رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فتحي الإبياري: رمضان في الإسكندرية له طعم تاني


في مجلة "الجيل"، عام 1964، كتب الكاتب "فتحي الإبياري"، عن رمضان في الإسكندرية، يقول: "رمضان الحقيقي ليس في الليالي التي يقضيها الناس أمام التليفزيون أو المسرح أو السينما.. لكن رمضان الحقيقي موجود في الأحياء الشعبية التي تبهرها الفوانيس ويجلجل فيها صوت المسحراتي، وتعمل الأندية والتياترات، فيقول:

شيكو بيكو ينافس الخواجة بيجو.. مفيش وقت يافندى ياللا ياحضرات
الحق الشاطر حسن بطل الأبطال.. وحياة رسول الله دي أحلى فرجة
وحياة النبي أجمل الاستعراضات.. اوعى تفوتك السهرة دي يا افندي
دي سهرة العمر في رمضان.. رمضان كريم يا زباين
يتحول شارع النصر بالإسكندرية في رمضان إلى مدينة للملاهي والمسارح الشعبية.. أضواء متلألئة، وأصوات صاخبة وميكروفونات يستعملها أصحاب المسارح والساحات الشعبية لدعوة الناس للدخول لمشاهدة عجائب الزمان وسالف العصر والأوان.
إن رمضان في الإسكندرية في حي بحري، مع الفوانيس الرمضانية واللف والدوران على المحال وقهاوي المعلم زلط وأبو وردة وأبو سريع.
في هذا الحي تظهر معالم الكرم الحاتمي الخرافي، وبمساعدة الفقير، فما زال أهل الحي يقصون حكاية الحاج محمد الفحام، أو حاتم الطائي السكندري، فقد كان صاحب مطعم مشهور في شارع "أبو وردة".
كان يسد الشارع بمئتي مائدة مليئة بأطباق الفول المدمس لتكون في انتظار أي إنسان طوال شهر رمضان في الإفطار والسحور.
وكانت الفوانيس الرمضانية المضاءة بألوانها البديعة تسبغ على الشارع روحًا شاعرية ونفحة رمضانية من نفحات الشهر الكريم.. لكن مات الفحام، ولم يتبق إلا القصص التي يرويها الرواة.
أما موكب المسحراتي فهو حكاية جميلة حيث ينشد ويقول:
أنا المسحراتي جيت أطبل لكم.. حافظ أساميكم صغير وكبير
ولي عيدية عندكم كل عيد.. آجي أصحيكم وانتم نيام
وقت السحر على كل الغافلين
ياخاسر الدين.. يافاطر نهار رمضان
ماهوش كدة المسلمين... ماهوش كدة الإيمان".
أما مساجد أبو العباس وعبد الرحمن وتمراز والبوصيري، فتدار فيها حلقات الذكر طوال الليل، ومواكب الدراويش تجوب شوارع السيالة ورأس التين.
وكان أهالي بحري يسمون هذه المواكب بـ "الجلوة"، وللمواكب موسيقى خاصة تعتمد على طرق أطباق نحاسية، ويحمل دراويش الموكب أعلامًا ملونة بالأحمر والأخضر والأسود، كُتب عليها بعض آيات القرآن الكريم وكلمات وأحاديث رسول الله.
وفي الأحياء الأخرى؛ جليم أو حي اليهود أو غيرها، فليس هناك روح رمضان، هناك السكون والهدوء، فلا يمكن أن يسمع صائم في هذه الأحياء صوت مدفع أو مسحراتي لا في الإفطار ولا في السحور.
Advertisements
الجريدة الرسمية