رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فاض الكيل يا تجار مصر الشرفاء! الشرفاء


الإرهابي يقتل الجسد، ويسلب الروح، ويهدد الأمن، والتاجر الجشع يسرق القوت، ويسلب الجيوب، ويهدد الأمان، ويفشي الكآبة، ويشيع السخط على الحكومة!


في سرقة الأمان وتهديد الأمن وتخويف الناس وتسخيطهم على الحكومة، يشترك الإرهابي والتاجر اللص في مقعد واحد! وما أكثر التجار اللصوص في مصر الآن.

الإرهابي أنت تعرفه، والدولة ترصد وتتابع وتحارب، ربما يباغتك في شارع بقنبلة ناسفة، لكنك كمواطن لا تتعامل معه في الصباح وفي الظهيرة وفي المساء. هو لا يبيع لك الفاكهة ولا الخضراوات. ولا اللحوم ولا البيض.. إلى آخره.. إلى آخره.

التاجر اللص موجود أمامك، في المتجر، يبيعك ما لا يمكنك الاستغناء عنه.. الطعام. تجده يبيع بسعر وفي مكان آخر بسعر وفي ثالث بسعر، وهو واقف أمامك محترم ملء هدومه، لكنى أبدا ما رأيته سوى لص. وفي أحد الكافيهات، طلبت وقت البرد القارص كوب سحلب، فجاءني بكوب مسحوب ممصوص، كالقرطاس المقلوب، وفيه سحلب، وشفاطة!

سحبت السحلب بالشفاطة في شفطتين. الحساب يا عمنا؟

أربعون جنيه يا باشا!

قلت في حنق وأنا أنظر إلى الشاب مليا: "أنا مش باشا.. أنا بتسرق! اسمع يا بنى أنا عارف إن مالكش ذنب في الكلام اللي حتسمعه منى بعد ثواني".

بهت الشاب.. فقلت: "إنت شغال عند حرامي.. قل له كده لما تكون كوباية سحلب بـ ٤٠ جنيه يبقى راجل حرامي"!

ورميت الأربعين جنيها وأنا أهتف بصوت عال: حار ونار..

طبعا زوجتى صعقت وأقسمت أنها لن تخرج معى أبدا بعد هذه الواقعة. وتخرج... وأتخانق من جديد.. وأعتبر من يبيعنى زجاجة الماء الصغيرة بـ ١٧ جنيها لصا أنجبه لص!

قس على ذلك فنجان قهوة تشربه بالثلاثين والأربعين، وبقشيش على وقع المزيكا التصويرية للجرسون.. كل سنة وانت طيب معاليك، وتدفع وتكع، تخرج لتأخذ سيارتك أو تركنها، تستقبلك بلطجة مغلفة بالتبريكات والانحناءات، وأقل من عشرة جنيه يتحول المتمسكن إلى رداحة!

ناهيك عما يباع في محال متخصصة في الملابس التركي والأحذية المستوردة..

أسعار تطيح بصواب الملائكة لو تسوقوا..

وبطبيعة الحال، فإن الأيام المباركة الحالية هي المناخ الطبيعى لامتصاص دم الشعب، والاستيلاء على الفلوس التي اقترضها الناس على حس ما ستصرفه لهم الدولة أول يوليو القادم. أي زيادة تطرأ بطلوع الروح على مرتبات الناس يعتبرها التاجر المصرى حقه الطبيعي الواجب نهبه!

فاض الكيل يا تجار مصر الشرفاء حقا. التاجر اللص إرهابي وحرامي في نظر القانون والناس.. لكن ليس العيب عيبكم طول الوقت.. يرى الشعب أن الحكومة تتعامل مع لصوص التجار بلطف وتحمل لهم منشآت الذباب وتعطر لهم الجو، هي لا تحميهم، لكنها لا تمنعهم عنا. في ذلك هي تشارك في إشاعة السخط عليها.. وتسلم المال الذي أضافته إلى السادة اللصوص من التجار.

السؤال الذي يتردد طول الوقت: طب فين الحكومة.. سايباهم علينا ليه؟ الحقيقة هو سؤال وجيه: أنتم ساكتين على التجار ليه؟ ليكم مصلحة؟ حاشا لله!

نصدقكم.. لكن افعلوا شيئا لردع مصاصى دماء الشعب.
تنزل الأسعار في الدنيا وترتفع وتنزل إلا عندنا.. تطلع وتطلع وتطلع ساحبة معها أروح المواطنين إلى بارئها!
أيرضيك هذا الوضع يا دكتور مصطفى مدبولي ؟
Advertisements
الجريدة الرسمية