رئيس التحرير
عصام كامل

شهادة من داخل معاقل الإرهاب في سوريا


لا أدري لماذا تعزف كل دول العالم عن تحمل مسئوليتها، وتسلم مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم "داعش"، وتم القبض عليهم في سوريا والعراق، على الرغم من أن كلًّا منهم يعد بمثابة "كنز معلومات"، قد يمكن من الكشف عن ملايين الإرهابيين الذين يعيشون آمنين داخل دول العالم، ويقومون بدعم التنظيم؟!.


فقد أسعدني الحظ، خلال زيارتي الأخيرة إلى داخل مناطق الصراع في العمق السوري، بلقاء "كنعان بركات"، وزير الداخلية، في إدارة الحكم الذاتي في منطقة شمال سوريا، والذي يقبع تحت قبضته آلاف الدواعش من الرجال والنساء داخل السجون والمخيمات في منطقة الشمال السوري، وسألته بشكل صريح، عن مصير هؤلاء الدواعش؟

وجاءت إجابة الرجل تملؤها الحسرة، من الموقف الدولي من هؤلاء المعتقلين، وتخلي كل دول العالم عن مسئولياتها في استقبال مواطنيها، خوفًا من معتقداتهم واتجاهاتهم المتطرفة، وهو ما جعل المسئولين، سواء في النظام السوري وسوريا الديمقراطية، في حيرة من مصير هؤلاء المتطرفين.

الغريب، ورغم الموقف الدولي المتعنت من "معتقلي داعش"، فإن تعاطي الإعلام الغربي مع قضية "نساء وأطفال" داعش في مخيمات الشمال السوري يأتي "مغلوطا" على طول الخط، ونابع من "تعاطف إنساني" لا علاقة له بواقع وحقيقة هؤلاء المتطرفات، وما ارتكبنه من جرائم، وما يحملنه من معتقدات كارثية، تختلف تماما عما يروج عن أنهن "ضحايا وزوجات وسبايا"، استخدمهن التنظيم في الجنس والمتعة فقط.

في حين أن الحقيقة تؤكد أن هؤلاء "الداعشيات"، خاصة القادمات من أوروبا وأمريكا، لعبن دورًا جوهريًّا في استقطاب وتجنيد الآلاف المتطرفين إلى صفوف التنظيم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، باللعب على وتر العواطف والمظالم وتعسف وفساد الأنظمة، وبالفعل نجحن في اقناع آلاف الشباب من مختلف دول العالم بأن عقيدة التطرف والإرهاب هي الحل، وجعلنهم يقبلون على التنظيم وهم على قناعة كاملة بأفكاره.

أؤكد أنني، كصحفي محايد، أُتيحت لي فرصة الاحتكاك المباشر بداعشيات داخل مخيم "عين عيسى"، التابع لمحافظة الرقة، أنه قد غاب عن الإعلام العالمي العديد من الحقائق في كل ما تناوله عن "نساء داعش".

أهمها، أن كل الداعشيات "مشاركات" في كل الجرائم التي ارتكبها التنظيم، وأنهن جميعًا شربن فكر التطرف والإرهاب بشكل أصبح لا أمل معه في عودة أي منهن للتأقلم مع المجتمع، بل وأصبحن يتمتعن بشراسة غريبة، تجعلهن يتهجمن على الموظفات والعاملات السوريات في المخيمات، ويتهمنهن بـ "الكفر"؛ لدرجة أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى تدخل أمن المخيمات وإطلاق النار في الهواء لإنقاذ العاملات من بين أيديهن.

كما أنه لا توجد داعشية منهن إلا وتزوجت من 3 و4 رجال من جنسيات مختلفة؛ لدرجة أنه من بينهن من أنجبت من كل رجل طفلًا، وعلى استعداد للعودة والانضمام للتنظيم والزواج بخامس، إذا أتيحت لها الفرصة.

ويكفي هنا أن أقص عليكم حكاية "الداعشيات المصريات"، داخل مخيم "عين عيسى"، الذي يضم نحو 600 داعشية من كل جنسيات العالم مع المئات من أطفالهن، كان بينهن "8 داعشيات مصريات"، أخطرهن "أميرة داعشية" أصابت كل من بالمخيم بالرعب منذ اللحظة الأولى لدخولها، وأسرعن جميعًا، في ذعر، لتغطية وجوههن والاختباء داخل الخيام.

وفي مساء ذات اليوم، فوجئ الجميع أنها قد صنعت "كرباجًا" وأخذت تجلد به النساء عقابًا على كشف وجوههن، وفي فجر ذات الليلة، استيقظت المعسكرات المجاورة، وقوات الأمن على صيحات الداعشيات، وهن يهتفن: "القصاص.. القصاص.. الله أكبر.. الله أكبر"، حيث اتضح أن "الأميرة المصرية" بدأت في تنفيذ حكم الإعدام "ذبحًا" في داعشية جزائرية، أقدمت على معارضتها، إلا أن أمن المخيم نجح في إنقاذ الجزائرية من الموت في اللحظات الأخيرة، مما اضطر سلطات المخيم إلى ترحيل "الأميرة المصرية"، ومعها 3 داعشيات مصريات، و4 داعشيات جزائريات، إلى المعتقل، نظرًا لخطورتهن.

للأسف، هذا هو حال "نساء داعش"، فما بالكم بالرجال، في الوقت الذي يرفضهم العالم فيه، تحت دعوى معتقداتهم وتطرفهم، في حين أنهم، طبقا للمفهوم الأمني، يمثلون "كنز المعلومات" الذي سيؤدي، حتمًا، للكشف آلاف المتطرفين الذين مازالوا يعيشون بيننا، ويدعمون التنظيم بالمال والرجال، بعيدًا عن أعين السلطات.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية