رئيس التحرير
عصام كامل

لعنة "التشابكات المالية" تعرقل اقتصاد "المحروسة".. الفساد يطارد "تنمية الاستثمار"..والصنُاع يطالبون بـ"حل قاطع"

هشام توفيق ..وزير
هشام توفيق ..وزير قطاع الأعمال

"المسئوليات المتشابكة والصلاحيات المرتبطة.. وحلم الشباك الواحد".. ثلاث أزمات حددها رجال الصناعة المصرية، مؤكدين أن هذه الأزمات لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، وأنه رغم الجهود التي تبذلها الدولة، ممثلة في الحكومة، فإن الأمر لا يزال يحتاج مجهودًا أكبر، في ظل استمرار تشابك واختلاط المسؤوليات والأدوار بين عدد من الهيئات والوزارات بما يهدد من حركة الاستثمار ومصالح المواطنين في قطاعات مختلفة.

 

كما أشاروا إلى أنه هناك صور متعددة للتشابك بين الهيئات والمصالح الحكومية والوزارات ومنها تشابك الادوار والمسئوليات والاختصاصات، هذا فضلًا عن التشابكات المالية والتدفقات النقدية وهى أمور يعتبرها المراقبون بمثابة قنبلة موقوتة تهدد الهيئات الحكومية، وفى الوقت ذاته تعتبر امتدادًا للدولة العميقة التي تواجه أي عملية إصلاح أو تطوير منشودة.

حلول المديونيات

اتفاقيات وبروتوكولات عدة وقعتها وزارة قطاع الأعمال مع عدد من الهيئات والجهات الحكومية، في إطار سعيها بل"وضع حلول للمديونيات" بين الجهات الحكومية المختلفة والوزارات والتي تمثل ضغطًا على موازنة الدولة، هذا فضلًا عن الدور السلبي الذي تلعبه في تعطيل الاستثمار وتنفيذ خطط التطوير.

ونجح «قطاع الأعمال» في فض بعض التشابكات المالية بين الجهات الحكومية المختلفة، وتمكن من إيجاد سبل للتسوية وتسديد المستحقات، بشكل يعطى مساحة أكبر للشركات الحكومية للنهوض والتطوير والتحديث والهيكلة، ورفع العبء عن هذه الشركات وانتشالها من المديونيات والخسائر.

وشرعت الوزارة في فترة تولى خالد بدوى، وزير قطاع الأعمال السابق في إتمام بعض التسويات داخل قطاع «الغزل والنسيج»، فقد وصل مبلغ مديونية الشركة القابضة للغزل والنسيج لدى بنك الاستثمار القومي نحو 10.5 مليارات جنيه وتمت تسوية المديونية بمبلغ 8.7 مليارات جنيه وجزء منها بمقابل عيني، وذلك ضمن خطة فك التشابكات المالية والمشكلات القائمة لتكتسب مزيدا من حرية الحركة.

وفى نهاية ديسمبر 2018 وقعت وزارة قطاع الأعمال بروتوكول مع وزارة البترول، تلتزم بموجبه الشركات التابعة لـ«قطاع الأعمال» بسداد جزء من المديونيات نتيجة مسحوبات الغاز بقيمة 12 مليار جنيه، والتي تمت المصادقة عليها بين تلك الشركات وشركات قطاع البترول المختصة بالتحصيل نقدًا، بالإضافة إلى المبادلة بأصول عقارية مملوكة لها، مع التزام الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام مستقبلًا بسداد قيمة المسحوبات الجديدة أولا بأول دون تأخير، كما تم الاتفاق على تسوية مديونية الشركات لقطاع الكهرباء والبالغة نحو 3 مليارات جنيه.

حلوان للغزل والنسيج

كما تم الاتفاق على مبادلة المديونية المستحقة لشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء على شركة مصر حلوان للغزل والنسيج، بالإضافة إلى مسحوبات شركة «مصر حلوان» من «الكهرباء» حتى أغسطس 2019، وذلك بقيمة إجمالية نحو 143 مليون جنيه.

أما فيما يتعلق بالنزاع الأهم مع مؤسسة التمويل الدولية بشأن المديونية المستحقة للمؤسسة على شركة عمرو أفندى، فتم توقيع اتفاقية تسوية النزاع الممتد لعدة سنوات بين شركة عمر أفندى التابعة للقابضة للتشييد والتعمير، وبين المؤسسة في سداد مبلغ 35 مليون دولار مستحقة للمؤسسة.

وحول تأثير فض هذه التشابكات والمدة الزمنية التي تحتاجها وآليات ذلك بشكل أفضل، أكدت الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة يمنى الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن «فتح هذا الملف يعد شجاعة حقيقية للحكومة وللدولة، بعد أن ظل هذا الملف مغلق لفترات طويلة نظرا لأنه من الملفات المعقدة»، وكشفت «الحماقى» عن بذل الكثير من الجهود في ملف التشابكات المالية بين الوزارات والجهات المختلفة، مشيرة إلى أن «العمل على هذا الفض سيعمل على خفض عجز الموازنة، والتي تمثل عبئا على الدين الداخلى والدين العام الذي وصل إلى 600 مليار جنيه».

