رئيس التحرير
عصام كامل

عصر جديد مبشر من التعليم العالي


في خضم موسم تنسيق الثانوية العامة في الفترة الحالية، وظهور نتيجة المرحلة الأولى من التنسيق والتأهب للمرحلة الثانية استوقفني أمر في غاية الأهمية، وهو وجود بعض الكليات ذات التخصصات الجديدة التي تدخل الخدمة لأول مرة، أو التي دخلت بالفعل مجال الخدمة التعليمية..


فمن الكليات الجديدة تماما كلية الذكاء الاصطناعي بالنوبارية، وكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة سوهاج، وكلية الذكاء الاصطناعي بجامعة كفر الشيخ، وكلية تكنولوجيا وصناعة الطاقة بجامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية، وكلية تكنولوجيا وصناعة الطاقة بجامعة الدلتا، والكلية المصرية الكورية لتكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة بني سويف التكنولوجية.

ومن الكليات الجديدة التي دخلت الخدمة في عام 2017 كلية علوم البترول والتعدين بمرسى مطروح، وهي أول كلية لعلوم البترول والتعدين بمصر، وهذا الاتجاه في التعليم هو ما ينبغي أن يكون عليه التعليم العالي في مصر، فينبغي أن ننسى تلك التخصصات التقليدية التي يسعى بعض الطلاب وأولياء الأمور خلفها وأبرزها الطب البشري والقطاع الطبي بصورة عامة، سعيا خلف لقب طبيب فقط دون النظر لمجال العمل الحقيقي في مصر..

فكلية الطب على سبيل المثال تخرج أطباء بأعداد كبيرة، فيجد الطبيب نفسه في النهاية معينا براتب موظف بسيط وفي وظيفة تقليدية، فيتجه بعضهم لمجال مهن أخرى مثل التدريس أو أي حرفة أخرى بعد أن قضى سنوات شبابه في الدراسة وذلك لسعيه خلف لقب طبيب أو دكتور، لكن الاتجاه الحديث أن تخرج خريجا يلبي سوق العمل الحديثة ويخدم في أماكن ومحافظات محددة وفق ثرواتها واحتياجاتها..

ومن هنا تأتي أهمية الكليات الجديدة وعلى رأسها كلية علوم البترول والتعدين في مطروح، تلك الكلية القائمة بذاتها وليس فرعا تابعا لكلية العلوم.

هذه الكلية أنشأتها الدولة بصورة مميزة في محافظة مطروح وتلاقي اهتماما كبيرا من الدولة بالفعل بما يسهل ويذلل لها كل العقبات، وخريجيها لقبهم العلمي "مهندس جيولوجي"، وصارت هذه الكلية تابعة لجامعة مطروح التي صرح بها مؤخرا بعد أن كانت فرعا لجامعة الإسكندرية، وتأتي فلسفة قيام هذه الكلية بصورة مرضية للوطن ولما سبق أن نادينا به من وجود تعليم يخدم المجتمع، فنجد أن فلسفة وجود الكلية نابعة من محاولة إحداث نقلة نوعية في مجال البترول في مصر خاصة بالصحراء الغربية، واستغلال ما تزخر به من ثروة بترولية وتعدينية هائلة..

حيث يوجد بمطروح نحو 600 مليون طن من الثروات المعدنية، مثل الدُولميت والحجر الجيري،الطفلة ورمال السيلكا والجبس والرخام، كما تُقدر الثروة البترولية بـ 4،8 مليون برميل بترول، مع وجود ميناء الحُمرة بالعلمين لتصدير المواد البترولية، كذلك يوجد 13،4 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وكل تلك الثروات، جعلت محافظة مطروح تسارع من أجل الاستغلال الأمثل لها، والتي لم تكن وحدها العامل الرئيسي في جذب العديد من الاستثمارات، بل عملت أيضا على ضرورة الإسراع في توفير مزيد من التخصصات العلمية مع الاستغلال الأمثل لتلك الثروات بالتخطيط والأسلوب العلمي الأمثل.

