رئيس التحرير
عصام كامل

مذكرات الفاجومي.. خدوا بالكم من نفسكم


ما صنعه «نجم» و«إمام» يستحق الدراسة بداية من الجلسات وصولًا لتلك الحالة التي يصنعانها بمجرد تواجدهما في أي مكان، هم ملح الأرض وحرافيش حوش آدم، وبتلك الخلطة وصلوا للعالمية بل وبات من الصعب أن يتم مواجهتهم بالسجن والاعتقال فما كان من أجهزة الدولة إلا اللجوء إلى حيلتها المفضلة «فرق تسد» والطعن من الخنجر.


ويبدأ الفاجومي الحلقة الأخيرة من مذكراته بالحديث عن شعبيتهم العربية، فيقول «في الوطن العربي كان اسمنا أنا و"إمام" الشجب التحتي، وفي سوريا ولبنان سمونا صوت نقمة الجماهير، وفي العراق سمونا زمجرة الغضب الآتي، ومين بقى اللي كتب عننا، فؤاد زكريا رئيس تحرير مجلة الفكر المعاصر، ومحمود أمين العالم وحسن حنفي ولويس عوض وكامل زهيري وعبد الرحمن الخميسي..

الوحيد اللي مكتبش الفلاح الفصيح فضل ساكت لحد ما المراكب اتحرقت وكشروا لنا عن أنيابهم، ولفقوا لنا قضية مخدرات حتى كتب عمود في جريدة المساء بيشد على أيدينا ويقول لنا أنا معكم، ووصلتني رسالة من "صلاح جاهين" بيقول فيها أنه سعيد بنجاحي ومنتظر يشوفني في بيته بالزمالك، وانا كنت بحب "جاهين" ومعرفش ليه لحد دلوقتي».

تلك الأنياب ظهرت بعد النكسة، يقول «نجم» «بانتهاء رمضان 1968 انتهى برنامج مع ألحان الشيخ "إمام" وبدأت النوايا تتضح أولها فوجئت بعملية تشويه متعمدة أثناء إذاعة البرنامج من صوت العرب، أحيانًا يذيعوا جزء من نص الأغنية، وأحيانًا النص الأخير وده كان مخالف لاتفاقي مع الأستاذ "رجاء"»

«واقعة تانية، إحنا كنا تقريبا بنحي حفل كل ليلة وذات صباح جالنا واحد من طرف "رجاء النقاش" وقال لنا مترتبطوش الليلادي وسألنا ليه، قال لأن في حفلة في دار الهلال، وقلنا حاضر، وبالليل رحنا دار الهلال نزلونا في بدرون فيه نحو 50 ست بملاية لف ومعاهم عيال صغيرة وبدئوا يصرخوا، وفجأة جالي "رجاء" وقالي انت مش فنان شعبي سكتهم لو تقدر وضحك ضحكة غريبة، بذلت مجهود خرافي علشان امنع نفسي من القيء» ولاحظ عزيزي القاريء أن أول من أنقلب كان أجهزة الدولة ورجالها الذين بذلوا الكثير من أجل استضافة "نجم" و"إمام"، الآن يتم تشويههم بتلك الطريقة.

ويكمل الفاجومي سلسلة التشويه والضرب من تحت الحزام، فيقول «المرحوم "عباس أحمد" سجل معانا حلقة ولما جم يذيعوها لقوها ممسوحة، وضاقت حلقة الحصار حوالينا واستحكمت واتحول الموضوع لشبه مطاردة بوليسية، هدفها تفتيت الكيان الفني المزعج اللي استعصى على الترغيب ودهب المعز، ولقيت نفسي لوحدي في حالة دفاع مستميت عن تماسك الكيان، أنا مكنتش خايف من الحكومة، لأن القطر كان فاتها ومابقتش تقدر تستفرد بينا بعد الناس ما عرفونا من خلال الإذاعة والتليفزيون والحفلات العامة والخاصة..

أنا خوفي كله كان من عبارة كل واحد حر، لذلك كنت بخاف ليخطفوا الشيخ "إمام"، تصور يا مؤمن اني ابات ليلة في امبابة عند خطيبتي أرجع الصبح ألاقي الشيخ "إمام" بيلحن إعلانات، والمرة دي مجبوش مؤلف من بره لا دا واد كان جاي مع "محمد جاد" باعتباره طبال»

في وسط تلك المعركة يختم "نجم" فصول كتابه المثير والذي استعرضناه خلال الحلقات الماضية، بهذا الموقف «في يوم حبسوني واتعرضت قدام قاضي معارضات بمبنى المحاكم ببولاق، وبعد المرافعة دخلني أوضة وقال فكوا الحديد وفوجئت بالقاضي بيقولي سمعنى بقرة حاحا، بصيت عليه لقيت قدامي وش مصري وانا لغاية دلوقتي معرفش مين هو، ولقتني بدون تردد بنشد القصيدة بكل حزن وعشق وشجن، وفوجئت بدموع القاضي نازلة على خدوده في صمت فانفجرت بالبكاء..

وبعد لحظات صمت طلع من جيبه 10 جنيه ومدهالي، وهو بيقول أنا حفرج عنكم بكفالة 20 جنيه، وأنا أقدر أساهم بالمبلغ قلت له شكرا انا معاي المبلغ، قال لي طب خد هات لي بده شريط من تسجيلاتكم قلت له احنا ما بنبعش شرايطنا أنا حجيبلك شريط هدية، قل لي أنا حفرج عنكم بس خلو بالكم من نفسكم قلتلهم خلوا بالكم أنتم من نفسكم».
الجريدة الرسمية