رئيس التحرير
عصام كامل

المغالاة في فواتير المطاعم اقتصاديا


انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي موضوع المغالاة في فواتير المطاعم والكافيهات، والتي وصلت إلى ألف جنيه في سحور رمضاني محدود، وكانت الدهشة من قيمة تلك الفاتورة تسيطر على الجميع، وأنه لابد من مراعاة الشهر الكريم من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن على الدولة أن تتدخل للرقابة على هذه المطاعم والكافيهات وتخفيض أسعارها بعيدا عن هذا الخيال.


ومن وجهة نظر اقتصادية فإن قوانين العرض والطلب تفرض سعرا للمنتج أو الخدمة في المشروع الاقتصادي، حيث يتقدم صاحب المال ويتوقع من مشروعه هذا أن يجني أرباحا، وذلك بعد سداد التكاليف مثل مقابل الإيجار أو امتلاك المكان، وقيمة ماكينات وأدوات الإنتاج، ومرتبات العمال والموظفين، وكل تلك التكلفة توقع بعدها أن يحقق ربحا منه وتم تقديره في دراسة الجدوى.

بعد إتمام المشروع عليه أن يعيد رأس المال مرة أخرى سريعا إلى مكانه، ويحقق منه أرباحا كعائد من هذه المخاطرة ومن هذا العمل، وإلا لن يقدم عملا من الأساس، وإذا كان هناك طلب متزايد على هذا المكان فإن الأسعار تزداد لأن عامل الندرة يتدخل في هذا الأمر، وأنه كلما زاد الطلب على المنتجات والخدمات التي يقدمها المكان زادت معه الأسعار طالما العرض لا يفي بكم الطلب عليه.

إذا المشكلة ليست في تقدير الأسعار من منتج الخدمة إنما في زيادة الطلب عليه، وقد يكون ذلك أنه في مكان يتسم بزيادة الدخول أو أن هذا المكان يتسم بزيادة تكلفة الإيجار وأجور العمال، لأنه يقدم جودة معينة أو بشكل مختلف أو أن هذا المكان ترفيهي معد بطريقة تخاطب فئة وطبقة معينة من المجتمع تم تخصيص موارد معينة لإشباع رغباتها.

ولو كان هذا السعر مبالغا فيه، فإن الطلب كان من المفترض أن يقل أو يتوقف عليه، وبالتالي سيقوم المكان بتخفيض الأسعار أو سيغلق أبوابه أمام العملاء لأنه لا يوجد من يقبل أسعاره.

إذن مع وجود الطلب فإن المكان يسير في نشاطه ويربح، وبالمنطق لا تستطيع الدولة تحديد الأسعار لأنها لا تملك وسائل الإنتاج المنافسة، أو التدخل في شؤون تحقيق الربحية للقطاع الخاص، طالما كان طبقا للتراخيص المصرح بها، وليس للدولة إلا الضريبة التي يتم تحصيلها والمصروفات الأخرى مثل مقابل الكهرباء والمياه والغاز، فضلا عن الالتزام بالقوانين والإجراءات.

من يرى أن هذه الأسعار عالية فليبدأ مشروعه هناك وليحقق الأرباح التي يرى أنهم يحققونها، مما سيخلق منافسة للمكان الموجود، وبالتالي يخفض الطلب عليه، مما سيدفع أسعاره إلى الانخفاض، وهذا هو الحل لتخفيض الطلب وزيادة العرض، أما عن نشر صور فواتير لإعطاء صورة عن السوق المصري أنه كله كذلك فإنها صورة للأسف مغلوطة، والدليل أنه ما زالت الأسعار المعروفة موجودة والاختلاف فقط في طبيعة السوق المستهدف.
الجريدة الرسمية