رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام.. وثقة المواطن المفقودة!


أصبح الإعلام في موقف لا يحسد عليه، فقد الكثير والكثير من ثقة المتلقى، المواطن ابتعد عن الصحف الورقية التي ذكر آخر تقرير عن مجمل توزيع جميع الصحف الورقية أصبح رقما مخيفا، يقول إنه أقل من 340 ألف نسخة لكافة الصحف والمجلات الحكومية والحزبية والمستقلة، هذا الرقم كانت جريدة الجمهورية بمفردها توزعه من الطبعة الأولى ليلا، كانت الصحف الحكومية الأهرام والأخبار يتجاوز التوزيع اليومى المليون نسخة، حتى الصحف الحزبية الأسبوعية بالرغم من تواضع امكانياتها كانت تطبع مئات الآلاف من النسخ.


نحن أمام مشكلتين كبيرتين، تراجع لم يحدث في تاريخ الإعلام في توزيع الصحف والمجلات، وانعدام الثقة في الإعلام، السؤال هل السوشيال ميديا وسهولة وسرعة انتقال المعلومات والأحداث في جزء من الثانية من أي منطقة العالم إلى كل الدنيا -صور وفيديو- هو السبب؟

يقينى أنه أحد الأسباب ولكن ليس كل الأسباب وليس أهم الأسباب، هل الصحافة المصرية طورت من نفسها حتى تواجه السوشيال ميديا؟ هل طورت ما تقدمه في الشكل والمضمون؟ هل قام المسئولون عن الإعلام بدراسة ما يقدم وما يجب تقديمه للمواطن؟ أين نقابة الصحفيين؟ أين مجالس إدارات المؤسسات الصحفية المختلفة التي عليها دراسة وتحليل الموقف أولا بأول وخلق حلول لما تواجهه الصحافة؟

أين مراكز البحوث التي تراقب المجتمع ودراساتها العلمية عن تدهور الوضع الإعلامي؟! السؤال الأهم هل تطوير الصحافة أحد اهتمامات النقابة أو المؤسسات الصحفية والقائمين عليها؟

الإجابة للأسف بالنفى، لا أحد يهتم بصناعة الصحافة أو الصحفيين، الأمر غير مطروح على القائمين على كل هذه المؤسسات، لأنهم مشغولون بأشياء أخرى لا علاقة لها بالمهنة وأدواتها ومدى التخلف الذي تعيشه مهنة الصحافة والإعلام، أما عن الثقة فإن الثقة تقريبا أصبحت معدومة، والسبب ما يقدمه الإعلام -سواء الصحافة الورقية أو ما يبثه الإعلام المرئى- بكل قنواته بعيد كل البعد عن المواطن البسيط، بل إن هناك ما يقدم فيها ما يستفز المواطن من معلومات مغلوطة أو كاذبة ويعرف المواطن الحقيقة..

ليس هذا فحسب، بل الحديث الدائم على أن "كله تمام والأمور تسير في سيرها المخطط له والأمور فل وعشرة" وأن رفع أسعار -كمثال– المحروقات من أجل المواطن البسيط، ومن أجل وصول الدعم إلى مستحقيه، كله كلام يسخر منه المواطن لأنه ليس بهذه السذاجة حتى يصدق المواطن أن ارتفاع سعر المحروقات الذي يتسبب في رفع أسعار كافة السلع والخدمات من أجله، فإذا كان هذا الأمر لا يؤثر في جيوب الأغنياء فإنها يوجع الفقراء..

إذن المصداقية المفقودة في إعلامنا أبعدت القارئ والمشاهد عن الصحف والمجلات، حتى البرامج المبهجة التي تسمى "التوك شو" تراجعت نسبة المشاهدة حيالها كثيرا كثيرا.

الإعلام هو أهم وأخطر الأدوات التي تؤثر في الشارع، وتؤثر في تكوين الوجدان الإنساني للمواطن إيجابا وسلبا، هل ينتبه كل مسئول في موقعه بمدى خطورة أداء الإعلام في الشارع من سلبيات؟ هل يدرك القائمون على المواقع الإعلامية المختلفة بكل اشكالها أن عدم تصديق الناس للأخبار التي يتناولونها يعنى حكم إعدام وموت بطىء لمنابركم؟

من أجل مصر علينا أن نستيقظ من نومنا العميق وندرك الجريمة التي يقدمها الإعلام للمواطن الآن، من أجل مصر لا بد أن يستيقظ أصحاب القرار أن الرأى الواحد لا يقود إلا التهلكة والتخلف والجهل، من أجل مصر، ومن أجل دماء الشهداء الذين دافعوا من أجل أن نعيش نحن، اقل شىء يقدم لهؤلاء الشهداء وطن افضل في كل شىء!
وتحيا مصر دائما بعرق المواطن البسيط.
وتحيا مصر بدم شهدائها الأبرار.. تحيا مصر.
الجريدة الرسمية