رئيس التحرير
عصام كامل

هل تتحمل الدولة نفقات انتقال المريض والمرافق؟


التزام الدولة بأداء جميع نفقات انتقال المريض المستحق للعلاج بموجب قرار علاجه على نفقة الدولة، سواء بمفرده أو بصحبة مرافق بوسيلة انتقال خاصة من محل إقامته إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته أمرًا حتميًا ولازمًا.


- وإلزام وزارة الصحة المنوط بها إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة ومن موازنتها بأن تؤدي للمريض المستحق للعلاج مصاريف انتقال بوسيلة انتقال خاصة من محل إقامته إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته، وإذ امتنعت الدولة عن صرف هذه المصروفات فإن هذا الامتناع يمثل قرارًا مخالفًا لصحيح حكم القانون.

ونعلم جميعًا أن الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستور عام 1971 حتى دستور مصر الحالي تضمنت مبدأ دستوريًا مفاده التزام الدولة بكفالة الرعاية وتقديم الخدمات الصحية للمواطنين، وقد أكد دستور مصر الحالي الصادر عام 2014 على هذا المبدأ حيث نصت المادة 18 من هذا الدستور على أنه:

1 ــ لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل.

2 ــ تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.

3 ــ تلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم، ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ.

كما أن كفالة الرعاية الصحية وتقديم الخدمات الصحية يعد أحد أهم التزامات الدولة تجاه المواطنين، وقد تناول المشرع بالتنظيم قواعد وإجراءات نظام علاج المواطنين على نفقة الدولة، بما يضمن سريان هذا النظام على المصريين الذين لا تشملهم مظلة أي تأمين صحي أو علاجي عام أو خاص، وبعد التحقق من عجز المواطن ماليًا عن مواجهة أعباء تكاليف علاجه، ويصدر القرار بعلاج أحد المواطنين على نفقة الدولة بعد التحقق من استحقاق المواطن لهذا العلاج.

وانتقال المريض الصادر بشأنه قرار بالعلاج على نفقة الدولة من محل إقامته إلى المكان المخصص والمحدد لتلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته يمثل واقعًا لازمًا، لا يمكن فصله بحال من الأحوال عن ضرورة وحتمية تلقيه ما يحتاجه من العلاج والرعاية الطبية المقررة لحالته الصحية، والتي يكشف عنها صدور قرار بعلاجه على نفقة الدولة، ومن ثم يكون التزام الدولة بأداء جميع نفقات انتقال المريض المستحق للعلاج بموجب قرار علاجه على نفقة الدولة من محل إقامته إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته أمرًا حتميًا ولازمًا، وإلا كان تقرير أحقية المريض للعلاج دون تحمل الدولة نفقات الانتقال ضربًا من العبث بل قد يحمل تهديدًا بالخطر على حياة المريض.

كما أنه إذا كان توفير العلاج والرعاية الصحية للمواطنين على نفقة الدولة حال تحقق موجباته وشرائطه هو أمر واجب على الدولة، فإن تحمل نفقات انتقال المريض لتلقي هذا العلاج يعد أيضًا أمرًا واجبًا على الدولة، إذا ما قرر الطبيب ضرورة انتقال المريض سواء بمفرده أو بصحبة مرافق إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته بوسيلة انتقال خاصة..

وذلك طبقًا للقاعدة الأصولية التي تقضي بأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، إذ لا يتم العلاج إلا بهذا الانتقال على نحو يضمن سلامة المريض وجدوى العلاج المقدم له، وبدون إلزام الدولة بتحمل نفقات هذا الانتقال لا يمكن القول بوفاء الدولة بالتزامها بعلاج المريض الصادر بشأنه قرار علاج على نفقة الدولة.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية