رئيس التحرير
عصام كامل

مفتاح المشروعات التعليمية مع نائب الوزير.. لماذا؟


تسعى البلاد منذ سنوات للنهوض من كبوتها وآلامها، وتقف معوقات عديدة أمامنا لتحقيق أهدافنا، ولكن حين تتوافر الإرادة فلن يقف أمام المصريين شيء، فهم أبطال المعارك على مر التاريخ، وهم أصحاب الصمود والعبور.


ولكن مأساتنا تنبع من داخلنا، حين يُكلف بالعمل من ليس له أهلًا، ويتولى مقاليد الأمور الأقل خبرة ومعرفة، وحين يلجأ بعض المسئولين إلى قبول الوساطات أو تعيين المقربين أو الأقارب دون الوقوف كثيرًا عند معايير صلاحية الشخص المختار للوظيفة.

ونعرض هنا حالة الدكتور محمد عمر أحمد، المدرس بقسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا "الخاصة" بمدينة 6 أكتوبر.. وهو حاليًا نائب وزير التربية والتعليم، بالإضافة إلى إدارته صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، والذي يديره منذ 6 سنوات ندبًا من الجامعة على غير سند من القانون، وجمع بين منصب "نائب الوزير" لشئون المعلمين، ومدير الصندوق في تحدٍ سافر للقانون والعقل، فهيا بنا نعيش المآساة من بدايتها.

بتاريخ ٨ سبتمبر ٢٠١٣ صدر قرار وزير التربية والتعليم الأسبق رقم 332 بانتداب الدكتور محمد عمر للعمل مديرًا لـ"صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية"، لمدة عام، وتلا ذلك تجديد الندب، ليظل الدكتور محمد عمر، في منصبه حتى الآن بالمخالفة للقانون، إذ أن قانون العاملين المدنيين بالدولة، ومن بعده قانون الخدمة المدنية، يشترطان للندب أن يكون للاستعانة بالكفاءات من قيادات الوزارة، أو من الجهات الحكومية الأخرى وليس من جامعة خاصة.

ويعلم كافة العاملين بالتعليم أن "أموال الصندوق" هي أموال عامة، طبقا للمادة 12 من قانون إنشائه، وله موازنة يتم إعدادها سنويا وفقًا لضوابط الموازنة العامة للدولة "مادة 11" بالإضافة إلى أن موارده أغلبها ناتج من الرسوم المدرسية المحصلة من طلاب وتلاميذ المدارس في جميع المراحل التعليمية.

وفي صباح الخميس 14 يونيو 2018 أدى الدكتور محمد عمر اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، نائبًا لوزير التربية والتعليم لشئون المعلمين، ولذلك أصدر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء قرارًا بشأن المهام والإختصاصات التي يتولاها "عمر" نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، لشئون المعلمين.

ونص قرار رئيس الوزراء على أن يتولى نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى لشئون المعلمين، معاونة الوزير في أداء كافة المهام والاختصاصات المتعلقة بشئون المعلمين، ومعاونة الوزير في الإشراف على إعداد مشروعات القرارات الخاصة بالمعلمين وشئونهم وفقًا للقوانين السارية، والتنسيق مع الوزارات والجهات والهيئات الأخرى فيما يختص بالمعلمين وشئونهم، وكذا الاطلاع على التقارير والبحوث والدراسات المختصة بشئون المعلمين، وإبداء الرأى بشأنها، وتنفيذ المهام التي يكلفه بها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني.

قد تعتري قارئ المقال دهشة بالغة، وثورة عارمة، ولكن يتعين عليه أن يتريث، فالمأساة لن تكتمل إلا بعد أن أنبهه إلى أن منصب نائب الوزير هو منصب سياسي لا يصح الجمع بينه وبين منصب تنفيذي، فنائب الوزير شأنه شأن الوزير في إجراءات إختياره ومباشرة أعماله وله أيضًًا العديد من المزايا والضمانات، على نحو ما نظمه القانون رقم ٢٢٣ لسنة ١٩٥٣

كل هذا كفلته الدولة للدكتور محمد عمر لتميزه على أقرانه الذين لا نعرفهم لأنه ليس لدينا من يمكن مقارنته به فهو ليس له قرين لتولي هذين المنصبين، ويبدو أن مصر ذات المائة مليون مواطن عقيمة عن إنجاب مثله لتولي الصندوق المذكور "الوظيفة التنفيذية" أوالعمل نائبا للوزير "العمل السياسي"، كما أفلست وزارة التعليم إلى درجة أعدمتها القدرة أن تُخرج من بين أبنائها نائبًا لشئون المعلمين رغم حصول بعضهم على درجة الدكتوراه في صميم عملهم التعليمي والتربوي، والمآساة أنه يجمع بينهما.

ونحن لا نستغرب أبدًا ما آل إليه حال التعليم والمعلمين في ظل هذه الإختيارات التي تكشف حقيقة ما يدار داخل الوزارة، وهي نموذج لواقع الوزارة المنكوبة التي جاهدنا وغيرنا للتحذير من خطورة استمرارها على هذا النحو، وأن ثمار ذلك لن يجنيها إلا أولادنا وبلادنا بعد عِقد من الزمان.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية