رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تأثير السيسي على ترامب!


قراران مهمان اتخذتهما إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد ساعات وأيام معدودة من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي الزيارة التي وصفناها في وقت سابق في هذا المكان بأن توقيتها غريب وتنطوى على جوانب من القلق المبرر، فإذا بها، الزيارة، تقلب الصورة رأسا على عقب، وتثمر نتائج مدهشة.


القرار الأول ظهرت بشائره بعد بدء الجيش الوطنى العربي الليبي هجومه في معركة تحرير طرابلس على الميليشيات وحكومة الميليشيات المسماة بالوفاق، والمعترف بها دوليا، وعلى رأس المعترفين أمريكا وإيطاليا بالطبع. في الساعات الأولى من القتال اتصل ترامب بقائد الجيش الليبي خليفة حفتر وبارك جهوده وأعلن تأييده لعملية تطهير العاصمة من فلول الدواعش والقاعدة والإخوان! فعل ترامب ذلك رغم الموقف المخالف لوزير خارجيته.. تطهير ليبيا تأمين لحدود مصر معها.

أما القرار الثاني، ونعتبره هو الأخطر في الصراع المرير بين الدولة المصرية والجماعة الإخوانية الإرهابية، فهو الأمر الذي أصدره ترامب لمجلس الأمن القومي وللخارجية الأمريكية والبنتاجون باتخاذ إجراءات إدراج تنظيم الإخوان المسلمين على قوائم المنظمات الإرهابية. في اجتماعه مع كبار المسئولين من هذه الجهات تحفظ البنتاجون، والخارجية، لكن ترامب بلدوزر.. يمضي وفق رؤيته.

والإجراءات جارية.. لكن المهم لاحقا تصويت الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون في مجلس النواب.. ومنهم متعاطفون مع الإخوان!

ربطت صحيفة نيويورك تايمز بين اللقاء الخاص المنفرد بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب، وسرب لها مصدر وصفته بالمطلع، بأن السيسي نجح في إقناع ترامب بخطورة الإخوان وقدم الأدلة، ليس فقط على خطورتهم في الشرق الأوسط، لكن أيضا في الغرب.

أهم ما يمكن الخلوص إليه. من تقرير النيويورك تايمز أن السيسي له تأثير على ترامب وقدرة على الإقناع، وأن ترامب قال له في نهاية العرض الذي قدمه:
- هذا كلام منطقى.. It makes sense

ليس مهما كم المعلومات الآخذ في التسرب عن اللقاء المنفرد بين الرجلين بقدر الانزعاج الذي خرجت به تقارير في الواشنطن بوست والنيويورك تايمز، وتقرير مسموم في الصحيفة الأخيرة يدافع عن براءة الإخوان من الدم كتبه دافيد باتريك مراسلهم في القاهرة أيام مرسي، تحس أنه إعلان مدفوع!

مصر إذن تؤثر في الأحداث وتمسك بزمام المبادرة، وتضرب في الجذور. في السياق ذاته، لا يمكن فصل قرار ترامب عن التصريحات المباشرة التي أدلى بها الرئيس الفرنسي ماكرون منذ أيام عن خطورة الإسلام السياسي على الجمهورية الفرنسية، ورغبة الإسلاميين في بناء مجتمع مغلق طائفي. قال ماكرون إن فرنسا أخذت بالعلمانية، منذ عام ١٩٠٥، ولا ينبغي أن نخفى أنها جمهورية علمانية ولكن الإسلاميين يميلون للانفصال ويتجهون إلى تبنى نزعة طائفية.

وطالب حكومته بأن تكون شديدة المراس في التعامل مع هذه النزعة، وقال: "الإسلام السياسي يريد أن ينفصل عن جمهوريتنا.. نحن نتحدث عن أناس، يسعون باسم الدين نحو مشروع سياسي"، ودعا إلى اتخاذ إجراءات لمراقبة الأموال الواردة من المنظمات الخارجية لتمويل جماعات الإسلام الانفصالي في بلاده.

مصر وباريس وواشنطن متفقون إذن على خطورة التمدد السياسي للمتأسلمين في البنية الثقافية والاجتماعية والسياسية والإعلامية والخيرية في النسيج الغربى.. يسمونه الغزو الهادئ الصبور. يتبقى جحران عميقان يلبد فيهما الإخوان: لندن، وألمانيا.. وفيهما مشروعات واستثمارات إخوانية هائلة.

الصدام مع تركيا الإخوانية لم يحتج لقرار ترامب لأنه صدام قائم بسبب توجهات تركيا نحو روسيا وصفقات التسليح وتباين الموقف الأمريكي التركي من الأكراد.

بالطبع الإخوان موجودون رسميا في الأردن وفي المغرب وفي تونس.. ومصر جرمتهم وكشفت عن ألويتهم المسلحة وسوف يترتب على تصنيفهم إرهابيين منع دخولهم الولايات المتحدة ومنع البزنس معهم وتوقف أحوالهم وأموالهم، توضع في التجميد، وتجريم من يتعامل معهم، ومنع المساهمات المالية إليهم ومراقبة منشآتهم وأنشطتهم وإعلامهم.

حزمة متنوعة من العقوبات تضرب في سويداء القلب من المنظمة الإرهابية الخائنة لأي مجتمع يأويها ويطعمها. هذا ما نجحت فيه السياسة الخارجية المصرية يقودها بذكاء ودهاء الرئيس عبد الفتاح السيسي.. دهاء الرجل يضعه موضع الدرس والفحص والمتابعة في الإعلام ودوائر المعلومات.. ودهاء الرئيس يضعه في مرتبة عالية مع داهية مصر الأول البطل الشهيد أنور السادات.. مصر رقم فاعل في السياسة الدولية.. لمصلحتها وليس لحساب الغير.
Advertisements
الجريدة الرسمية