الوطنية.

وبالفعل قام الشباب بدفع 400 ألف جنيه في البداية وتحملت الجمعية باقي التكلفة وقمنا بحفر البئر والذي تكلف 850 ألف جنيه دون تركيب محطة طاقة شمسية لتشغيله، وعندما طالبنا المحافظ بدعمنا من قبل البنوك الوطنية وصندوق استصلاح الأراضي تنفيذا لما وعدنا به، فوجئنا أن البنوك رفضت تمويل مثل هذه المشروعات لأن الأراضي لم يتم استصلاحها ويستحيل تمويل أراضي صحراوية قبل زراعتها.

كما أن صندوق استصلاح الأراضي بالمحافظة رفض أيضا تمويل هذه المشروعات، وأصبح الشباب غير قادر على دفع باقى التكلفة والتي ستتخطى 1.6 مليون جنيه مضيفا أنه للعام الثانى على التوالى المشروع متوقف بسبب عدم وجود تمويل وعدم قدرة الشباب على تحمل باقي التكلفة والتي كان قد وعدهم محافظ الوادى الجديد كما إن الجمعية أصبحت مديونة بباقي التكلفة والشباب مطالب بدفع الإيجار السنوي.

ولفت منصور إلى أن الشباب أصبحوا مهددين بسحب الأراضي والبئر الذي تحملوا تكلفته نظرا لعدم قيامهم بإثبات الجدية حتى الآن وعدم مقدرتهم زراعة الأرض، بالإضافة إلى عدم قيامهم بدفع قيمة الإيجار السنوي عن كل فدان، مضيفا إن الجمعية أصبح عليها ديون كثير بسبب تحملها جزءا كبيرا من تكلفة المشروع دون استردادها حتى الآن.

كما أن المحافظة تخلت عنهم وعن باقى الشباب في الجمعيات والشركات الأخرى التي كونوها فيما بينهم والذين اعتقدوا أن البنوك الوطنية وصندوق استصلاح الأراضي سيقومون بتمويلهم، وأوضح أن هذه الأزمة يعانى منها  1000 شاب من شباب الخريجين بــ23 قرية جميعهم كونوا شركات مساهمة صغيرة أو مدرجين تحت جمعيات وتحملوا التكلفة الأولية لتنفيذ المشروع، ولم يستطيعوا دفع الباقى نظرا للتكلفة العالية، مضيفا إنه سيتم سحب هذه الأراضي في حال عدم الجدية أو سداد الإيجار، ولكن أذرع الدولة العميقة تصرف على تعطيل المراكب السايرة كما قال رئيس مجلس النواب.

نقلًا عن العدد الورقي..،

الجريدة الرسمية