رئيس التحرير
عصام كامل

بين الفتة والفتاوى!


ما السبب في هذا الكم من الفتاوى المثيرة والتي تسئ للإسلام والمسلمين؟ السبب المباشر هو عدم قدرة الناس على التفكير.. مجرد التفكير في دين مدح "أولى الألباب" وأمر بـ "التفكر" و"التدبر" و"التأمل" و"الاجتهاد" أي بذل الجهد في فهم الأمور! ومع ذلك لا نفعل ولا نلتزم بهذه الاوامر على الإطلاق!


ونكرر: ما سبب هذه الفتاوى التي تسيء للإسلام والمسلمين؟ السبب أننا لا نلتزم بالقواعد العامة الرحيمة التي منحها الإسلام لنا.. وهي قواعد هادية يمكنها أن تدلنا على الصواب دون أن نسأل.. فمثلا الإسلام وبلا أي شك يمنع الظلم وأكل مال اليتيم ويصف أي مال حرام بأنه "سحت" والنار أولى به.. والإسلام مثلا يدعو إلى إعادة الأمانات إلى أهلها، وبالتالي فلا أي معنى لأي أسئلة عن مدى مشروعية الاستيلاء على أموال الغير أو منع المواريث عن مستحقيها.. وهكذا!

ونكرر ثالثا: ما سبب هذا الكم من الفتاوى التي تسيء للإسلام والمسلمين؟! الإجابة أيضا: الانشغال بتوافه الأمور وعدم التأسيس الثقافي بشكل جيد وانتشار الاستسهال.. فالسؤال على الهواء لشيوخ الفتوى أسهل كثيرا من الذهاب للكتب والبحث عن إجابة.. أن لم تكن حرفية وبالنص في نفس الموضوع فباستخدام القياس.. والقياس هو اللجوء إلى واقعة منصوص عليها في واقعة غير منصوص عليها.. لكن بات الاستسهال في كل شيء سمة عامة!

ورغم هذه القسوة النسبية على من يستسهلون إلا أن جزءا من الأزمة يرجع إلى بعض شيوخنا وقد فقدوا ذكاء وحكمة الشيوخ في التعامل مع بعض الأسئلة، بل إن بعضهم يجد في هذا النوع من الفتاوى ما يؤدي إلى شهرته، ويدرك أن وسائل الإعلام مواقع التواصل سيتداولون الفتوى، رغم أن الأمانة تقتضي أن يبرز هؤلاء دينهم بشكله الحقيقي المستنير الواقعي المتحضر، المهتم بقضايا الناس ومشاغلهم ومشاكلهم!

لا نريد أن نضرب أمثلة بالفتاوى التي نقصدها، فبعض الأمور مقرفة أصلا.. وأن قال البعض إنه لا حرج في الدين فالأمر لا علاقة له بالدين، كما أن الأمور الفردية التي لا تشكل قلقا عند الكثيرين أو عند جماعة منهم، الأفضل أن يتوجه صاحبها بنفسه بالسؤال لمن يريد من الشيوخ وليس على الهواء مباشرة وأمام الملايين!

كثيرون فقدوا اللياقة وفقدوا قدرة الفرز بين المقبول وغير المقبول، وفقدوا الوعي بجلال الفتوى ومكانة الشهر الكريم! كثيرون خلطوا بين الفتة والفتوى عافانا الله واياكم!
الجريدة الرسمية