مذكرات الفاجومي.. إمبراطورية حوش آدم
"حوش آدم" يكبر ويصبح قبلة لكل الباحثين عن الفن، "نجم" و"إمام" يصعدان بقوة الصاروخ، يخرجان من القمقم إلى العالم الواسع، بنظرة "أحمد فؤاد نجم" فإنها فترة إزدهار، يقول: «كل يوم كنت بتمكّن من صنعة الشعر أكتر؛ لأني كنت بفهم أكتر من خلال الاحتكاك بالشباب المثقف، وزي كل شاعر بيخلف قصايد أنا خلفت قصايد من اللي تزعل السلطان وتفتح باب اللُمان، وكلب الست هي البكرية، أنا طول عمري من دراويش الست أم كلثوم، وفي يوم طلعت علينا الصحف بخبر عجيب بيقول حفظ التحقيق في قضية كلب أم كلثوم وبعد كده حيثيات عجيبة».
ويكمل أول قصيدة سياسية جلبت له الكثير من المشكلات بعد ذلك، والأهم أنها دفعت بالفاجومي لمعترك السياسة «الحكاية أن طلبة معهد التربية بالهرم كانوا عاملين يوم رياضي في كلية الفنون الجميلة بالزمالك وبعض الطلبة راحوا بعربياتهم وبعضهم موتورجل، الإخوة الموتو رجل فايتين قدام فيلا أم كلثوم وإذا بكلبها العزيز المدلل ينط من ع السور يبقى في الشارع وينشّن على أفقر طالب "إسماعيل خلوصي" ويروح ناطط في كرشه مبعتره بدون سابق معرفة، وبكده يبقى مشروع عمّكو اتدمّر تماما لأن المفروض أبو السباع حيتخرّج مدرس ألعاب رياضية لكن بعد العاهة المستديمة اللي تخلفت عن الهجوم الكلبي مبقاش ينفع لا طبلة ولا طار»
«ويبدو إن "إسماعيل" كان مصدق الحدوتة زي حالاتي فخطف رجله على نقطة كوتيسكا في الزمالك وحرر محضر الواقعة، ويبدو كمان إن الظابط الشاب اللي كان في النقطة كان مصدق فعمل المحضر اللازم وحوله للنيابة العامة وحول الطالب للقومسيون العام للكشف عليه وإثبات الإصابات، وإذا بالمفاجأة تتفجر أمام وكيل النيابة بعد معرفة شخصية «العاضض» وبدأت التليفونات وكان ممكن مكتبش عن الكلب لولا الصحفجية وهما مصورين الولد وهو بيقول أنا سعيد لأن اللي عضني كلب أم كلثوم قلت لا بقى مبدهاش وكتبت»
لم يكتب "نجم" عن آثار القصيدة وتوابعها وقد أعلن منذ اللحظة الأولى أن مذكراته لن تكون أسيرة الزنازين والقصائد، لذلك ينتقل إلى مرحلة الخروج من القمقم وعلاقته بالإذاعة المصرية «أنا من خلال معرفتي بـ"إمام" عرفت أنه مجامل لدرجة النفاق أحيانا وكان عنده موقف من الإذاعة بسبب أنه راح يختبر ملحن وأنا مش عارف يعني إيه يمتحن ملحن، المهم قعد ومعجبوش الوضع فسأله مدير اللجنة انت بتشرب حشيش قاله أيوا قال له بطل وتعالى، قال له أنا لا هبطل ولا هاجي»
أما معرفة "فؤاد قاعود" فيسردها الفاجومي « قابلته في أوضة رسامين صباح الخير كنت قاعد مع الرسام "ناجي كامل" ودخل علينا وقال لي ناجي وآدي يا سيدي الراجل اللي انت متشوق تشوفه الشاعر "فؤاد قاعود"، فزيت منتور على حيلي وانحدفت عليه وسلمت بحرارة وكمل "ناجي" باقي التعريف ونزلنا قعدنا على قهوة جنب "روز اليوسف" وسمعته قصايدي وبدأ يسمعني قصايده وكان ليها طعم تاني وافترقنا على وعد باللقاء بعد ما حكيت له عن تجربتي مع "إمام"، ورجيته يشرفنا بالحضور، ولقيت حوش آدم بقى فيه "فؤاد قاعود" و"ناجي كامل" و"علاء الديب" و"محيي اللباد"»
«دبت في المكان روح جبارة واتسعت الدايرة وزاد عدد المريدين وبدأت أجهزة التسجيل تبقى جزء من الديكور، ونتعرف كل يوم عن ناس جدد وأصبح "فؤاد قاعود" من سكان المنزل وبذل جهد لإقناع شقيقه الأكبر على سماع الشيخ "إمام"، وطول القعدة عيني منزلتش من عليه، وبعد ما خلصنا قال جملة واحدة، ده شيء محترم وفي يوم كنا بنلحن كلام جديد ل"فؤاد" وأبديت ملاحظة واقترحت على الشيخ "إمام" حاجة، فرد عليا "فؤاد قاعود" بغلظة اسكت انت، بصيت على وش "إمام" ملمحتش أي تغيير وقررت السكوت، نحو سنة كاملة عايشين مع بعض ناكل ونشرب وننام لكن ساعة الغنا بسكت»
الطريق إلى 5 يونيو لاح في الأفق، يصف نجم كل شيء بالتفصيل «كنا قاعدين في أمان الله، الحر عاجن الناس وفجأة طلعت علينا الصحافة بمانشيتات ملتهبة، إسرائيل تحشد حشودا على حدود سوريا، ويا نهار زي بعضه يا جدعان، يا ترى الريس هيسكت، يسكت ازاي يا جدع دي سوريا، حقه كله إلا سوريا، وفعلا هنا القاهرة قالها المذيع بلهجة خطيرة بعد ما قطع الإرسال فجأة، وكان خطاب موجه من خطاب جمال عبد الناصر، للأمم المتحدة بيقول ما معناه أن العيال بتوع البوليس الدولي يتكلوا على الله وسيبونا إحنا وإسرائيل نخلص مع بعض»
«أنا عن نفسى كنت عارف القاهر والظافر والميج، وما إلى ذلك وكنا بنشوفهم في العرض يوم 23 يوليو من كل سنة وما بالك لما كل ده ينزل على دماغ إسرائيل، والناس اتشحنت في الشوارع والبيوت، وزي عادة المصريين الطيبين كل واحد نسي مشاكله الخاصة وانغرز لشوشته في مشكلة الوطن، والشيخ "إمام" بدأ يهيأ نفسه لإقامة أول حفلة في فلسطين المحررة، وانا كان رأي نعملها في تل أبيب، وانتشرت الملصقات في الشوارع "إسرائيل إلى البحر"، "في خليج العقبة كسر الرقبة"، وحاجات من هذا النوع واشتغل مطبخ الأغاني في عزبة ماسبيرو ولأن الكلام ماعليهوش جمرك، اتفتحت عليها ماسورة الأغاني»
الحلقة المقبلة : أول بيان حربي من حوش آدم