وقد تم العمل على إقامة كليات علمية متخصصة، قادرة على خلق كوادر في تلك المجالات مثل إقامة كلية علوم البترول والتعدين، مع السعي لإقامة مزيد من الكليات التي تواكب ما تزخر به مطروح من ثروات وإمكانيات تنموية هائلة، تكون قادرة على خدمة أهلها وبما يخدم سوق العمل، مع وجود العديد من شركات البترول العاملة على أرض مطروح، وحاجتها إلى المزيد من الكوادر العلمية والعملية في ذلك المجال.

وتعتبر كلية علوم البترول والتعدين، أول كلية فريدة من نوعها في اسمها وتخصصها على مستوى الجامعات المصرية، حيث تم قبول 50 طالبًا بالمرحلة الأولى لها في عام 2017 وكذا العدد في 2018 وهو عدد أكبر من أي فصل في مدرسة حكومية لكنه يعكس الاهتمام بمثل هذا الطالب وجعل تعليمه يتم بصورة فوق الممتازة.

كما نجد أن الاهتمام بالمجالات الجديدة أصبح هو الهدف بدلا من تخرج آلاف الطلبة ينضمون لطابور البطالة ومن المجالات الجديدة مجال البرمجة، حيث أصبحت البرمجة في العصر الحالي ضرورة حياتية، يعتمد عليها الإنسان في شتى المجالات، نظرا للتطور التكنولوجي، والبرمجة لا تقتصر فقط على تصميم المواقع بل يمتد المجال ليشمل إنشاء برامج سطح المكتب للشركات والصيدليات، وبرامج عمل مواقع الإنترنت، وعمل تطبيقات أجهزة الهواتف الذكية، وتطبيقات الألعاب، ويدخل فيها تصميم مواقع التواصل الاجتماعي كـ«فيس بوك»، و«تويتر»، والبريد الإلكتروني، والسوفت وير الخاص بمصانع الأجهزة الكهربائية كالغسالات.

ومجال البرمجة سهل يمكن للطالب أن يلتحق بكلية الحاسبات والمعلومات لدراسة المجال، وتطوير نفسه عن طريق التدريب الإلكتروني، كما يمكنه أن يتعلم البرمجة بنفسه عن طريق الدورات المتوفرة على الإنترنت المجانية أو المدفوعة الأجر، ومواقع لغات البرمجة. وهناك مجال هندسة الطاقة المتجددة فيتجه العالم إلى استخدام الطاقة المتجددة باعتبارها أحد المصادر النظيفة، ومن المتوقع أن يشهد المستقبل اقتصار استخدام النفط والغاز الطبيعي على صناعة البتروكيماويات فقط، دون استخدامهما كوقود، على أن تنحصر مصادر الطاقة حينئذ في مصدرين فقط، هما: الطاقة النووية، والطاقة المتجددة.

ويشير الموقع الرسمي لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا إلى أن لديه برنامج تخصُّص الطاقة المتجددة لمدة خمس سنوات، يهدف إلى تزويد الخريجين بالمعرفة المتقدمة عن أحدث التقنيات لتوليد الطاقة الخضراء، وتشمل هذه التقنيات الخلايا الشمسية، وطاقة الرياح، والوقود الحيوي، والكتلة الحيوية، والغاز الطبيعي.

ويتكون برنامج الطاقة المتجددة من ثلاثة أركان أساسية، هي: الهندسة الميكانيكية، والهندسة الكيميائية، والهندسة الكهروكيميائية. ووفقا لموقع مدينة زويل يعدّ برنامج الطاقة المتجددة الطلاب للعمل في أي مشروع ذي علاقة بالتخزين، والنقل، وتوليد الطاقة المتجددة. وهذا ما تطمح مصر إليه لتتقدم بالفعل.
الجريدة الرسمية