رئيس التحرير
عصام كامل

إنه بن لادن.. الطريق إلى القاعدة


بداية من تلك الحلقة نحن على موعد مع "أسامة بن لادن" القائد، وتنظيمه «القاعدة» وحال معسكراته وعلاقاته مع قادة مثله، ولكن قبل الغوص في تلك التفاصيل على لسان زوجته وابنه حسبما شاهدا، فإننا نقف أمام الفكرة الجهادية في عقل أحد أثرياء العرب على مر التاريخ.


نستطيع القول إنه من الناحية المادية لم يكن هناك أي مشكلات مادية لـ"أسامة بن لادن"، وخضع كآلاف غيره لتعليم تقليدي إلى حد ما في المملكة العربية السعودية وحسب ما تقول زوجته فإنه في سن مراهقته كان فتى ذات شكل جذاب، خجول، لديه ثقة بنفسه، وفي نفس الوقت ملتزم دينيًا وهو ما ظهر في حفل زفافه حيث منع كل أنواع المرح وكان "أسامة" في السابعة عشر من عمره في ذلك الوقت.

بوادر تخطي المسموح به من التزمت ظهرت مع أول زواج "أسامة بن لادن" حين فرض النقاب والانقطاع عن الدراسة بالنسبة لزوجته التي تبرر موافقتها بقولها «لم أعترض لأني أدركت أن زوجي خبير في الشئون المعلقة بإيماننا، وكان واسع الاطلاع وأمضيت بسبب هذا ساعات طويلة أقرأ القرآن والأحاديث المهمة وكان "أسامة" يحفظ كل ذلك دون العودة إلى ورقة»

تلك الرؤية لفتاة صغيرة مثل "نجوى غانم" في هذا الوقت قد تبدوا منطقية خاصة أن الكثيرون يعتقدون أن الحفظ دليل النبوغ، لكن المهم الآن إنه مع مرور الوقت زاد اهتمام "أسامة بن لادن" بشئون الدين، وتقول زوجته «بدأ يولي اتساعا للعالم الخارجي وأخذ يشغل ذهنه ويعلق من وقت لآخر على خيبته من سياسات العالم وبخاصة أنه لا ينظر إلى الإسلام باحترام أكبر وفي إحدى الأمسيات عاد زوجي وأخبرني أننا سنسافر للولايات المتحدة وتلك المرة الأولى للسفر لي وأخبرني أنه سيلتقى هناك رجل اسمه "عبد الله عزام"»

خميرة التطرف اختمرت ولم يتبقَ سوى العمل، هكذا يمكن وصف "أسامة بن لادن" في تلك الفترة التي كوّن فيها وجهة نظر بأن الإسلام لا يُطبق في الدول الإسلامية، وإنه يجب أن يكون هناك حل، والتقاؤه مع "عبد الله عزام" الرجل الجهادي الأكبر سنًا وخبرة ساهم في خلق تلك التشكيلة قبل أن تأتي عام 1979 ليبدأ "أسامة بن لادن" رحلته لأفغانستان.

"نجوى غانم" زوجة زعيم تنظيم القاعدة تقول بحسب كتابه «إنه بن لادن»: «شهدت سنة 1979 اجتياح الاتحاد السوفيتي لأفغانستان وجر معه احتلالا غاشما لإخواننا المسلمين وبرغم أن كثيرا من السعوديين هالهم الهجوم بدا زوجي أكثر اضطرابا من أغلبهم وتابع أخبارهم وكلما عرف أكثر ازداد قلقه وسار في طليعة السعوديين لتقديم العون إلى إخواننا المحاصرين في أفغانستان وفي البداية ركزت حملته التي لم تهدأ على جمع المال لمساندة زعماء القبائل الذين يخوضون الحرب»

وتكمل "نجوى غانم" ما أعتبره الخطوات الأولى لـ"أسامة بن لادن" في عالم الإرهاب حين تميز عن غيره بالاهتمام والتطلع لفعل شيء، فتقول هي « وضع "أسامة" خططا للسفر لباكستان حيث يعيش ملايين المسلمين، وقال إنه سيأخذ أموال التبرعات التي جمعها ويشتري الغذاء والمواد الطبية والأسلحة، وسينظم بعد وصوله إلى باكستان الشاحنات وإعلام سائقيها بكيفية تسليم المؤن إلى المقاتلين الأفغان.»

لم تكن مجرد رحلة أو مساعدة مؤقتة، يبدوا أن "أسامة بن لادن" وجد ضالته في العالم الساخن، وبدأت الرحلات حتى حين وضعت زوجته تقول «حملت في عام 1980 ومن حسن حظي أن "أسامة" عاد وقت الولادة من باكستان ثم أنجبت طفلا رابعا ذكرا وكان عمر واحتفظت له بعاطفة خاصة لكن سرعان ما سافر "أسامة" لباكستان مرة أخرى، ولكن في تلك الفترة عرفت أن زوجي يسافر لأفغانستان»

في تلك الفترة كان ما يفعله "أسامة بن لادن" أمرًا محمودًا في ظل توجه عربي لمحاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان وقدمت عدة دول مساعدات برعاية أمريكية، ولذلك لم يكن غريبًا ما تقوله "نجوى بن لادن" أن زوجها أصبح سعوديًا معروفًا بل وفي نظر بعض أولاده بطلًا من الأبطال، كما بات له أعداء وهناك من يريد أن يشنق الهواء الذي يتنفسه، لكن في خضم تلك الأحداث بدأ «الشيخ» طريقه، وتعلم قيادة الطائرات الهيلكوبتر وأخبر زوجته أنه سيشتري منزلا للعائلة في بيشاور.

وخلال 3 سنوات كما تقول "نجوى غانم" بدت حياة "أسامة بن لادن" كطائر مجتهد ينتقل من وطن لوطن، فيطير من السعودية لبيشاور، وينتقل سريعا لأفغانستان للاتصال بالمقاتلين العرب، ويعود إلينا في أوقات الضرورة بجدة من أجل جمع المزيد من الأموال والمقاتلين.
الجريدة الرسمية