رئيس التحرير
عصام كامل

سيد الحمري يكتب: لعلهم يفيضون علينا من غيث تفاؤلهم

سيد الحمري
سيد الحمري

الكثير من بني جلدتنا يستيقظ كل صباح متناسيا ما قد حل به من مآسٍ في سابق يومه، متناسيا كلمات قيلت له بما تحويه من نقدٍ يعلم وحده أنه نقد هدام، متغافلًا نظرات الفشل والاشمئزاز من البعض، لعل سويعات النوم التي ذهبت به إلى العالم الآخر قد محت تلك الأمور، وجعلته يبدأ من جديد.

هؤلاء القوم يحسنون الظن والتصرف الصحيح، فيدفعهم شعورهم الدائم بالأمل واليقين بأن ثمة أمورًا جيدة في انتظارهم عاجلًا أو آجلًا، على الرغم من صراعهم الدائم مع أنفسهم ومع الآخرين، فإنهم متفائلون للغاية، لهم دستور جيد خاضع لرؤيتهم الجميلة للغد.

هؤلاء أمسكوا بريشة الرسام ونقشوا بها ما يحلو لهم، وكانت لوحة بيضاء لا يشوبها لون أسود.. هؤلاء مزقوا وسائدهم التي غمرها غيث دموعهم في الأمس.. هؤلاء انتفضوا وتمردوا وانتشلوا ما تبقى من حطام روحهم، فهم ما زالوا على قيد الحياة، يشعرون بنعم الله عليهم، يتنفسون هواء الأمل دائما، ولا تجدهم يقرأون كتاب المستحيل ولا يروق لهم أبدًا، فلا مكان لهذا الكتاب في مكتباتهم.

لا بد أن نحذو حذو هؤلاء القوم لعلهم يفيضون علينا من غيث تفاؤلهم فينبت في قلوبنا المقحفة ثمار الحياة، ونملأ أنابيب أكسجين القوة من مضخاتهم، لتجري في شرايين حياتنا وتجعلنا نستيقظ مثلهم غير مكترثين بسوء أقنعنا الشيطان بأنه سوف يقع.
الجريدة الرسمية