رئيس التحرير
عصام كامل

لمصلحة من "سلب" محافظ القاهرة اختصاص رئيس الوزراء؟


يقف المرء حائرًا حين يتأمل في واقعنا المعاصر، فبينما تركض القيادة السياسية لمحاربة الفساد نجد من بين قياداتها من لا يعي أهدافها، ثم نجده جاهلًا بأحكام القانون، ولا يدرك مفاهيم الإدارة، ويتجلى ذلك في مواقف عديدة، بينها مخالفة محافظ القاهرة الصريحة للقانون، بالتعاون مع وزير التربية والتعليم الحاضر الغائب الذي يعرض عرضًا غير صحيح، ويستصدر القرارات المخالفة دون استهداف الصالح العام، ونعرض لذلك تفصيلًا:


نصت المادة 11 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 على أن يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب أو الإعارة، على أن يكون التعيين بموجب قرار يصدر من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، على أساس الكفاءة والجدارة، دون محاباة أو وساطة، من خلال إعلان مركزي على نحو يكفل تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين.

والمادة 17 من القانون نصت على أن يكون التعيين في الوظائف القيادية عن طريق مسابقة يعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية أو النشر في جريدتين واسعتي الانتشار، متضمنًا البيانات المتعلقة بالوظيفة. ويكون التعيين من خلال لجنة للاختيار، ونصت المادة 21 على أن يكون التعيين في الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية في هذه الجهات والوظائف بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، وأصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 279 لسنة 2018 بتفويض رئيس مجلس الوزراء في هذا الشأن.

وحين نستعرض قرار محافظ القاهرة رقم 1397 لسنة 2018 الصادر في 14 فبراير 2018 بتكليف محمد عطية، مدير عام إدارة تعليمية للقيام بأعمال وكيل أول الوزارة مدير مديرية التربية والتعليم بالعاصمة، مغتصبًا بذلك اختصاصًا محجوزًا لرئيس مجلس الوزارة، ومقصورًا عليه بموجب تفويض السيد الرئيس له بتعيين شاغلي درجة وكيل أول وزارة ووكيل وزارة وفقًا للقرار الجمهوري رقم 279 لسنة 2018.

ومن شأن القرار الكارثة الذي أصدره المحافظ السابق أن يُحدث انهيارًا في العملية التعليمية بمديرية تعليم العاصمة، لأن من يديرها منفردًا مدير عام إدارة تعليمية، ويتولى كافة الوظائف القيادية بها (مدير ووكيلا المديرية)، رغم وجوب أن يكون مدير المديرية بدرجة "وكيل أول وزارة" بالإضافة إلى وكيلين للمديرية بدرجة "وكيل وزارة" لكل منهما، على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارات بتعيينهم.

وهناك سؤال يتردد بين الكثيرين: هل اختفت الكفاءات من وزارة التربية والتعليم بكل من فيها من قيادات ممن يصلح مديرًا لمديرية تعليم القاهرة ووكيلين لها؟ أم أن الإجراءات التي تتفق مع القانون للاختيار ستأتي بأشخاص محترمين وأكفاء لا يخالفون القانون ولا يقبلون إملاءات ويرفضون المجاملات، وقد يغردون خارج سرب البوم الذي يسعى للخراب ولا يهنأ إلا في الظلام.

وبدأت القصة حين أصدر وزير التربية والتعليم القرار 281 لسنة 2017 في 17 أغسطس 2017 بتكليف "محمد عطية" الذي يشغل وظيفة مدير إدارة تعليمية بتسيير أعمال وظيفة وكيل المديرية، بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية (رقم 81 لسنة 2016)، الذي لا يتضمن مسمى "التكليف" لتسيير الأعمال، وبعد أقل من ستة أشهر، أصدر المحافظ، قرارًا بتكليف محمد عطية، أيضًا بأعمال وكيل أول وزارة و"مدير المديرية" التي يتعين ألا يتم شغلها إلا بقرار من رئيس الوزراء أو ندب من يكون بدرجة وكيل وزارة.

والمخالفة القانونية الجسيمة في قرار تكليف "عطية"، بإدارة العملية التعليمية في القاهرة أنه يقوم أيضا بـ"تسيير أعمال"، وظيفة "وكيل المديرية" التي تعادل درجة "وكيل وزارة"، بالمخالفة الصارخة لقانون الخدمة المدنية، التي أناطت بالسلطة المختصة "ندب" وليس "تكليف أو تسيير أعمال" الموظف للقيام مؤقتًا بعمل وظيفة أخرى من المستوى الوظيفي لوظيفته ذاته، أو من المستوى الذي يعلوه مباشرةً، كما يشغل محمد عطية، وظيفة وكيل المديرية لشئون الإدارات التعليمية التي تعادل درجة "وكيل وزارة"!

ويعلم كافة من يعمل بالتعليم بالعاصمة أن القائم بتسيير أعمال وظائف وكيلي ومدير المديرية يحضر لجنة التعليم الخاص باعتباره رئيسًا لها، بوصفه القائم بتسيير أعمال وكيل المديرية منذ تكليفه، رغم مخالفة ذلك للمادة ٥٩ من القرار الوزاري رقم ٤٢٠ لسنة 2014، ويترأس تلك اللجان التي تصدر "قراراتها" ولا تعتبر واجبة التنفيذ إلا بعد اعتماده بوصفه مديرًا للمديرية، والذي يملك وحده الاعتراض على أي من الموضوعات، وإعادتها للمناقشة مرة أخرى، إلا إنه ورغم هذا، يعتمد قراراتها، ويصدرها، منفردًا، بما يؤكد أن قرارات لجنة التعليم الخاص بالعاصمة تصدر دون رقابة حقيقية.

ورغم تغيير المحافظ السابق إلا أن من خلفه لم يتحرك أو بالأحرى "من حوله" لمراجعة تلك القرارات، وما زلنا نهتف بالجميع أن الإرهاب يحصد حاضرنا ولكن وعي الشعب سيرد على الإرهابيين قصدهم في نحورهم بينما فساد العملية التعليمية يهدم مستقبلنا ولا يملك أولياء الأمور والطلاب من أمرهم شيئًا، ولا بد أن نفتش عن أصحاب المصالح في هذا الشأن ومن يريدون هدم البناء من الداخل وهم أخطر علينا من أعداء الخارج بأسلحتهم الناعمة، التي تظهر في صورة قرارات خاطئة فاشلة تخالف القانون وتتنكب طريق الصالح العام، وإنا لمنتظرون لقرار يعيد الأمور إلى نصابها، لتصحيح المسار.. وللـحـديـث بـقـيـة
الجريدة الرسمية