صلاح جاهين يكتب: في قلب الصحراء

في مجلة "صباح الخير"، عام 1966 كتب الشاعر الفنان صلاح جاهين، مقالا ينادى فيه بالاعتماد على أنفسنا في مرحلة البناء وعدم الاستعانة بالخارج مهما كان.. قال فيه:
"صديقى المخرج توفيق صالح حُرم هذا العام من البحر المالح، فقد ظل طول فصل الصيف.. والوقت فوق رقبته كالسيف، فهو مشغول بفيلم "المتمردون"، الذي كل صعب في طريقه يهون.

وقد بنى لتصويره في قلب الصحراء مصحة لمرضى السل عند الفقراء يهب نحوها مسرعا كل صباح.. ولا يكل ولا يمل ولا يرتاح.
وقد ظل مع زملائه من الفنانين في جحيم هذا الشغل متفانين.. حتى ما كادوا أن يتنفسوا الصعداء.. ويعدوا أنفسهم من السعداء لأنهم أخيرا سيجلسون ويركنون رأسهم وينعسون.

وإذا بخبر ينقض فوقهم كالصاعقة.. وكارثة تنفجر بينهم زاعقة، وإذا بالممثلين يستدعون مرة أخرى للتصوير.. ومن غاب منهم دار عليهم التدوير.

وقام توفيق مرة أخرى على حيله والعرق يقطر من رأسه وذيله، وخورشيد المصور العبقرى المسكين، وضع في فمه حبة أسبرين، وكل ذلك لأن ربع الشغل الذي صوره جه بتوع معمل التحميض وخسروه، وقد بلغنى أن هذا القضا قد أصاب المخرج على رضا في فيلمه المسمى "غرام في الكرنك"، فغضب وانقمص وكرتك كما حدث لكثير من الأفلام أشياء كهذه تصعب على الأفهام.

المهم أنهم الآن في بيروت يقولون إن بيوتنا جنب البيوت، وحرام نروح نحمض برة، وجنبنا الشقيقة العربية الكبرى، وعندنا معمل ولا في الحلم ومستعدين نجيب له 100 فيلم على شرط يعطينا نتيجة تسر.. وإلا فكل واحد في أفلامه حر، معمل كبير كلف الدولة غالى.. نرجو إصلاحه في وزارة السد العالى".