رئيس التحرير
عصام كامل

الاقتصاد الدائري اللاعب المستقبلي الأهم


كتب "ميلتون فرديمان" الاقتصادي الأمريكي الحائز على نوبل الاقتصاد عام ١٩٧٦، واحد رواد مدرسة النيوليبرال -مدرسة شيكاغو- مقال له في "نيويورك تايمز" في السبعينيات ساخرا عن فكرة وجود هدف للشركات عدا تعاظم قيمة السهم ROE، وأشار أن المسئولية الاجتماعية التي تتحملها الشركة هي المسئولية تجاه مساهميها، ولكن تعرض مؤخرا هذا الرأي لانتقادات، لأنه قصير الأمد..


ولعل الصدام المستمر الذي حدث بين الإدارة وأصحاب المصلحة نتج عنه حراك نقابي واتجهت الحكومات لتنظيم دور الشركات.. اتجه الاقتصاديون وبعض الحكومات لإيجاد مقاييس بديلة عن تعاظم القيمة والثروة واستكشاف رضا المواطن، لأن الشركات ليست من خارج الكوكب بما شكل جيلا مستحدثا من المستثمرين، وظهر مصطلح الرأسمالية الهادفة، لتحقيق أهداف ذات مسئولية اجتماعية.

الاقتصاد الدائري المستدام، هو استخدام موارد أقل في التصنيع وإمكانية إعادة التدوير، فهو اقتصاد حيوي يهدف إلى تعديل نمط الاقتصاد والحياة من خلال التطوير والابتكار في الصناعة والاستهلاك، قد برز فكر الاقتصاد الدائري من قبل حركة «من المهد إلى اللحد» التي خرجت من رحم مؤسسة "إلين ماك آرثر" المتخصصة في تطوير مؤشرات ومعايير الاقتصاد الدائري، وظهر المصطلح سنة ١٩٨٩ في كتاب "اقتصاديات الموارد الطبيعية والبيئة" من جامعة "جونز هوبكنز".

تطور نمط الاقتصاد الخطي القائم على استهلاك الموارد ووجود الفاقد والمخلفات البيئية إلى نمط الاقتصاد الدائري الذي يحاكي سلوك الطبيعة الأم في قدرتها مع التكيف، حيث يصمم المنتج بعمر أطول وإعادة التدوير، ومع تغير ثقافة المستهلك ونقص الموارد اتجهت الشركات للاقتصاد الدائري لتقليل التكلفة، واتجهت الأسواق لرفع التعاون مع الشركات التي تنتهج الاقتصاد النمطي..

ولعل أشهر الأمثلة هو استبعاد صندوق الثروة السيادي شركة تبغ "ألتريا" مع اتجاه البنك الدولي لخلق نمط اقتصادي هو الاستثمار المؤثر نحو اقتصاد دائري تموله البنوك والصناديق السيادية، وبالطبع سيؤثر هذا السلوك الهادف للمسئولية الاجتماعية إلى تقليل الأرباح، لذا فإن الرهان على ثقافة جيل الشباب من المستثمرين وصياغة أهداف الشركات والتشريعات التي ستصيغها الدول.

إن أهم ما يساهم في اندماج دولة في إحداثيات الاقتصاد الدائري العالم هو استيعاب المجتمع والجهات التنفيذية لأهداف هذا النمط في تحقق الفائدة منه بالمقام الأول.

في ٢٠٣٠ لن يتلفظ أحد بلفظ الاقتصاد الدائري لأنه سيكون نمط الاقتصاد الأشمل في العالم، هكذا ذكرت مقالة "لينا كيمب" في المنتدى الاقتصادي العالمي، فسيتم السيطرة على سلاسل التوريد في اقتصاد دائري عالمي يتمتع بالشفافية والرقابة اعتمادا على أخلاقيات مستدامة، ويهدف إلى تقاسم المكاسب بشكل عادل.

إن رؤية مصر ٢٠٣٠ هي أولى خطوات الدولة المصرية نحو إدراك المتغيرات الاقتصادية العالمية، وإدراك الآثار الاجتماعية والبيئية.
الجريدة الرسمية