رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر "المأنتخة".. سابع أعلى اقتصاد في العالم ؟!


من قبل شهر رمضان المعظم والمصريون في حالة نفسية ملتبسة بالحالة الروحية التليفزيونية، سيطرت على تفكيرهم وحددت قرارهم بأنهم على موعد قريب مع نعمة الأنتخة. صوم وصلاة وعبادة أي نعم، لكن الأجمل أن هذا كله لا يرتبط بالعمل ولا الصحيان مبكرا، ولا المناهدة في المصالح الحكومية، فالموظف مسحوب غفلان كسلان، وصاحب المصلحة لدى الموظف راقد بعد في فراشه ينتظر انطلاق مدفع الإفطار، والوقت، بعد، قبيل الظهيرة!


وانتهى الشهر الكريم، وتهيأ المصريون لمزيد من الأنتخة والمزيد من الفجعة الطعامية، ولثلاثة أيام واصلوا ملء البطون كأنما لم تمتلئ طيلة ثلاثين يوما كاملة، ونزفوا أموالا كثيرة في صورة عيديات تبدأ من العشرين فالخمسين فالمائة فأعلى حسب القدرة، وما تبقى من التل الذي اختل بفعل السحب اليومي.

وانتهى العيد، لكن الناس لما يزالون بالسواحل والبيوت، ومددوا العيد أياما إضافية، ولم يذهب أحد إلى العمل، والذين ذهبوا سطحوا رؤوسهم على مكاتبهم، وإذا قاموا كانوا كسالى، والحجة جاهزة: لسة مش عارف أظبط نفسي ع التردد القديم !

التردد الجديد، والله، هو ذاته التردد الحالي، لم يزد عليه سوى المزيد من الهروب عن المسئوليات والنكوص الاجتماعي. والشوارع خالية نظيفة ورايقة والقيادة سلسة إلا من هجمات القتلة البلطجية بترخيص من الحكومة، أمراء الشوارع سائقي التكاتك العظام.

أين ذهب الشعب؟

الشعب لم يذهب، الشعب أصلا ذاهب من زمان، اعتاد الشكوى، واعتاد الأنتخة، واعتاد انتظار المنح والهبات. من يرَ طوابير سحب المواد الغذائية من المحال عاليها وواطيها، يتساءل بذهول: من أين لهم هذا !؟

أندعي الفقر؟ كلا وحاشا وألف حاشا. نحن فينا فقراء معدمون، وفينا من يلبس طاقية هذا لذاك، ومنا من يقترض ليواصل، ومنا من يمنعه حياؤه من مد اليد وكسر العين، لكننا جميعا مجتمعون على حق الراحة، وحق التأفف، وحق طلب المزيد، دون أن نتحرك ونعمل ونأتي بالمال لبيوتنا وأولادنا.

في عز الحريق الدولي والإقليمي من حولنا. حرق سفن في الخليج وبوارج في الخليج وتهديدات أمريكية بالحرب، وترامب حنجوري وروحاني حنجوري، يعيش المصريون في كوكب الأنتخة.. اذهبي يا دولة أنتِ وربك فقاتلا.. إنا هاهنا قاعدون!

يفيق المأنتخون مالئو الأدمغة بالترامادول الداخلي حين يقع عدوان إرهابي على كمين ويسقط لنا الشهداء. عندئذ يلطمون الخدود ويشقون الجيوب ويمطرون صفحات فيس بوك باللعنات، وبعدها بقليل تسقط رؤوسهم على صدورهم مواصلين الغيبوبة اللذيذة.

ناس في غفلة وأولادهم يكابدون الحر والموت المرجح. ناس لا تعمل، وتحلل الحرام وتقبل الرشاوى وتطعم أولادها الحميم من شجرة الزقوم!

أفيقوا واعملوا. انتهى رمضان وانتهى العيد، وانتهت الإجازات الطويلة قررتموها لأنفسكم بأنفسكم كأنكم حكومة موازية. عودوا إلى العمل بما يرضي الله.

مؤسسات دولية خرجت علينا بتقارير اقتصادية مذهلة عن حالنا الاقتصادي بعد عشر سنوات. مصر أهم سابع اقتصاد في العالم متفوقة على روسيا وألمانيا واليابان وتركيا !

ليس هذا خبرا مختلقا، بل تقرير لبنك "ستاندرد تشارترد" العالمي أورده زميلنا الإعلامي الكبير "عباس متولي" من واشنطن، جاء فيه مايلي: (إجمالي الناتج المحلى لمصر سوف يبلغ 8.2 ترليون دولار).

مع احترامي وتمنياتي المشتعلة بأن يكون هذا صحيحا.. فإنى أفرك عيني غير مصدق، ولن أصدق.

سابع أعلى اقتصاد في العالم، كيف والشعب نائم وشبابه هجر الحرف إلى بلطجة التكاتك؟! وبحكم العادة، نواصل الأنتخة حتى عيد اللحمة القادم.. أيضا هو أكل ونوم!
Advertisements
الجريدة الرسمية