رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد بهاء الدين يكتب: الأغاني الحماسية

أحمد بهاء الدين
أحمد بهاء الدين

في مجلة صباح الخير عام 1957 كتب الصحفي أحمد بهاء الدين مقالا قال فيه: "الرسام صلاح جاهين وأنا نكون في العادة أول من يصل إلى مكاتبهم في دار روز اليوسف في الصباح، ونحن نصل إلى مكاتبنا في التاسعة صباحا وقد يكون الفراشون لم يفرغوا من كنس وتنظيف المكاتب".

الغريب أننا نظل في الدار بمفردنا حتى أذان الظهر عندما يبدأ أول المحررين في الحضور والتثاؤب، وفى الأيام التي يكون فيها صلاح مشغولا بتأليف الأغاني الإذاعية يدخل علينا في الصباح وقد فتح حنجرته الجهورية وهو يردد الأغنية كما لحنها له كمال الطويل مثلا في الليلة السابقة.

وهذا الأسبوع وضع صلاح جاهين كلمات ثلاث أغان جديدة اضطررت كالعادة إلى الاستماع إليها قبل أن تغنيها نجاة الصغيرة وأم كلثوم والمجموعة.

ولا أول مرة لم أنزعج من صوت صلاح جاهين بل قلت له إنه يغنى أغنية (الجنة هي بلادنا) أحسن مما تغنيها نجاة الصغيرة.
إن صوت نجاة الرقيق الناعم المشحون بالشجن لم يكن مناسبا أبدا لكلمات أغنية حماسية تتكلم عن جهنم الحرب ودمارها.
وهذه الظاهرة الملحوظة تنطبق على أغلب الأغاني الوطنية التي يرددها المطربون والمطربات في مختلف المناسبات.
إن الأغنية الوطنية بطبيعتها بطبيعتها أغنية كورس خلقت لكى يرددها مجموعة ولذلك نجحت أغنية "الله أكبر فوق كيد المعتدى" لمحمود الشريف.
الأغنية الوطنية يا سادة تحتاج إلى صوت قوى فيه من الإثارة أكثر مما فيه من الرقة وليس هذا هو الحال بالنسبة لأغلب المطربين.. فمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش يعمدون أحيانا إلى التطريب والتنغيم الذي يذيب اندفاع وحماس أي أغنية وطنية.. في حين أن مطربة مثل فايدة كامل يلائم صوتها الأغانى الحماسية لما فيها من اندفاع وثورة.
وليس معنى كلامى هذا حرمان هذه الأصوات من الأغانى الوطنية أو أي معنى وطنى.. لا.. لكن المعنى الوطنى الذي تغنيه بنت صغيرة غير المعنى الوطنى الذي يغنيه رجل ذاهب إلى الميدان.
إن ملاءمة الصوت للمعنى مهم كملاءمة اللحن له تماما.
الجريدة الرسمية