رئيس التحرير
عصام كامل

بلومبرج: مصر الأفضل في الاستثمار بأدوات الدين في العالم بعد تثبيت أسعار الفائدة



يأتي المستثمرون الأجانب إلى مصر لما وصفته "رينيسانس كابيتال" بأنه "أفضل إصلاح اقتصادي" على مستوى الأسواق الناشئة، ولا تزال مصر تقدم أكبر عائدات في العالم على الاستثمار في أدوات الدين هذا العام.


وأدى قيام مصر بخفض أسعار الفائدة لمرة واحدة فقط في أكثر من عام، إلى جانب تحرك البنوك المركزية العالمية نحو خفض أسعار الفائدة، إلى دعم ارتفاع الجنيه المصري والذي يحتل المرتبة الثانية بعد الروبل الروسي بين جميع العملات التي تقوم بلومبرج بتتبع مسارها في عام 2019. ومع زيادة قوة العملة واستمرار جاذبية العائدات، ارتفعت حيازة الأجانب لأدوات الدين المحلي بنسبة 40% تقريبًا هذا العام وحتى شهر أبريل.

خلال الأشهر المقبلة، من المرجح ألا تتأثر مكانة مصر كدولة جاذبة للاستثمار في أدوات الدين سوى بقدر قليل للغاية، حيث يقترض المستثمرون بالعملات التي لديها معدلات فائدة منخفضة، ويقومون بالاستثمار في الأصول المحلية للبلدان التي ترتفع بها.

وتوقع جميع المحللين الاقتصاديين الـ11 الذين شملهم استطلاع بلومبرج، باستثناء واحد منهم، أن تبقي لجنة السياسة النقدية على سعر الفائدة الرئيسي عند 15.75% وذلك للمرة الثانية، في اجتماع يوم الخميس، وقد يستمر تثبيت أسعار الفائدة خلال فصل الصيف، وفقًا لبنك الاستثمار(المجموعة المالية هيرميس).

ويقول محمد أبو باشا، رئيس قسم تحليل الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرميس: "ستبقى مصر جاذبة للمستثمرين مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى لأن سعر الفائدة يجب أن يظل مرتفعًا نسبيًا، إلى جانب أن عملتها المحلية تتمتع بوضع جيد، ومستوى المخاطر لديها منخفض مقارنة بالدول الناشئة المناظرة الأخرى".

وقدم برنامج الإصلاح الاقتصادي دفعة قوية، أدت إلى زيادة اهتمام المستثمرين للدخول في سوق أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان بعد أن تم إلغاء القيود على العملة في عام 2016 وتحرير سعر صرف الجنيه، بهدف تخفيف العجز في الدولار، إلى جانب الاتفاق على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار. بعد أن نجا البنك المركزي المصري من تدفقات خروج الاستثمارات في العام الماضي والتي بلغت نحو 10 مليارات دولار، وذلك أثناء الموجة البيعية التي شهدتها الأسواق الناشئة، كان البنك المركزي على درجة كافية من الثقة مكنته من إلغاء آلية ضمان تحويل أموال المستثمرين.

وعلى الرغم من التوقعات بأن التحول نحو السوق المفتوحة كان من الممكن أن يؤدي إلى تقلبات أكبر في سعر الجنيه، إلا أن معدل التغير الشهري انخفض إلى النصف، وذلك منذ شهر يناير. يتم حاليا تداول الجنيه عند أقوى مستوياته على مدى أكثر من عامين بعد أن ارتفعت ما يزيد عن 6% مقابل الدولار في عام 2019.

وقالت الخبيرة الاقتصادية المستقلة ريهام الدسوقي: "إن ارتفاع الجنيه المصري يعكس أخيرًا قوى السوق، والتي تعمل على طمأنة المستثمرين، بدلا عن الجمود السابق الناتج عن آلية ضمان تحويل أموال المستثمرين للخارج ".

وفي الوقت نفسه، فإن الأذون المصرية تقدم واحدا من أكبر العائدات بين الدول النامية، حيث يبلغ العائد على الأذون ذات أجل سنة واحدة نحو 17%، أو أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط العائد على الديون بالعملة المحلية في الأسواق الناشئة.

ومما يبعث على التفاؤل، قرار من الجانب المصري ببدء الاتصال مع جي بي مورجان JPMorgan Chase & Co.، بهدف بحث إدراج مصر في مؤشر سندات الأسواق الناشئة. بالإضافة إلى ذلك، وقعت وزارة المالية المصرية اتفاقية مع Euroclear والتي قد تساعد في جذب الطلب الأجنبي على الاستثمار في أدوات الدين بالعملة المحلية.

وتظل أسعار الفائدة مرتفعة، حيث يتطلع البنك المركزي إلى خفض التضخم إلى معدلات أحادية في العام المقبل، وكان قد تحدى التوقعات في مارس الماضي عندما خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، بعد أن قام بخفضها بشكل مفاجئ في الشهر الذي يسبقه.

وعلى الرغم من تباطؤ التضخم خلال شهري مارس وأبريل، إلا أن صانعي السياسة النقدية في حالة حذر، وذلك قبيل جولة جديدة من خفض الدعم على مصادر الطاقة في يونيو المقبل، إلى جانب زيادة الأجور التي ستحدث في الشهر الذي يليه.

ومع ذلك، من المحتمل أن تؤدي دورة تيسير السياسة النقدية في نهاية الأمر إلى الحد من ارتفاع الجنيه، حيث إن قوة العملة المحلية قد تعد مصدر قلق للحكومة، لأنها تضر بالصادرات والسياحة.

ووفقًا لمعدلات الفائدة الحالية، تقول مجموعة جولدمان ساكس: إن توقعاتها للتضخم تشير إلى "أن معدلات الفائدة الحقيقية مرتفعة تاريخيًا"، وهو ما يشير إلى أنه يمكن تيسير السياسة النقدية بواقع ما يصل إلى 300 نقطة أساس على مدار بقية العام.

نظرا للانخفاض المحتمل في الجنيه في وقت لاحق من هذا العام، في حالة انخفاض أسعار الفائدة، "قد يتبنى بعض المستثمرين أسلوب الانتظار والترقب"، وفقًا للمحللة ريهام الدسوقي.

لكن تحقيق العائدات على الأصول والأذون المصرية، قد يجعل المشترين الأجانب يعودون من أجل المزيد.

وقال محمد أبو باشا من المجموعة المالية هيرميس: "سنرى تدفقات مستمرة لكن بوتيرة أبطأ خلال العام، مع ترقب المستثمرين لآفاق دورة تيسير السياسة النقدية".

الجريدة الرسمية