رئيس التحرير
عصام كامل

سيرة محارب.. أفضل كتاب لعام ٢٠١٩

أنت لا تقرأ ما يكتبه سمير فرج، بل تشاهد ما يكتبه سمير فرج. هذه حقيقة تعكس مقدرة ملحوظة وبراعة مطبوعة في حلاوة السرد وتضمين المعلومات، بلا تعقيد ولا تفريع وبلا استعراض، وبأقل ما يمكن من المفردات .

 

ليس لدى "سمير فرج" قاموس متعجرف ولا متباه، ولا ملتو. قاموسه العفوية الغريزية فى الصدق، والاعتزاز الشخصى والوطنى والرغبة الحقيقية فى تقديم النموذج القدوة. من أجل هذا، يمكن القول إن كتاب اللواء دكتور سمير فرج "وداعا للسلاح سيرة محارب" هو أفضل كتاب لعام ٢٠١٩ فى فرع السيرة الذاتية.

 

جمع ما بين الألم الخاص بفقدان الأم العظيمة التى علمته وعمقته ووجهته، والألم الوطنى بهزيمة الوطن فى حربى اليمن والخامس من يونيو. بل أزيد إلى ضرورة تقديم التفاصيل الكاملة فى عمل سينمائي أجزم أنه سيكون متفوقا فى صدقه على أعمال عديدة آخرها فيلم الممر الذي أخرجه شريف عرفة، فأثار فينا العزة والبهجة والفخر بالعسكرية المصرية.

 

إنك تتابع فى كتاب وداعا للسلاح رحلة صعود نجم ضابط مصرى موهوب متعدد الإمكانيات، لم يتصد لمنصب إلا تفوق فيه.. تدخل معه كلية كمبرلى البريطانية، أعظم الكليات العسكرية في العالم ، فتعيش معه تفاصيل دقيقة جدا، عما يفعله وعما يتعرض له، وعن اللغة الإنجليزية وعن افتخاره بالنصر في حرب أكتوبر وكيف استقبله البريطانيون بالحفاوة كونه أول ضابط مصرى منتصر، يدرس فى كلية حربية غربية العقيدة العسكرية للجيوش الغربية، وهى ذاتها عقيدة القتال الإسرائيلية.

تفوق وتخرج الأول على الدفعة لمدة عام ونصف العام، ثم عين مدرسا بها لمدة عام، ولما عاد إلى كلية القادة والأركان المصرية، عين مدرسا فعمل على إدخال ما تعلمه إلى الكلية المصرية العريقة من مفاهيم ومن أدوات تعليمية ومن نماذج ومن مناهج.

أمتع أجزاء الكتاب في هذا الفصل حقا، المناظرة التى أجرتها محطة التليفزيون البريطانى BBC برنامج بانوراما ، عام ١٩٧٥.

كانت المناظرة المثيرة بين الرائد "سمير فرج" والجنرال المتعجرف "شارون" عن حرب أكتوبر . كانت أوروبا كلها تشاهد المناظرة لمدة ساعتين وفازت مصر "سمير فرج" بثمانية نقاط مقابل نقطتين وجلطتين في قلب ومخ "شارون".

 

كان الفوز من نصيب العسكرية المصرية.. خطط التجهيز والخداع. خطط العبور والتنفيذ. خطط الدفاع الجوى وتحييد سلاح الجو الإسرائيلي. بلغته الإنجليزية البسيطة وباعتزازه بالنصر المصرى وبثقته فى نفسه ووطنه انطلق الرائد "فرج" يدحض ويرد ويتفوق على ادعاءات الجنرال المهزوم، وكانت لجنة التحكيم من معهد لندن للدراسات الاستراتيجية الدولية IISS.

سوف تهتز مشاعرك كثيرا وأنت ترى ما قاله "شارون"، ردا على سؤال عما فاجأه وفاجأ إسرائيل من المصريين فى حرب أكتوبر. هل فاجأهم إغلاق باب المندب على يد القوات البحرية المصرية؟ هل فاجأتهم خطة الخداع والعبور؟.. هل فاجأهم توقيت الحرب فى عز الظهيرة؟ هل فاجأهم التنسيق بين الجيشين الشقيقين المصرى والسورى؟ هل...الخ الخ الخ ؟

قال "شارون": تلك كلها كانت مفاجآت مصرية عسكرية لنا في الحرب، لكن المفاجأة الحقيقية كانت الجندى المصرى. نعم لقد استجوبت بنفسي جنودا أسرناهم في الحرب، فكانوا مختلفين . مؤهلات عليا. متعلمين. كانوا يقاتلون بشراسة وعلم. هذا جندى غير الجندى الذى واجهناه في حربى ٥٦ ، و ٦٧.

نعم الجندى المصرى كان ولايزال السلاح المصري، الذي أذهل العدو، واعتبر أداءه فى حرب أكتوبر سببا فى تضمين أسباب النصر العنصر البشرى . عقيدته ورغبته فى الانتصار وعلمه ووطنيته.

وفى ذلك لنا الفخر وللجنرال الماسى "سمير فرج" كل العرفان والامتنان.. جعلتنا نزهو بجيشنا.. وسنظل كذلك.

الجريدة الرسمية