رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا تريدون من 15 مليون "جنة"؟


عقب وقوع الكارثة؛ ووفاة الطفلة "جنة" بعد حفلة تعذيب لها وشقيقتها "أمانى"؛ استمرت طويلا تحت ستار قانون الحضانة الأبدية والرعاية المنفردة بعصبة النساء، تبدلت الأصوات والكلمات مؤقتا؛ تفاديا للأزمة الفاضحة للعوار التشريعي والسياسات الباحثة عن إضاعة أطفال شقاق جدد، من بين ١٥ مليون طفل تحدث عنهم من قبل رئيس الجمهورية.


ماتت "جنة" وانتهكت آدمية وجسد "أمانى"؛ لنجد شيخا يعلن أن قلبه يدمى لما جرى لهما؛ وهو من رفض الرعاية المشتركة والمعايشة لأطفال الشقاق بين الأبوين بعد الطلاق، مؤكدا أنه لا يستطيع أن يجبر أُمّا على أن تمنح ابن بطنها لمجهول؛ "الأب المطلق".

انتهت حياة "جنة" بعد أيام من بتر ساقها؛ وتشويهها وشقيقتها "أماني"، وتواطؤ كل مشاهد لهما داخل مجتمعهما على ما لاحظه بهما من آثار تعذيب، ولم لا؛ ولم ولن تفلح لجان حماية الطفل المزعومة في إنقاذهما، بأدائها الروتيني الضعيف المهترئ المراقب إداريا من جهات الحكم المحلي المأزومة، وقد افتقدت الجهة الفنية المشرفة عليها رؤية لانتقاء أو تطوير أفرادها وأدائهم.

رحلت "جنة"؛ ليذكرها المجلس القومي للطفولة ببيان باهت يطالب بأقصى عقوبة للفاعل؛ ويوقف غضبة المجتمع بمناشدة وسائل الإعلام ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، عدم نشر أو تداول صورتها وشقيقتها، بينما التصريحات المنسوبة إلى الأمين العام للمجلس في ٧ فبراير الماضي؛ تقر بحق الأب الكفيف في ملاحظتها ٣ ساعات أسبوعيا وفقط؛ بحكم قضائي؛ وتتجاهل حقه وذويه في المشاركة بتربيتها ورعايتها؛ صونا لمكتسبات المطلقة، وبالمخالفة للمواثيق الدولية لحقوق الطفل التي تحمي حقه في صلاته العائلية الكاملة؛ والسبب المباشر في إنشاء تلك المجالس وظهور تلك الكيانات.

استقرت "جنة"؛ بين يدي الله وتركت شقيقتها "أمانى" تواجه عذابا أشد وسط قوانين قطع الأرحام، بينما المجلس النسوي "الكبير قوي" بكل عضواته وأماناته الباحثات عن مزيد من المكتسبات الزائفة للمطلقات؛ بعد إقرار المخالعة ورفع سن الحضانة؛ يتباكى عليها ببيان غير مبال بأسباب واقعية لتلذذ الفاعل بسحقها، فالمتهمة أم الأم؛ صاحبة الحنان المزعوم الأكبر من الأب وأمه عليها؛ بحسب تقدير ناشطات؛ والأولى البحث عن شركاء محتملين لها ولو استبعدهم قرار الاتهام.

خلال ساعات فضح الجريمة التي هزت العالم؛ علت أصوات كافة الكيانات الاستشارية في سن القوانين؛ كالعادة؛ فوق صوت مجلس النواب صاحب سلطتي الرقابة والتشريع؛ والذي لم ينشغل بالضحية في عطلته؛ فلا إصلاحات قانون الأحوال الشخصية قريبا على أجندته؛ بحسب تأكيدات نواب تحت قبته، ليظل ١٥ مليون طفل شقاق مشروعات لشهداء جدد في مصيبة الرعاية المنفردة والحضانة للنساء؛ مثل "جنة".

غابت "جنة" عنا؛ بفعل قوانين رخيصة مدمرة للأسرة والمجتمع؛ كما غابت رقابة البرلمان على كيانات تملأ سياساتها ودعوات ناشطاتها الأرض ضجيجا والمجتمع تخريبا؛ فلا دراسة حالة من طرفه لتأثيرها على واقع أطفال مصر المضارين من قانون يمتنع عن مناقشة تعديلات موضوعية له، ولا تصورات نيابية لمراجعة ميزانياتها ومشروعاتها ومصادرها وجدواها.

سريعا؛ سيعيش المجتمع المصري حالة ما بعد "جنة"، ويتجاهل مجددا تعذيبا نفسيا أبشع مستمرا لأطفال الشقاق المحرومين من أحد الأبوين؛ الطرف غير الحاضن لهم، لأن ماكينة حملات تشويه الرجل المصري ووصفه بالشاذ المحتمل حال طلب مبيت ابنه معه ليلة؛ ستنطلق سريعا مجددا، والترويج لبدعة الحضانة والرعاية المنفردة والمكتسبات التي لا رجعة عنها لمطلقات تحملن مالا يطقن من مسؤوليات؛ يسير بسرعة أشد رافعا شعار التضحية النسوية المزعومة، وأمام القانون الكل ضحية تغييب متعمد لحلول سهلة متاحة في مواجهة كوارث أكبر وأشد.

الفاتحة على روح الشهيدة "جنة"، فلن تستكثر هي على والديها الكفيفين دعوة عند خالقها "وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"، وإن حرمها القانون وشقيقتها "أمانى" رعاية أبويها معا لهما؛ لحساب من وأد طفولتهما.
الجريدة الرسمية