رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إعلام الحرب فريضة وطنية!


نحن من الجيل الذي تكررت على أسماعه ليلا ونهارا لأكثر من ست سنوات كلمة المعاناة! هل تذكرونها؟ كان السادات يدعونا للصبر، ويمتدحنا لأننا جيل المعاناة. وقبل السادات كان ناصر يدعونا لتحمل إزالة آثار العدوان. والعدوان كان الخامس من يونيو في العام ٦٧من القرن الماضي. كانت هزيمة مزرية لم يحارب فيها الجيش المصري، بسبب رعونة وحماقة وغيبوبة القرار السياسي وقتها.


بعد الهزيمة، دللها "هيكل" وسماها نكسة، لاحظ عبد الناصر أن الإذاعة وقتها، كانت غولا، والتليفزيون يحبو، تذيع المارشات العسكرية والأغاني الوطنية، وتساءل في إحدى خطبه عما إذا كان الإعلام البريطاني بعد هزيمة الإنجليز القاصمة في معركة دنكرك، ارتدى الحداد، وسود حياة الناس ليلا ونهارا، وقال الخبراء لناصر إن الإنجليز واصلوا حياتهم، دون مارشات عسكرية.

بالطبع، يعد الزعيمين ناصر والسادات محظوظين حقا، لأنهما كانا السيدين المسيطرين بلا منازع على ما يجب أن يدخل بيوت وعقول وقلوب المصريين. العشر سنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق مبارك، وسنوات السيسي الحالية، لا يمكن القول إن الدولة، بل أي الدولة في العالم، تسيطر على المحتوى المرسل عبر الميديا والشبكات والإيميلات والفضائيات. مواطنون يحملون الجنسية لكن أهواءهم شتى.

الوقت الوحيد الذي تتجمع فيه المشاعر العامة وقت انتصار أو وقت انكسار.

والوقت الحالي هو مزيج منهما، وإن غلب الانتصار على الانكسار، بفضل الوعي والهوية والخوف مما كان ومما كان سيكون!
هل من المناسب الآن الدعوة إلى إعلام حرب؟

بالفعل نحن في حرب مستمرة منذ ٢٠١١. حطم فيها الإعلام العميل والعشوائي والمتباهي أركان الدولة وسوق تسويقا كاملا لمبايعة عصابات الإخوان والعملاء بدعوى الحرية. اليوم، يدرك الناس الذين يموت لهم ضباط وجنود، جيشا وشرطة، أن البلد في حرب، بدليل جثامين أبنائهم الطاهرة ملفوفة في أطهر الأعلام، علم مصر الحزينة الباكية، لكن هل مصر كلها حزينة باكية؟

الحقيقة المخجلة لا... ولا يغضبن مني أحد. اللطم والصراخ والبكاء والدموع والسواد كانوا متجمعين في بيوت ثمانية شهداء بعد صلاة الفجر في أول أيام العيد، والتليفزيون يغني: أهلا أهلا بالعيد مرحب مرحب بالعيد.. هههههههييييييييه، سعدنا بيها.. ومهنيها..
و"صفاء" تركض وترقص وتغني والأطفال يهرولون فرحين.. بينما أطفال الثكالى واليتامى والأرامل والأمهات يذرفون الدمع
ويتساءلون:

- بابا ح ييجي إمته؟ هو بابا مش حيعطيني العيدية زي أصحابي؟

دموع الأمهات والزوجات هي الجواب الصامت المقهور. هذا بحق ربنا، عار علينا وعيب علينا وغيبوبة أو جهل أو تواطؤ!

تواطؤ؟
نعم! مستغرب؟ ألا تعلم أن المبنى يشغي إخوانا كالنمل والدبان والناموس؟ وأن المدينة باستوديوهاتها تتكاثر فيها الخلايا؟ بل إن الوزارات فيها أفاعى، ووزارة التعليم ووزارة البترول بالذات، وشركات حساسة، غاز آساسا، محابسها بيد مشغلي شبكات منهم إخوان؟
عار أن يبكي منا جزء ويرقص منا الكل! عار أن نلطم الوجوه بكف ونضع الأحمر شفاه بالكف الآخر. عيب أن ندفن ابنا ونقيم فرحا على مقبرته لشقيقه!

لا تشخيص يلخص ما نحن فيه إلا أنه فصام عام! نحن الشيء ونقيضه. احزنوا كما يجب، واجعلوا إعلامكم صورة لمشاعر الحزن العام. فإن إعلام الحرب فريضة وطنية على كل مصري مسؤول!
Advertisements
الجريدة الرسمية