رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شيوخ الأزهر العظام.. قادة الثورات (2)


تاريخ الأزهر الشريف، لم يقتصر على تدريس الدين الحنيف، وتنقية التراث، وتخريج أئمة العالم الإسلامي، بل تذخر صفحات هذا التاريخ العظيم بالعديد من المحطات التي صار فيها طلاب الجامع ومشايخه رموزًا ومنارات وقادة للثورات والحركات التحررية، ورفض الضيم، وإزالة المظالم، وتصدُّر جموع الشعب للخروج على تجاوزات الحكام، ونير المستعمرين.


ففى عام 1939 وقبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، ارتقى الشيخ "المراغى" منبر الجامع الأزهر، ليعلن: «نحن مقبلون على حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل»، وانتفضت بريطانيا العظمى، واتصل المندوب السامى "لامسبون" بـ"حسين باشا سري" رئيس الوزراء، يعنفه بسبب تصرف الشيخ "المراغي". 

واتصل "سري" باشا بالشيخ فانفجر فيه قائلا: «أمثلك يا "سري" يهدد شيخ الأزهر؟!.. والله يا "حسين" لو ارتقى "المراغى" منبر الحسين لجعلك بعد ساعة بين أقدام الناس».

هناك أيضا موقف الشيخ "الدردير" - رحمة الله عليه- قبيل مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر، حيث أجبر المماليك حكام مصر على احترام مقدرات الشعب.. «فقد ثارث مسألة في خلاف على وقف.. ولم يكن للمسألة في ذاتها خطر خاص بل كان القصد منها نضالا على مبدأ شرعى. 

وهو أن رجلا من أفراد الشعب، وأحد كبار الأمراء اختصما ولوح الأمير باستخدام القوة.. لكن الشيخ "الدردير" انتصر للشرع، وحكم للرجل الضعيف.. فأبى الأمير الإذعان للحق، فلم يتردد شيخ الأزهر، في الثورة على الأمير، ونزل العلماء إلى شوارع القاهرة، وأغلق الناس حوانيتهم، وأوشك الأمر أن يؤدي إلى فوضى شاملة فجزع عقلاء الأمراء.. واجتمعوا، وتشاورا، ولاموا الأمير.. فأذعن لرأى شيخ الأزهر.. واضطروه إلى أن يكتب صلحا رسميا تعهد فيه الجميع على القضاء بالشرع.

الأزهر كان قبلة لطلاب العلم من كل أنحاء العالم الإسلامي، يقوم بالإنفاق عليهم من الأوقاف، فقام الأمير "يوسف الكبير" بمنع الأوقاف الخيرية عن طلبة العلم من المغاربة، فرفع الطلاب شكواهم إلى القاضي -الأزهر- فحكم لهم ضد الأمير "الكبير"، لكنه لم يذعن للحكم، فكتب الشيخ "الدردير" إلى الأمير "يوسف" يطالبه بالخضوع لقرار القاضي، فرفض وأظهر الاحتقار عن حمل رسالة شيخ الأزهر. 

ووصل الأمر للشيخ الذي اجتمع مع طلابه في صحن الأزهر، فأوقفوا الدرس والأذان، وأغلقوا أبواب الجامع الأزهر، وحبس المشايخ الكبار بالقبلة القديمة -التي بناها المعز الفاطمي- وصعد صغار الشيوخ على المنارات والمآذن يكثرون من الهتاف والدعاء على الأمراء، وكانت وقفة عصيبة رجع فيها الحق إلى أصحابه، على أيدي علماء الدين وعلى رأسهم شيخ الأزهر الشيخ "دردير".

وكان شيخ الأزهر "عبد المجيد سليم" جريئًا في قول الحق.. لم يرضَ عن تصرفات الملك "فاروق"، وانتقد كثرة سفره إلى كابري ونابولي وقبرص، ويصرف الكثير في حين كان يضن على الأزهر فقال قولته الشهيرة: "تقتير هنا وإسراف هناك"، والشيخ "أبو زهرة" الذي اختلف مع الرئيس "جمال عبد الناصر"، وخالفه في الميثاق الوطني، الذي أعلنه في 21 مايو 1962.

وللشيخ "عبد الحليم محمود" مواقفه، فحين عاد من فرنسا فوجئ بأن الرئيس "جمال عبد الناصر" يطالب الأزهريين بارتداء البذلة، بدلا من الزي الأزهري، الذي، على حد وصف "عبد الناصر"، لا يلائم العصر، فإذا بالشيخ يطالب الأزهريين بالحرص على ارتداء الزي الأزهري التقليدي..

وحينما حاول "السادات" تقليص دور شيخ الأزهر تقدم "عبد الحليم محمود" باستقالته، وانتفض العالم.. فما كان من "السادات" إلا تراجع عن القرار. والشيخ "جاد الحق على جاد الحق" الذي رفض قرار الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.. وأكد أن القدس إسلامية.
Advertisements
الجريدة الرسمية