رئيس التحرير
عصام كامل

"فرعون الإنسانية" تنصل من المسئولية


مفاجأة مذهلة حققها شباب المنتخب المصري، عند فوزه ببطولة كأس العالم للناشئين في كرة اليد، وانتصاره على نجوم اللعبة في العالم، وعلى قدر فرحتنا بالانتصار واحتفال العالم بإنجاز شباب مصر، فإننا لا نعرف أشكالهم أو أسماءهم، ورغم وجودهم في الظل بعيدا عن أضواء الشهرة والإعلام تفوقوا وحققوا لمصر ما لم يحققه من نالوا أكثر من حقهم مالا وشهرة ونفوذا ولم يعطوا البلد شيئا، حتى في البطولات التي تقام على أرضها وبين جمهورها.


بمناسبة هزائم كرة القدم اللعبة الأولى، التي يحظى لاعبوها بالدلال والمال والشهرة، لم تعجبني تهئنة "محمد صلاح" لشباب مصر "أبطال العالم"، وشعرت أنها ليست من قلبه أو مجرد واجب، غرد صلاح "ألف مبروك لمنتخب اليد.. أبطال العالم" وحتى لم يرفقها بصورة للمنتخب أو الكأس أو ما يعبر عن فرحة حقيقية لأبناء بلده!

تغريدة "صلاح" لم تمر على متابعيه بلا رد، فأوسعوه نقدًا وسخرية ومقارنة بين هزائم منتخب كرة القدم رغم ما يحظى به، وبطولات شباب كرة اليد المغمورين، الذين صاروا أبطال العالم.

تصرفات "صلاح" الأخيرة تنم عن تغيرات عدة، وأن الغرور عرف طريقه إليه، فبعد أن كان يسعد بلقاء الناس أينما كانوا، بات يشكو من محاصرتهم له وحرمانه من حياته، مثلما حدث حين أحاطه الناس في قريته ولم يتمكن من مغادرة منزله لأداء صلاة العيد، وهي الشكوى ذاتها التي كررها في لقائه أول من أمس مع شبكة "CNN" الأمريكية. 

حيث شكا من المعجبين خلال بطولة أفريقيا، وقال "عندما كنا في يوم الراحة بقيت حبيسًا في غرفتي، وعندما أردت النزول لساحة الفندق وجدت حولي 200 فرد، وقتها تحدثت مع المسؤولين ولكن اتحاد الكرة قال: لماذا تشتكي؟!"

وتابع: "أشتكى لأنني إنسان، أريد أن أكون مع اللاعبين، وأستمتع بحياتي، نحن نحب بعضنا كلاعبين ونريد أن نلهو سويًا وقت الراحة.. وعندما أتحدث عن شيء فإنني أنوب عن الجميع، كما أن اللاعبين يطلبون مني أن أفعل ما أستطيع فعله".

يبدو أن "صلاح" نسي ما قاله للتو بشأن أنه يتكلم مع المسؤولين نيابة عن اللاعبين، ونفي في المقابلة ذاتها تدخله لإعادة "عمرو وردة"، إلى معسكر المنتخب في "أمم أفريقيا"، بعد صدور قرار استبعاده، وقال "صلاح": "لست مديرًا فنيًا ولا مدربًا ولا قائد الفريق، وإن كنت قويًا بهذا القدر لغيرت الكثير من الأشياء في المنتخب، أنا مجرد لاعب ولكنهم وضعوا الأمر كله على عاتقي"!.

كذب "صلاح" لأن تغريدته الداعمة لإعادة "وردة" لا تحتمل التأويل وجاء فيها "أن الكثيرين ممن يرتكبون أخطاء يمكن أن يتغيروا للأفضل ويجب عدم إرسالهم مباشرة إلى المقصلة، التي هي أسهل طريقة للخروج.. نحتاج أن نؤمن بالفرصة الثانية، نحتاج إلى الإرشاد والتثقيف، الإبعاد ليس هو الحل".

وعند اتهامه في المقابلة بالنفاق تجاه المرأة والتحرش بها أجاب "الناس تسيء فهم ما أكتبه، كنت أقصد، أن المتحرش يجب أن يخضع لعلاج وتأهيل نفسي حتى لا يعود لفعلته ثانية"!.

كذب "صلاح" أكده "أحمد شوبير" بعد انتهاء لقاء "CNN" مباشرة، وقال إن رئيس الاتحاد كان يرفض عودة "وردة" للمعسكر وأصر على إبعاده، لكنه رضخ أمام ضغط اللاعبين ومنهم صلاح، واتفق "أبو ريدة" مع "صلاح" على نشر تغريدة "الفرصة الثانية" كي يمهد للجمهور فكرة عودة وردة للمنتخب!.

تغيرات "صلاح" امتدت إلى مستواه مع ليفربول، وتقدم عليه السنغالي "ساديو ماني"، وحتى ترتيبه الأوروبي تراجع من الثالث إلى السادس، وهاجمه الجمهور والإعلام كثيرا على الأداء ودعمه "عمرو وردة" وازدواجية تقييمه بين أوروبا ومصر، ما دعاه إلى تحين الفرص لاستعادة ما خسره في الأشهر الأخيرة، مع التأكيد على أننا لا نشكك أبدا في حبه لمصر وولائه لها. 

لكن كان تبرعه السخي جدا لترميم معهد الأورام فرصة لا تعوض لإثبات الولاء والدعم للوطن، كما اكتسب كثيرا من الدعم الإعلامي وبات "فرعون الإنسانية" بموقفه مع المعجب البريطاني الصغير أو "الطفل النازف"، الذي أطل في التلفزة البريطانية متحدثا عن إنسانية "صلاح"، آخر مواقف صلاح الإنسانية، كان مع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، حين تبادل معه "صلاح" الكرة في الملعب قبل نهائي "السوبر الأوروبي" مع تشيلسي، في إسطنبول بتركيا، وهي اللقطات التي تفاعل معها بإعجاب وإشادة "السوشيال ميديا".

يبقى أن "صلاح" خسر كثيرا وعليه بذل الجهد حتى يعود كما كان.

أما "أبطال العالم" في كرة اليد الذين منحهم الرئيس السيسي وسام الرياضة من الطبقة الأولى، فيجب أن نجزل لهم العطاء وينالوا مكافآت لا تقل عن لاعبي كرة القدم، وأن تسلط عليهم الأضواء ويدعمهم الإعلام لينالوا شهرة يستحقونها عن جدارة، فهم نالوا بأيديهم واجتهادهم ومهارتهم ما عجز عنه المحترفون في أشهر أندية العالم بأقدامهم.
الجريدة الرسمية