رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إنه بن لادن.. "أسامة" وقادة طالبان


الحديث عن شخصيات في حياة "بن لادن" لا بد أن يتطرق إلى الملا نور الله أحد القيادات الجهادية في أفغانستان، وزميل "أسامة" منذ أيام الحرب الأفغانية الروسية، بل وهو أول من استقبله وهيء له الكثير من الأمور، فبعد طرد زعيم تنظيم القاعدة من السودان ذهب إلى أفغانستان حيث الملجأ الأخير له.


"عمر بن لادن" يقول في حديثه عن وصوله لأفغانستان للمحررين جين ساسين مؤلفة كتاب «إنه بن لادن»: «بمجرد وصول أبي استقبلنا الملا "نور الله" ورحب بحماسة وبدا الرجل أشبه بالمحارب بجسمه وخطواته الواثقة، لحيته سوداء طويلة تلونت بمسحة من شيب، وسرعان ما عرفت أن الملا "نور الله" واحد من أقدم أصدقاء أبي وأفضلهم منذ أيام الحروب الروسية، وغالبا ما حاربا جنبا إلى جنب، وأصبح بعد الحرب واحد من القادة الرئيسيين لـ"جلال آباد"، وأمكننا أن ننسل بسهولة متجاوزين جميع مسئولي المطار، والملا "نور الله" يندفع بثقة بين الحشود».

ويكمل "عمر": وما أن استقررنا حتى لاحظني الملا "نور الله" وسأل والدي عني فأخبره اني ولده فهز رأسه، وابتسم وقال الملا "عمر" لوالدي ستبقى في أحد منازلي وأنت مرحب بك بعدما تستقر في القصر، وهو قصر قديم في جلال آباد ملك الحكومة، وكان في يوم من الأيام منزلا للعائلة المالكة السابقة، وبعد ذلك لاحظت فيلا جميلة يملكها الملا "نور الله" ومن الواضح أن أبي شعر بقرب استثنائي من الملا "نور الله"، كاشفا مكنونات صدره كليا أكثر مما سبق لي أبدا أن رأيته تحدث عن رحيله القسري من السودان، كاشفا بنبرة منكسرة أنه وضع كل موارده وطاقته في مشاريع أفادت السودان والمواطن السوداني، وسمعته لأول مرة يعترف بهمومه، فقال: "أنا متوجس من مستقبلي خسرت الكثير ولدي عائلة كبيرة واتباع كثيرون وكلهم يتعتمدون على".

الملا "نور الله" زعيم مقاطعة جلال آباد في ذلك الوقت والممثل لحركة طالبان كان على قدر المسئولية، حين أقدم أخيرًا على إهداء "أسامة بن لادن" جبلًا بأكمله في تورا بورا، وسُمي جبل "بن لادن" يسكن فيه هو وعائلته، وفيه استقر زعيم تنظيم القاعدة قليلًا.

لكن رغم هذا السخاء فإنه من المستحيل أن يفعل "أسامة" ما يريد دون الملا "عمر" زعيم تنظيم القاعدة، هذا في وقت هناك صراعات بين طالبان بقيادة الأخير وبين "أحمد شاه مسعود" وقواته ووجود "أسامة" في أي صف يعني عداء الآخر، لكن زعيم تنظيم القاعدة اختار أن الملا "عمر" الذي يقول عنه "عمر بن لادن":

«بات أبي مع هذا الواقع حذرًا في شأن الوجهة التي يسافر إليها لأنه لم يجتمع مع الملا "عمر" يوما، ولم يعرف إذا كان زعيم طالبان سيرحب به في البلاد، وقد حصلنا في الوقت الراهن على دعم الملا "نور الله" وهو زعيم مقاطعته، لكن يمكن للملا "عمر" في أي وقت أن يأمر بإخراج والدي من أفغانستان، وأثناء وجودنا في تورا بورا كان والدي يفكر رحلة لباكستان قبل أن يجيئه رسول يحمل خبرا سيئا وهو أن الملا "نور الله" قتل، وزم والدي شفتيه لكنه لم يتفوه بكلمة لأن أي تفجع سيكون أشبه بانتقاد الله نفسه الذي قرر أن الملا "نور الله" بات مستعدا لدخول الجنة».

ويكمل: «بجانب ذلك فإنه حامينا القوى في بلد تزداد فيه الفوضى كل يوم وجلس أبي ورجاله لا يملكون شيئا سوى الصمت، لكن جاء خبر جيد فخلال بضع ساعات مزق الصمت جهاز والدي اللاسلكي، وهو يلعلع بتنبيه من رجال أمننا الذين يراقبون الجبل لقد وصلت سيارة تقل ثلاثة رجال يرتدون ملابس الطالبان، لم يتردد والدي وأمر بالترحيب بهم، ودخل ممثل الطالبان في صلب الموضوع قائلين، أوفدنا الملا "عمر" إليك، وطلب أن نبلغك بأنه سمع بموت الملا "نور الله" والملا "عمر" هو الذي يرحب بك الآن ويريدك أن تعلم بأنك وحاشيتك تحت حماية الطالبان وهذه دعوة خاصة لك».

رسالة الملا "عمر" كانت مفتاح للتوسع يقول "عمر": «ابتسم والدي ابتسامة من نجا وتغير مزاج والدي وراق، ولم يتلق والدي بالملا "عمر" أبدا مع أنه تابع عن كثب شديد تقدم الطالبان، وقال قريبا سترى يا "عمر" سرعان ما سيحكم طالبان هذه البلاد بأكملها، ومن المفيد لنا أن نحصل على هذه الدعوة من قائدهم، كما عاد أبي إلى جلال آباد بمشاريع كبيرة سيرسل الآن بعدما حصل على مباركة الملا "عمر" في طلب جنوده السابقين بعض هؤلاء الرجال كانوا معه في السودان، وستكون عودتهم سهلة ورغم أن حكومات المنطقة لم ترحب بإقامة والدي، فإن الأناس العاديين استمروا في الاحتفاء به، باعتباره بطل حرب عظيمة، وما إن انتشر خبر بأن "أسامة بن لادن" يقيم معسكرات تدريب جديدة للمحاربين المسلمين حتى وجد جنود شديد الرغبة سارعوا للانضمام للجهاد».

موقف "أسامة بن لادن" مع الملا "عمر" لم ينته عند تلك اللحظة، فبعد تفجيرات نيروبي ودار السلام في أوائل التسعينيات وإثر ضغط دولي طلب الملا "عمر" من "أسامة" مغادرة البلاد، لكن الأخير استطاع أن يقنع زعيم طالبان بالبقاء باسم الإسلام، وهو ما كان خاصة أن هذا الوقت تدهورت علاقات طالبان مع واشنطن أكثر، وبات "أسامة" رجلًا مطلوبًا للملا "عمر" في تلك المواجهة.
Advertisements
الجريدة الرسمية