رئيس التحرير
عصام كامل

ثلاث قمم وعدو حاضر وعدو غائب!


كانت قمة من ثلاث قمم، حضرها الأعداء وحلفاء الأعداء. قمة مكة للتعاون الخليجي وهي طارئة. قمة عربية طارئة. ثم قمة منظمة التعاون الإسلامي. في القمة العربية الطارئة كان العدو إيران. ولم يحضر لكن حضر حلفاء له، قطر والعراق. بالطبع غابت سوريا العربية!


في قمة التعاون الخليجي حضرت قطر حليفة إيران وتركيا وأمريكا معا، وعدوة مصر ومنشقة على شقيقاتها الخليجيات! في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي حضر العدو إيران، وحضرت صديقته تركيا وحضرت مصر، وبيننا وأنقرة ما صنع الحداد.

القمم الثلاث التي انعقدت في غضون ساعات ممتدة ما بين نهار وليل، ركزت على العدو الحاضر، إيران، وبعثت برسائل إلى العدو الغائب، إسرائيل. بصفة خاصة لم تعد إسرائيل في منظور العرب العدو الداهم. بل ساقتهم إيران جميعا إلى التخندق معه لمواجهة الأطماع الإيرانية، بينما تفرغت إسرائيل لالتهام الحقوق الفلسطينية.

ما نتج عن القمم الثلاث هو عادة ما ينتج عن القمم العربية، ما سلف وما سيأتى ما لم تقع مصيبة كارثية كمصيبة غزو العراق للكويت، يومها بادرت مصر إلى الدعوة لعقد قمة عربية عاجلة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك المنصوص عليها حقبا ودهورا في ميثاق الجامعة العربية لمواجهة أول احتلال عسكري عربي لدولة عربية مستقلة.

كان موقف العراق بائسا يدعو للأسى في قمة مكة. فهو مخترق ايرانيا، ومهدد ايرانيا والحشد الشعبي فيه هو نواة صلبة لحزب الله جديد هناك، والعراق من ناحية أخرى محتل الإرادة أمريكيا، ولاتزال للأمريكان قوات وقواعد وكلمة نافذة. ضرب إيران سيكون من العراق وضرب العراق مع إسرائيل سيكون من إيران!

هل ستتفرج سوريا على إيران تحت الضرب وهي من ساندت وضحت من أجل استعادة الأراضي السورية ؟ ليس بوسع سوريا الجريحة الممزقة رد الصنيع..

قمم ثلاث متداخلة متنافرة غاب عنها العدو التقليدي وحضر عدو يحمل الإسلام دينا. في كل الأحوال، لم تقع قمة والعرب في وضع مزر كالوضع الحالى. الاستقطاب بالغ الحدة. لكي تستعيد قطر لابد أن ترفع حصار السعودية والإمارات والبحرين ومصر عنها. لكن قطر تحميها طهران وانقرة، ولن تجرد نفسها من حماية مؤكدة، لكن إذا ضربت أمريكا طهران، فلن تتردد قطر في الطاعة والمشاركة في ضرب حليفتها.

قاعدة ضرب إيران موجودة في قطر، العيديد، وهي أكبر قاعدة عسكرية لأمريكا في المنطقة.

بالطبع كانت الخطب والكلمات قوية وكاشفة ولكنها في النهاية لم تكن سوى دعوات خلت من قرار بإجراء واحد محسوس. كلها دعم للموقف الخليجي، وهذا مطلوب، وشجب للمو قف الإيراني وهذا غير مؤثر.

ربما. ربما، كانت الجدوى الساطعة للقمم الثلاث أنها أحرقت أوراق صفقة القرن الأمريكية قبل طرحها، في الشق الاقتصادي منها يومى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من يونيو الجارى.

أتاحت القمم الثلاث، خليجية وعربية وإسلامية فرصة الرد الجماعي الواحد الرافض لأي حل سياسي للقضية الفلسطينية بالفلوس، على حساب الحقوق والقرارات الدولية. السلام الاقتصادي المزمع اغواء الفلسطينيين به تمهيدا لكسر عينهم سياسيا تم رفضه، حتى مع قبول الدول الموقعة على بيان القمم في مكة حضور مؤتمر البحرين تحت عنوان ورشة "الرخاء من أجل السلام أو السلام من أجل الرخاء"!

وأحسب أن السعودية والإمارات تعلمان أن العرب والخليجيين والمسلمين، ومصر من باب أولى، لن تترك الشقيقتين عرضة للابتزاز الإيراني، لكنهما للأسف واقعتان عرضة للابتزاز الأمريكي.

الرد بالرفض على ترامب وصفقته وصفاقته... كان المكسب الأكبر في انعقاد القمم، حضرها عدو شاهد وغاب عدو شاحب!
قمة ثلاثية الرءوس لترد ليس فقط على إيران بل أيضا على ترامب ومشروعه لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
الجريدة الرسمية