رئيس التحرير
عصام كامل

عطايا الأمير!


سافر "صلاح جلال" المحرر العلمى للأهرام في الستينات من القرن الماضى إلى إحدى الدول الخليجية لتغطية مؤتمر علمى يعقد على أراضيها، دعت لحضوره العلماء من دول العالم المتقدم، لتدلل على انها تهتم بالعلم والعلماء، ولذلك وجهت الدعوة إلى الصحف المصرية لتغطية المؤتمر..


كان "جلال" من أبرز الصحفيين الذين قاموا بالتغطية لخلفيته العلمية ولمتابعته للعلماء الاجانب الذين شاركوا في المؤتمر.. وانفردت الأهرام بحوارات معهم والإعلان عن بحوث علمية حققت نتائج رائعة، ستؤدى إلى نهضة غير مسبوقة في مجالات عديدة، وسيلمس مدى جدواه المواطنين البسطاء.

فوجئ "صلاح" بالمسئول الإعلامي عن المؤتمر يبلغه تحيات الامير ويوجه له الشكر على التغطية الرائعة التي قامت بها الأهرام ونقلت عنها الصحافة العالمية. لم يكتفى الرجل بعبارات الشكر إنما قدم له مظروفا يحتوى على أوراقا مالية، وأوضح له انها مقدمة من الامير شخصيا.

رفض "صلاح" أن يتسلم المظروف واعتبر هذا التصرف إهانة لا تغتفر، وأعلن على الملاء أن عطية الامير يجب أن تقدم لشعبه وليس لاعلاميين المصريين الذين ليسوا بحاجة إلى عطايا الامير، فرد المسئول الإعلامي على الفور قائلا: أن عطايا الامير لا ترد.

فقال صلاح: وأنا أرفضها بشدة.

قبل أن يعود "صلاح" إلى القاهرة سبقه من أبلغ "محمد حسنين هيكل" رئيس التحرير.. أن مندوب الأهرام تسبب في "أزمة دبلوماسية" بين البلدين، وانه ما كان ينبغى أن يتصرف بهذه الرعونة ويرد عطايا الامير.

استدعى "هيكل" "صلاح" وسأله عما جرى، فأطلعه على حقيقة ما تعرض له من إهانة، وأضاف أنه كان يدافع عن كرامة الصحفيين المصريين جميعا، لا عن صحفي "الأهرام" وحدهم، وان الزملاء الذين شاركوا في تغطية المؤتمر رفضوا عطايا الامير، واعادوا المظاريف "المسممة".

في الاجتماع اليومى لمجلس تحرير الأهرام، الذي يضم مدير التحرير ورؤساء الاقسام، حرص "هيكل" على الحضور مبكرا وأعلن أنه منح "صلاح" مكافأة على موقفه الشجاع، وحفاظا على "الأهرام" أولا والصحافة المصرية بوجه عام.

وأضاف هيكل أنه لو كان "صلاح" قبل تلك "العطية" لكان لى موقف مختلف معه، اما عن ما يتردد عن "أزمة دبلوماسية" فهى لن تحدث ولو حدثت ليست بسبب تصرف "صلاح".
زمان كان الصحفيون يخجلون من قبول "العطايا" رغم ظروفهم الصعبة.
الجريدة الرسمية