رئيس التحرير
عصام كامل

ريحة الجلاد الأصفر.. تغازلنى!


رويدا رويدا يتغير الطقس وتتراجع سخونة الصيف وتبدو نسائم الخريف تهل وتشعر أن جو أيام المدارس يغازلنا، فيبدأ الصغار في تجهيز مستلزمات المدارس ويبدأ صداع الدروس الخصوصية وزحام الشوارع طوال اليوم بالذاهبين والآيبين من المدارس ومراكز الدروس الخصوصية.


أيام عدة ويتحرك نحو 21 مليون تلميذ أفواجا إلى مدارسهم التي تصل إلى نحو 53 ألف مدرسة (45 ألف مدرسة حكومية، و8 الآلاف مدرسة خاصة).

ومع حلول أيام الدراسة أعود بذاكرتى إلى أول حقيبة مدرسية خاصة بى كانت جلد حمراء صغيرة إلا جزء كان أبيض مستطيل دون عليه والدى اسمى ثلاثى، كان ذلك في سبتمبر 1988 وكانت فرصة جميلة أن أحزم شنطتى على ظهرى وامضى بها إلى المدرسة، كانت الأيام الأولى تتركز في استلام الكتب وتجليدها بالجلاد الأصفر.

في المدرسة الابتدائى كنا خمسة أبناء عمومة فضلا عن أن منازلنا في مكان واحد فكنا ننادى على بعضا حتى إذا حضر الجميع توجهنا إلى المدرسة سيرا على الأقدام لنلهو ونلعب ونتعلم وأحيانا لنتخانق! كانت الحياة بسيطة جدا فلم تكن حقائبنا بها "لانش بوكس" أو حتى "زمزمية مياه" كنا تعليم "مجانى" لم نكن نعرف الدروس الخصوصية ولكن عرفنا "مجاميع التقوية" التي كانت بأسعار زهيدة!

هناك في المدرسة الابتدائى لم يكن هناك مدرس يجبرك على دروس خصوصية أو شراء ملخصات، كان المصروف 10 قروش ثم ما لبث أن زاد لـ25 قرشا بعد ذلك كنا نشترى بهم عيش وطعمية واحيانا "بخت" ولبان "على بابا" أو اللبان السحرى.

كنا نذهب للمدرسة قبل الموعد بساعات لنلهو ونلعب في المنطقة المحيطة بالمدرسة حتى إذا جاء موعد الطابور كنت دائم المشاركة في الإذاعة المدرسية، كان هناك تشجيع من المدرسين للمتفوقين فاشتركت في مسابقة أوائل الطلبة في الصف الخامس وكنت الأول على المدرسة في النصف الأول من الصف الخامس والثانى في النصف الثانى.

الوضع جد مختلف عن هذه الأيام فالمدارس أصبحت الآن أكثر هما وعبا على الأسر ومع تدهور أوضاع المدارس والعملية التعليمية بأسرها اتجه السواد الأعظم من الشعب إلى المدارس الخاصة التي تشهد زيادة في أسعار مصروفاتها فضلا عن انتشار الدروس الخصوصية بدء من المرحلة الابتدائية!

في المرحلة الإعدادية كانت المدرسة بجانب المنزل وكانت الدروس الخصوصية تنحصر في اللغة الإنجليزية والرياضيات فقط، فلم يعرف جيلنا دروسًا في اللغة العربية أو العلوم أو الدراسات الاجتماعية ولكن كنا بالفعل مجتهدين وكانت فرحتى بالنجاح أمينا لفصل ثالثة رابع تفوق نجاح عضو بمجلس النواب وختمت المرحلة الإعدادية بحصولى على المركز الأول على المدرسة عام 1996.

وكانت وما زالت تقاليد البلد في المرحلة الثانوية أن يقوم الناجح في الشهادة الإعدادية والذي حصل على مجموع يؤهله للالتحاق بالثانوية العامة بشراء دراجة للذهاب بها إلى المدرسة التي كانت تبعد عن القرية بثلاثة كيلو متر لذا كانت الفرحة مضاعفة بالالتحاق بالثانوية وبالدراجة. رحم الله كل من علمنا حرفا وهو الآن في ذمة الله وبارك الله في أعمار من كان منهم على قيد الحياة.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
Aymanpress333@yahoo.com
الجريدة الرسمية