كما أوضحت أن "أساس هذه التشابكات هي الهيئات الاقتصادية المختلفة وقطاع الأعمال وبنك الاستثمار»، مطالبة بضرورة تحقيق الترشيد الاقتصادي والكفاءة الاقتصادية من خلال إدارة أموال الدولة بشكل رشيد واتباع قاعدة «كل إنفاق يجب أن يقابله عائد»، وأن كل هيئة اقتصادية أو وزارة لا بد أن تعرف مصروفاتها وإيراداتها ومدى قدرتها على التواجد على أرض الواقع.

فى السياق ذاته.. شدد عدد من رجال الأعمال والمستثمرين على ضرورة أن تتخذ الدولة إجراءات موازية لجهودها لإصلاح سياسة التمويل، وذلك من خلال الفصل بين الاختصاصات والمهام بين الوزارات والهيئات التي تتعامل بشكل مباشر مع المستثمرين، مؤكدين – في الوقت ذاته- أن «الروتين الحكومى وتعامل الجهاز الإدارى من ضمن أبرز أسباب تعثر الصناعة».

بدوره.. قال محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين: إن «تشابك الهيئات والوزارات يعطل حركة الاستثمار والمستثمرين، وبخاصة عندما يرتبط الأمر بالتعامل مع الموظفين الحكوميين وهو الأمر الذي يتكرر دائما دون أي تدخل من جانب الدولة سوى من خلال التكنولوجيا واستخدام التعامل الإلكترونى في إصدار التراخيص والموافقات، ولكن لم يتم تعميم ذلك في جميع المؤسسات حتى وقتنا الحالى».

تشابك الاختصاصات 

وأضاف: أزمات الاستثمار ما زالت مستمرة، فالمشكلة الثانية إلى جانب الروتين الحكومى والإداري وتشابك اختصاصات الوزرات والهيئات، قوانين للصناعة التي أقرت عام ١٩٥٨ ولا يزال يتم العمل بها حتى وقتنا الحالى، مع الأخذ في الاعتبار أنها تحتوى على بنود تعود إلى العصر الملكى وصادرة منذ العام 1934، ولهذا أقول إنه يجب أن تتوافر إرادة حقيقية لحل الأزمات، إلى جانب أن يمتلك المسئول عن الاستثمار إرادة حقيقية وحديدية لحل مشكلات المستثمرين، وأن يكون لديه منظور ورؤية تحقق الخطة الإستراتيجية لما يجب أن يكون عليه الاستثمار في مصر.

من جهته قال محمد المرشدى، رئيس جمعية مستثمرى العبور: من بين أسباب انهيار الصناعة وأزمات الاستثمار غياب الرؤية واختلاط المهام وتكدس المصالح الحكومية بالموظفين دون فائدة، كما أنه من ضمن أسباب تعثر الشركات إلى جانب مشكلات التمويل التي بدأت الدولة في التدخل فيها من خلال مبادرات البنك المركزى، هناك مشكلات تتعلق بالتراخيص والمعاينات والتي يقوم بها موظفين وتؤثر على تاخير اتخاذ القرارات، ولذلك لابد من اتخاذ خطوات جادة للفصل في الاختصاصات بين الوزارت والهيئات، وهى خطوات متوازية للحد من مشكلات الاستثمار والصناعة الوطنية.

أما محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، فأكد أن «تحويل وزارة الاستثمار إلى هيئة تابعة لمجلس الوزراء سوف يساهم في تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين بحيث تتم القرارات بشكل أسرع وأفضل، مع الأخذ في الاعتبار أن ما يهم المستثمر في أي بلد إلى جانب الحفاظ على أمواله، سرعة إنهاء الإجراءات وحل أي مشكلات تواجه استثماراته».

وقال «المهندس»: على الرغم من صدور قانون التراخيص وما نص عليه من تيسيرات لإصدار التراخيص، لكن هذا الأمر لا يطبق على أرض الواقع، حيث لا يتم الالتزام بالفترات التي حددها القانون، وأصبحت الإجراءات تستغرق وقت أكبر نتيجة التشابك مع جهات أخرى، وخدمات الشباك الواحد لا تتم على أرض الواقع، فما زال الصناع والمستثمرين يعانون من طول فترات إنهاء الإجراءات نتيجة التعامل مع أكثر من جهة، والصناع عادة ما يسمعون تصريحات رنانة لكن على أرض الواقع لا نجد هذا الأمر.

التراخيص الصناعية

ومن جهته قال إبراهيم الإمبابى، رئيس شعبة السجائر والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات: التراخيص الصناعية ما زالت تمثل إحدى التشابكات المهمة بين وزارة الصناعة وغيرها من الجهات الأخرى، فعلى الرغم من صدور قانون التراخيص الصناعية وما نص عليه من فترات محددة لصدور التراخيص، لكن هذا لا يتم، والصناع والمستثمرين لايهمهم صدور قوانين جديدة بقدر ما يهمهم تنفيذ تلك القوانين على أرض الواقع، وحلم الشباك الواحد ما زال غير متحقق ومجرد تصريحات فقط.

«الإمبابى» أبدى اعتراضه على تحويل وزارة الاستثمار إلى هيئة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، مؤكدًا أنه «كان من الأجدر الإبقاء على الاستثمار كوزارة وليس هيئة، لا سيما وأننا بحاجة إلى كيان قوي يجذب الاستثمارات إلى السوق المصرى، وفى الوقت ذاته يقدم الحلول الحقيقية لأزمات المستثمرين».

نقلًا عن العدد الورقي..،

الجريدة الرسمية