رئيس التحرير
عصام كامل

أنفاق سيناء


سيناء من التحرير إلى التعمير، هذا العنوان استخدمته ومشتقاته طوال عشر سنوات، ست منها سبقت أحداث يناير.. وأربع أعقبتها، لم أكن متفردًا في استخدام العنوان، لكني وكثيرين كنا نستدعيه كلما حل شهر أبريل، حيث احتفالات تحرير سيناء. 


كان ضيوف برامجنا من شيوخ القبائل وسكان تلك المنطقة التي لم تطلها إلا تنمية منقوصة أغلبها اتجه ناحية الجنوب، وكانت الشكوى من إهمال تمدد في الشمال، ووعود تنتقل من حكومة إلى أخرى، وإقرار صريح بالتناسي، واتهام معلب يلقيه كل وزير على سلفه.

مطالب الشيوخ والشباب كانت تنمية حقيقية لمنطقة هي الأهم، ففي باطن أرضها كنوز شتى، وفوق سطحها ما لا عين رأت، أما شواطئها التي تمثل ثلث شواطئ مصر فتنتظر بنية حقيقية لسياحة تستمر صيفًا وشتاءً، هذا إلى جانب السياحة الدينية والعلاجية ومن يرغب في معرفة الكثير عن تاريخ الديانات الثلاث.

دأب أهل سيناء على المطالبة باستكمال تنمية لم تكتمل، أبرزها ترعة السلام وخط سكة حديد تاهت معالمه، كانوا يرغبون في الاندماج داخل نسيج المجتمع المصري، يفتحون أحضانهم لأشقائهم في الدلتا والصعيد لإدراكهم بأهمية تعمير المنطقة غير المأهولة بالسكان، حتى لا تستمر مطمعًا للكثيرين.

لم يكن كوبري السلام كافيًا ليكون معبرًا لشمال سيناء، ولا نفق الشهيد أحمد حمدي كافيًا للعبور إلى الجنوب، لذلك ظلت شبه الجزيرة طاردة للمستثمرين ولسكان الدلتا الذين ضاقت بهم الأرض ففضلوا السفر للعمل بالخارج على الذهاب لفلاحة الأرض في الشمال أو تشييد مصانع صغيرة لاستغلال خيرات المنطقة، فكانت النتيجة إرهاب عشش في المساحات الشاغرة.

في أبريل القادم.. حيث الاحتفال بتحرير سيناء.. سوف يتغير العنوان التقليدي الذي استهلكناه على مدار عقود مضت، وسيكون العنوان عن تنمية شاملة اتجهت إلى سيناء، خمسة أنفاق ومثلها كباري عائمة، جميعها لتسهيل العبور إلى المنطقة المنسية، فعلى الرغم من استمرار الحرب على الإرهاب، إلا أن القيادة السياسية فعلت الشعار الأشهر (تنمية سيناء هي السلاح الأهم للقضاء على الإرهاب) فمن السويس أو بورسعيد أو الإسماعيلية، تستطيع العبور إلى شمال شبه الجزيرة وجنوبها في عشر دقائق..

لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد امتدت التنمية إلى الصناعة والتعليم والرياضة والصحة، ولم يعد العون يذهب إلى الشمال من خلال جمعيات خيرية أو جهود فردية، لكنها يد الدولة التي امتدت لتؤكد أن حق المواطنة مكفول لكل المصريين، وأن اهتمام الحكومة لم يعد قاصرًا على الدلتا، وأن كنوز سيناء أصبحت الشغل الشاغل للقيادة السياسية، ناهيك عن محو ظنون المتربصين الذين نسجوا شائعاتهم حول سيناء.

تنمية الأطراف المنسية وأهمها سيناء سوف تعمق انتماء أبنائها، وتغير الخريطة السكانية في مصر، وأيضًا سوف تغير عناوين مللنا من تكرارها كلما احتفلنا بعيد تحرير سيناء.

besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية