رئيس التحرير
عصام كامل

البرلماني الذي نريده!


البرلماني الحق الذي نرجو أن نراه في المجلس النيابي المقبل هو من يستشعر نبض المواطنين، ويتفهم احتياجاتهم ويسعى لتحقيق مصالحهم، ولا يتوانى عن خدمة ضعفائهم قبل أقويائهم.. يدرك حجم الأزمات ويصارح الجماهير بالحقائق ولا يدغدغ مشاعرهم بوعود وهمية، كإيهام أبناء دائرته مثلًا بقدرته على تعيينهم في الجهاز الحكومي غير القادر أساسًا على استيعاب مزيد من العمالة الفائضة في صفوفه..


وهنا يتوجب عليه أن يقنعهم ولا سيما الشباب بضرورة الالتحاق بالقطاع الخاص، واكتساب مهارات وخبرات تؤهلهم لارتياد مثل تلك السوق شديدة التنافسية، دائمة التطور والتحديث أو الاتجاه لإقامة مشروعات صغيرة تعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة.

وفي سياق كهذا يلزم التغيير التدريجي لثقافة المواطن عبر التواصل مع الإعلام، للاشتباك مع مفاهيم قديمة تجذرت في عقول الأجيال ولم تعد ملائمة لعصر المعرفة والمعلومات واقتصاد القيمة المضافة والعولمة.. فلا يصح مثلًا ترديد المقولة الخاطئة "إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه"..

البرلماني الحق هو من يقدر على إقناع الشباب بفكر جديد يعلى ثقافة العمل والجودة وزيادة الإنتاجية والتنافسية، والتصدي لظاهرة البطالة الحقيقية والمقنعة معًا حتى لا يقع شبابنا فريسة لأفكار هشة أو قضايا هامشية تضيع الوقت والجهد أكثر مما تجلب النفع أو تبني الشخصية.

البرلماني الحق هو من يقدِّر للصحافة والإعلام دورهما ويساندهما إذا أحسنا، ويتصدى في الوقت ذاته لمن ينحرف في تناول الموضوعات والقضايا المختلفة بهدف الإساءة لسمعة مصر وتشويه صورتها في الخارج، ومن يبث الشائعات وينشر الفتن والفوضى ويصدِّر الإحباط ويثبط الهمم سواءٌ من جماعة الإخوان الإرهابية أو أعوانها من أعداء مصر هنا وهناك..

ويقتضي ذلك الرد على ما تثيره القنوات المأجورة والمنظمات الحقوقية المنحازة للإخوان بالحوار الموضوعي، ومقارعة الحجة بالحجة حتى لو تطلب ذلك السفر للخارج ومقابلة صناع القرار وذوي الشرف من أصحاب الفكر لتوضيح الصورة، واستيفائها من جميع جوانبها ودحض الدعاوى الكاذبة والافتراءات التي يروجها المعادون للدولة بين الحين والآخر.

البرلماني الحق هو من يعرف متى يستخدم حقه الدستوري في الرقابة والتشريع لصالح المواطن والدولة.

وإذا كان هناك خلاف على أداء البرلمان الحالي فإننا نأمل أن يكون اختيار البرلمان القادم الذي سيجرى انتخابه في نهاية هذا العام على أعلى مستوى من الأداء والتميز والقدرة والمسئولية، وقدرة النائب على حسه السياسي مسائلة الحكومة إذا قصرت وسن التشريعات التي تخدم الدولة والمواطن.

وما يقال عن الوزير والبرلماني ينسحب بالضرورة على أعضاء المجالس الشعبية المحلية المزمع انتخابها، وكل من يتصدى للعمل أو الشأن العام؛ فغياب السياسة وراء تفاقم كثير من مشكلاتنا..

وكثير من قراراتنا السابقة إما أنها صائبة لكنها جاءت في توقيت خاطيء تمامًا مثلما حدث في قرار تعويم الجنيه، الذي تأخر عقودًا طويلة حتى جاء الرئيس السيسي ليتخذ القرارات الاقتصادية الإصلاحية بجرأة يحسد عليها، لإنقاذ اقتصادنا المنهار ووضعه على الطريق الصحيح الذي بدأنا نجني ثماره تدريجيًا بشهادة منظمات اقتصادية معتبرة، أشادت بتجربة مصر الاقتصادية حتى أوصت الدول ذات الظروف المشابهة باحتذاء حذوها.
الجريدة الرسمية