رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية المؤتمر السري للبدوي


في مداخلة هاتفية مع الإعلامي الكبير "سيد علي" على قناة الحدث، تعقيبًا على قرار طرد "السيد البدوي شحاتة" رئيس حزب الوفد السابق من عضوية الحزب، وفقًا لحكم قضائي نهائي يحول دون بقائه في تشكيلات الحزب، أو أي حزب آخر، وهو القرار الذي اتخذه الحزب متوافقًا مع أحكام القانون ولائحته الداخلية، بل ووفق قانون مباشرة الحقوق السياسية.. قلت: إننى أتحدى "البدوي" أن يعقد مؤتمرًا صحفيًا يظهر فيه أمام الناس، ويحكي السبب الحقيقي لطرده، فماذا حدث؟!


بعد ساعات من المداخلة الهاتفية أرسل إليّ الأستاذ "سيد علي" فيديو يظهر فيه "البدوي" مع جماعة ممن كانوا يرددون "بنحبك يا بدوي" في قاعة مغلقة، أظنها داخل مصنعه ليزف للناس ولقناة الناس أنه عقد مؤتمرًا صحفيًا.. مؤتمر صحفي سري لم تحضره أية وسيلة إعلامية، ولم يعلن عنه للميديا، ليصور للزميل "سيد علي"، ولمن لا يعرف سبب طرده من حزب الوفد، أنه يتحرك بحرية، ويعقد مؤتمرات صحفية، وأن إدارة تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية لا تطارده لتنفيذ الحكم الصادر ضده بحبسه، وحبس ابنته ست سنوات، لكل منهما، لإصدارهما شيكات بدون رصيد.


أراد "البدوي" أن يقبل التحدي دون أن يدعونا لحضور مؤتمره المزعوم، وكان قبلها قد أصدر بيانا تجاهل فيه حقيقة صدور حكم قضائي نهائي بحبس سيادته وابنته، وهو السبب الحقيقي الذي دفع قيادة حزب الوفد ورئيسه الأستاذ "بهاء الدين أبو شقة" لاتخاذ قرار طرده من عضوية الوفد، أي أن القرار المتخذ ضده لا علاقة له بما حاول سيادته أن يصدره للرأى العام، واصفًا إياه بأنه تصفية حسابات.


والحقيقة التي يريد "البدوي" للجماهير ألا تركز فيها، أنه فقد كل شيء كنتيجة طبيعية لمراهاناته الخاطئة منذ تعاون مع الإخوان من أجل دعمه مرشحا لرئاسة الجمهورية، وهو الذي كان يترأس أهم حزب ليبرالي في البلاد، ثم مراهاناته السياسية بعد ذلك وقبل ذلك، حتى ضاعت هيبة الوفد، وكادت صحيفته أن تتوقف عن الصدور، بسبب الإدارة الفاشلة لواحدة كانت من أهم صحف مصر، المعبرة عن أنات الجماهير، ثم صارت في عهده نسيا منسيا، حتى تنبه المخلصون وأعادوها إلى موقع أفضل بكثير مما كانت تواجهه من شبح التوقف النهائي.


"البدوي" يحاول أن يوهم الجماهير ومعه رهط قليل من أنصاره- ولن نقول من المستفيدين منه، ففي النهاية العمل الحزبي يحتمل مثل حالات "البدوي"، خاصة في التجربة التعددية الثانية، التي أصيبت بلعنة المتطفلين على العمل السياسي- يريد الرجل أن تضيع القضية الرئيسية التي كانت سببا في خروجه من الحياة السياسية، حال كونها حكما قضائيا نهائيا بحبسه هو وابنته، وهو الأمر الذي يدفع أي حزب محترم أن يتخذ الإجراء المناسب حماية لتاريخه ودوره في الحياة..


وقد دعوت في المداخلة الهاتفية "السيد البدوي" إلى زيارة "فيتو"، وإجراء حوار صحفي يقول فيه ما يشاء، ونواجهه بما لدينا من أوراق ومستندات وقضايا، وصل عددها إلى أكثر من ستين قضية شيكات بدون رصيد، تسببت في خراب بيوت، وإغلاق شركات، وتدمير أسر بكاملها، وهو القابع على كنز من الأموال التي تكسبها في سنوات سابقة، سواء من قناة الحياة أو شركات الدواء التي يمتلكها، غير أنه استهواه أكل حقوق الناس بالباطل، فكيف يظل مثل هذا الرجل منتميا لحزب في تاريخ حزب الوفد، كان لابد للوفد أن يتطهر وقد تطهر!!


الحيلة الثانية التي يصدرها "البدوى" للعامة، أنه باع قناة الحياة وهذا غير صحيح، فالأوراق التي تحت أيدينا تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العلامة التجارية للقناة بيعت بالمزاد العلني بمائة وعشرين مليون جنيه، وفق حكم قضائي صادر من محكمة القاهرة الاقتصادية، لصالح الغرماء الذين يدينون "البدوى" بأموال، وفق شيكات صادرة منه، ليس لها رصيد، حيث صدر الحكم بأوامر تنفيذية أرقام ١ و٥ و١٦ لسنة ٢٠١٨ م وتقدمت عدة شركات للمزاد، وفازت به شركة مصرية، وبالتالى فإن أكذوبة بيع القناة تتحطم على واقع حكم البيع الصادر من محكمة القاهرة الاقتصادية.


والسؤال اللغز: ما سبب تحول هذا الرجل من سياسي كان يعد نفسه للترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية، وكان رئيسا لحزب له تاريخ عريق، وكان رجل أعمال ملء السمع والبصر، وكان أحد المستثمرين الكبار في مجال الإعلام.. كيف تحول ليهرب داخل "توك توك" من مطاردة "الديانة" ثم يطاردونه أمام مصنعه، فيهرب به سائقه بسرعة جنونية عكس الاتجاه بمدينة السادس من أكتوبر، ثم يصبح مطاردا من إدارة تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية؟!


الإجابة طرف "السيد البدوي"، فهو وحده وربما قليلون من يعرفون السبب الحقيقي وراء انهيار إمبراطوريته، وطرده من الحياة السياسية، ومطاردته من "الديانة" الذين يتعقبونه في كل مكان يمكن أن يذهب إليه!!


الجريدة الرسمية