رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

معركتنا الجديدة مع الجنرال "إعلام"!!


يعد الإعلام في العصر الحديث أحد أهم أدوات تشكيل الوعي لدى الرأي العام، وعملية تشكيل الوعي بواسطة وسائل الإعلام ليست بريئة على الإطلاق، فدائما ما تتحكم فيها مصالح القوى المسيطرة على هذه الوسائل سواء كانت قوى سياسية أو اقتصادية..


وغالبا ما تنحرف هذه القوى بوظيفة الإعلام الرئيسية، فبدلا من أن تسعى إلى تشكيل وعي حقيقي للرأي العام من خلال تصوير الواقع كما هو عليه ونقل الحقائق والمعلومات بموضوعية وشفافية، نجدها تفعل العكس حيث تسعى هذه القوى إلى تزييف وعي الرأي العام بحقيقة ما يحدث حوله سواء في مجتمعه أو إقليمه أو العالم.

وخلال السنوات الأخيرة ظهر الدور الخطير للإعلام، حيث أصبح أحد أهم الأسلحة التي استخدمتها العدو الأمريكى -الصهيونى لتنفيذ مخطط تقسيم وتفتيت المنطقة العربية، والذي عرف إعلاميا بمشروع "الشرق الأوسط الجديد" أو الكبير، في إطار ما يسمى بالربيع العربي المزعوم، وتم استخدام الجنرال "إعلام" للتلاعب بأمن واستقرار المنطقة العربية..

وخلال هذه الحرب سقطت سريعا العديد من الأقطار العربية، بفضل الجنرال إعلام الذي قام بتزييف وعي الجماهير وإيهامها بأن ما يحدث هو ثورة ستحقق لهم العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالطبع لم تجني هذه الجماهير أي مكاسب من تصديقها للجنرال إعلام غير مزيد من المعاناة، إلى جانب تخريب وتدمير مجتمعاتها، والرابح الوحيد مما حدث هو أمريكا وكيانها الصهيوني فقط عبر الثماني سنوات الماضية.

وزاد الإعلام في تضليله حين حاول تغييب الواقع الفعلي، ورسم صورة وهمية لما يحدث على أرض الواقع، ولم يستطع الإعلام الوطني في مجتمعاتنا بإمكانياته المحدودة مواجهة الآلة الإعلامية الصهيونية الجبارة، وكشف زيفها وتضليلها، بل قامت العديد من وسائل الإعلام الوطنية بالدوران في فلك الإعلام الغربي الذي يهيمن عليه اللوبي الصهيوني ويضخ به مليارات الدولارات..

ورغم مرور ثماني سنوات على هذه المواجهة إلا أن الجنرال "إعلام" ما زال يلعب دوره دون كلل أو ملل، وعلى الرغم من فشل المشروع في تحقيق أهدافه إلا أنه حتى اللحظة يسعى لتزييف وعي الجماهير بحقيقة ما يحدث على أرض الواقع، وللأسف مازالت الجماهير العربية تسمع له وتشاهده وتصدقه -خاصة على الساحات العربية، التي مازالت مستهدفة لزعزعة أمنها واستقرارها بهدف الوصول لمرحلة تقسيمها وتفتيتها.

ولم يكتفِ الجنرال إعلام بوسائله التقليدية المتمثلة في الصحافة والإذاعة والتليفزيون، بل قام بتطوير آلته الإعلامية الجهنمية الجبارة، فاستحدث أسلحة جديدة تمثلت في ما يطلق عليه وسائل الإعلام الجديدة المرتبطة بالسلاح السحري الجديد المعروف بالشبكة العنكبوتية –الإنترنت–، حيث المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك الأكثر شيوعا وانتشارا في العالم اليوم، وتويتر واليوتيوب وغيرها..

وبذلك أصبحت وسائل الإعلام ليست عامة بل خاصة، حيث أصبح لكل مواطن وسيلته الإعلامية الخاصة، وعبر هذا الإعلام الجديد بدأت عمليات تزييف الوعي للمواطن العربي الشغوف بهذه الوسائل التكنولوجية الجديدة، والتي يقضى عليها معظم وقته ولا يتركها طوال الوقت..

ففي كل مكان وزمان تجده متمسكا بجهازه السحري الذي يستقي منه كل معلوماته، حيث تتشكل رؤيته للعالم عبر هذا الجهاز السحري الصغير، وأدرك العدو الصهيوني أهمية الجنرال إعلام الجديد وتأكد أنه قد نجح في ربط المواطن العربي بهذا الساحر الجديد، فبدأ في إطلاق جيوشه الإلكترونية لتنشر بذور الفتنة وتشعل نيرانها داخل مجتمعاتنا، وبما أن طبيعة الأنظمة التعليمية داخل مجتمعاتنا قائمة على الحفظ والتلقين دون إعمال للعقل والنقد فإن أي معلومات تبث عبر وسائل الإعلام الجديد يتم التعامل والتفاعل معها على أنها حقائق مطلقة، ومن هنا ينتصر الجنرال إعلام وجيوشه الإلكترونية على المواطن العربي.

فالجنرال إعلام صنيعة أمريكية -صهيونية، يجب أن نحترس منه وندرك دوره التدميري، حيث يقوم بعملية تجريف للعقل الجمعي العربي، فالمعركة الجديدة بيننا وبين الغرب الاستعماري لاستمرار وتكريس تخلفنا قد تجاوزت الأسلحة التقليدية..

فلم يعد الاحتلال العسكري ممكنا في الألفية الثالثة، ولم تعد التبعية الاقتصادية وسيلة وحيدة قادرة على إخضاعنا وإذلالنا، ولم تعد الهيمنة الثقافية التقليدية تمارس نفس التأثير، بل تم تطوير أسلحته القديمة ومنها وسائل الإعلام التي أصبحت جنرالا جديدا في ظل الجيل الرابع للحروب، وإن لم نلتفت للجنرال إعلام ونواجهه فعلى مجتمعاتنا العربية أن تنتظر مزيد من التقسيم والتفتيت والتخريب والدمار، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
Advertisements
الجريدة الرسمية