رئيس التحرير
عصام كامل

حان وقت الإصلاح السياسي


سيدخل السيسي التاريخ المصري بوصفه رجلا انتشل البلاد من فوضي عارمة وخزينة خاوية وحروب على عدة جبهات، وتربص من الداخل والخارج، وعلاقات متوترة ومجمدة مع معظم دول العالم، وإرهاب يضرب بعمق في القلب المصري، ونجح بأقصى قدر ممكن من الجرأة المحسوبة بتنفيذ إعنف برنامج للإصلاح الاقتصادي، كان من سبقوه يخافون من مجرد ذكر عناوين ما شرع في تنفيذ تفاصيله..


وسوف يخلده التاريخ بوصفه صاحب المشروع الشامل للإصلاح، إذا أقدم على البدء في برنامج للإصلاح السياسي خاصة مع استعداد البلاد لإجراء ثلاث انتخابات للبرلمان ومجلس الشيوخ والمحليات، وربما تكون البداية بتنظيم الحياة السياسية وإعادة إحياء حيوية الأحزاب وتشكيل حزب حقيقي للأغلبية من تحالف٣٠ يونيو، وبالمثل حزب للمعارضة الوطنية..

ثم فتح نوافذ حرية الرأي بتنظيم حقيقي مسئول للإعلام، إن إنجاز التحول الديمقراطي في مصر يتطلب ائتلافًا وطنيًا من مختلف القوى السياسية والتيارات الفكرية لوضع معايير خاصة لنزاهة الانتخابات، وتدعيم المجتمع المدني وترسيخ الشفافية.

ومن المعلوم إن الإرادة السياسية من الدولة المصرية مهمة لإتاحة العمل الحزبي والسياسي والمجتمعي، وإتاحة الفرصة للرأي والرأي الأخر والأنشطة السياسية والحزبية من أجل مستقبل سياسي أفضل، في ظل حرية سياسية ذات مسئولية مجتمعية وليست منفتحة بالشكل المسيء..

وأغلب الظن أن الظرف مناسب تماما لتطبيق مواد دستور البلاد وحل الأحزاب الدينية القائمة، من أجل إرساء أساس إقامة حياة سياسية وحزبية نزيهة تقوم على فصل الدين عن السياسة، حفاظًا على قدسية الدين ومكانته، وحماية للسياسة من تلاعب من يوظفون الدين في السياسة.

وهو في نفس الوقت تطبيق لنصوص دستور ٢٠١٤، فتجارب الشعوب في كل أنحاء العالم تقول إنه لا ديمقراطية في ظل خلط الدين بالسياسة، وإن أوروبا لم تعرف طريق التطور والديمقراطية إلا عندما قامت بالفصل بين الدين والسياسة. وهناك من يؤمن بأن التعليم هو بوابة المستقبل، ولم يحدث في العالم كله أي تجربة إصلاحية إلا وكان التعليم أساسًا لها؛ فهو مفتاح التقدم، وتحديث أجهزة الدولة ديمقراطيًا واقتصاديًا.

وربما تكون المنظومة الجديدة من شأنها إعادة الحياة للنظام التعليمي المصري، ليصبح قادرًا على تخريج إنسان يستطيع بناء المجتمع سياسيًا واقتصاديًا؛ لأن النظام الجديد يعتمد على الفهم بدلًا من التلقين، ويعزز الهوية المصرية، ثم وهذا هو المهم الاستفادة من إرث الماضي خاصة آن ثورة يوليو كانت قد رفعت شعار لا ديمقراطية سياسية بلا ديمقراطية اجتماعية..

وتحول هذا الشعار في التطبيق إلى ديمقراطية اجتماعية بلا ديمقراطية سياسية، ومع تجمع عوامل محلية وإقليمية ودولية أدت للعدول عن هذه الصيغة بعد نكسة 1967، واعتمدت إدارة الرئيس الراحل أنور السادات صيغة انتهت في التطبيق إلى نفي طرفي المعادلة، ورفع شعار الانفتاح في الاقتصاد والانغلاق النسبي في السياسة، وهي الصيغة التي لا تزال قائمة إلى اليوم.
الجريدة الرسمية